الكتل السياسية "تستغل" الفراغ الدستوري في المحافظات لـ"نهب" ما تبقى من موازناتها!
يبدو أن الكتل السياسية في مجلس النواب حين "سكتت" عن قيام رئيس الحكومة حيدر العبادي بتأجيل انتخابات مجالس المحافظات إلى أيلول المقبل، كانت تخطط لاستغلال "الفراغ الدستوري" الذي تعيشه الحكومات المحلية لصالحها، لكي تتولى إدارة المحافظات ليس حرصاً على تقديم الخدمات بل لـ"الاستحواذ" على ما تبقى من موازناتها هذا إن بقي منها شيء.
منذ تاريخ الـ20 من نيسان الماضي، دخلت الحكومات المحلية فراغاً دستوريا وقانونياً للمرة الاولى منذ تأسيسها 2003، نظراً لانتهاء ولاية مجالسها، ويقف مجلس النواب موقف المتفرج، ورغم تحديد ايلول المقبل كموعد لإجراء الانتخابات المحلية، إلا ان المعطيات السياسية والقانونية واللوجستية تحول دون اجراء الاقتراع المحلي في تاريخه.
وكمخرج قانوني للفراغ الدستوري، تقترح اطراف برلمانية اصدار قرار يمكن مجلس النواب من ادارة شؤون المحافظات بدلا من مجالسها المحلية.
لكن لجنة الأقاليم البرلمانية تؤكد ان البرلمان سيناقش هذا الفراغ الدستوري خلال جلساته المقبلة، معتبرة ان تمديد عمل المجالس المحلية امر متروك للسلطة التشريعية.
بدورها تشدد اللجنة القانونية على عدم جواز تعديل مضمون قانون مجالس المحافظات بقرار من البرلمان، لكنها تؤكد في الوقت ذاته ان جميع قرارات المجالس المحلية "عرضة للطعن امام المحاكم المختصة".
ويؤكد مقرر لجنة الأقاليم والمحافظات النيابية رسول أبو حسنة، ان "مجلس النواب سيناقش الوضع القانوني والدستوري للمجالس بعد انتهاء ولايتها في نيسان الماضي"، مضيفا ان "البرلمان سيمنح الحكومات المحلية الغطاء الشرعي من خلال التمديد لها لحين اجراء الانتخابات".
واوضح ان "مجلس النواب سيبت بالموقف من الحكومات المحلية التي أصبحت غير قانونية ولا دستورية "، مؤكدا "وجود قرار مقدم من بعض النواب يتحدث عن سد هذا الفراغ الدستوري لمجالس المحافظات".
في موازاة ذلك، يقول عضو اللجنة القانونية فائق الشيخ علي، ان "مجلس النواب يستعد لإصدار صيغة قرار تمنحه حق التكفل بإدارة شؤون المحافظات بدلا من مجالسها المحلية التي انتهت فترتها القانونية في العشرين من شهر نيسان الماضي".
ويرى ان "مجالس المحافظات سلطة تشريعية في داخل محافظاتها والبرلمان سلطة تشريعية لكل الدولة العراقية".
وتنص المواد (4 - 6) من قانون مجالس المحافظات على ان "مدة الدورة الانتخابية للمجالس، أربع سنوات تقويمية، تبدأ بأول جلسة لها، وتنتهي العضوية بصورة تلقائية بعد اكمالها لأربع سنوات تقويمية تبدأ من يوم المصادقة على نتائج الانتخابات".
وتابع عضو اللجنة القانونية بالقول ان "التشريعات في المحافظات نحن من يقوم بها في الفترة المقبلة ولحين اجراء الانتخابات المحلية وتشكيل مجالس جديدة على وفق القانون الجديد"، مشيرا الى ان "هذا الطلب قدم من قبل النائب رياض غريب عن ائتلاف دولة القانون وسيقرّ قريبا داخل مجلس النواب".
وكانت الحكومة السابقة قد حددت في 30 تشرين الأول 2012، تاريخ الـ20 من نيسان 2013، موعداً لإجراء انتخابات مجالس المحافظات غير المنتظمة بإقليم.
وتنص المادة (46/أولا) من قانون مجالس المحافظات النافذ لسنة 2013 على أن "يحدد موعد الانتخابات بقرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات يعلن عنه بوسائل الإعلام المختلفة قبل الموعد المحدد لإجرائه بـ 60 يوماً".
وتشير الفقرة ثالثا من المادة ذاتها الى انه "في حالة تأجيل الانتخابات تستمر مجالس المحافظات والاقضية والنواحي في إدارة شؤونها لحين انتخاب مجالس جديدة".
وحدد رئيس الوزراء حيدر العبادي، خلال الأشهر الماضية الـ16 من أيلول المقبل موعدا لإجراء انتخابات مجالس المحافظات في عموم البلاد.
وبدوره يؤكد عضو لجنة المحافظات والأقاليم النيابية احمد البدري، ان "المادة 46 من قانون انتخابات مجالس المحافظات النافذ واضحة ولا تحتاج إلى تأويل"، لافتا الى ان "هذه المجالس ستستمر في أعمالها لحين اجراء الانتخابات في أيلول المقبل".
واضاف ان "قرار مجلس الوزراء الذي حدد موعد انتخابات مجالس المحافظات بشهر أيلول المقبل يفرض على مجلس النواب اصدار قرار يمنح القرار الحكومي الصفة الشرعية".
ولفت عضو كتلة دولة القانون الى ان "مجلس النواب سيصدر قرارا لمنح مجالس المحافظات الاستمرار في أعمالها"، متوقعا "تقديم هذا القرار للتصويت في الجلسة البرلمانية المقبلة لإضفاء الصفة الشرعية على هذه المجالس التي انتهت ولايتها".
من جانبه يوضح عضو اللجنة القانونية حسن الشمري، ان "مجالس المحافظات اصبحت غير دستورية ولا قانونية بعد نهاية اربع سنوات تقويمية التي اشار لها قانون رقم 21 لمجالس المحافظات".
وبين ان "القانون لا يتضمن حالة تصريف اعمال في فقراته بهدف سد الفراغ الدستوري في حال انتهاء ولاية مجالس المحافظات"، معتبرا ان "الحل الأمثل لمعالجة هذا الفراغ الدستوري يتمثل بالإسراع في تشريع قانون انتخابات مجالس المحافظات والعمل على تمديدها".
وصوّت مجلس الوزراء، نهاية العام الماضي، على قانون انتخابات مجالس المحافظات، وأرسله الى مجلس النواب بهدف إقراره تمهيداً لإجراء الانتخابات في وقت لاحق من عام 2017.
وأرجأت الخلافات بين مكونات كركوك التصويت على قانون الانتخابات المحلية لاكثر من مرة، بالاضافة الى خلافات نشبت بين الكتل حول عمر المرشح والشهادة الدراسية والنظام الانتخابي.
ويعلق النائب حسن الشمري على تبني البرلمان لإصدار قرار لمعالجة هذا الفراغ الدستوري، بالقول "لا يجوز إصدار صيغة قرار لتمديد أعمال المجالس المحلية على اعتبار انه لا يمكن تعديل قانون بقرار يصدره مجلس النواب"، مضيفا ان " القرارات التي تتخذها مجالس المحافظات بعد نهاية ولايتها كلها عرضة للطعن امام المحاكم المختصة".