شعراء صدام حسين.. هل "ستنصفهم" الحكومة الحالية؟
العراق/بغداد
بعيدا عن السياسية، بات كل شيء يرتبط بصدام حسين "منبوذا"، وإن كان في مجال الأدب أو السينما أو حتى الأمور الاجتماعية الأخرى، هذا الملف "الشائك" لم يفتح طوال 14 عاما مضت، وبقي أدباء العراق الذين ارتبطوا بالنظام السابق أو من كانوا على رأس المؤسسات الثقافية، محور جدل دائم، كما بقوا خارج العراق، مع وجهات نظرهم تجاه العراق المختلفة، لكن الأهم، هناك من يطالب بـ"إنصافهم" كونهم حملوا أسم العراق عربيا وقدموا نتاجات غزيرة ومهمة في الشأن الثقافي العراقي، رغم تقربهم من صدام حسين.
مؤخرا أثيرت قضية الشاعر والكاتب حميد سعيد، الذي يعد من أبرز شعراء جيل الستينيات، لكنه بصورة أو بأخرى، أرتبط بالنظام السابق من خلال عمله في المؤسسات الثقافية وتقربه من صدام وعدي.
أصوات ثقافية عدة طالبت بـ"الإنصاف" وفي المقابل ظهرت دعوات مخالفة، عادة حميد سعيد وكل أديب كان له دور في حقبة قبل 2003، بأنهم ساهموا بتركيز نظام صدام وديكتاتوريته من خلال المدح وتنفيذ ما يأمر به، بل وزادوا على ما يطلب منهم وأساءوا للشعب قبل أنفسهم!!.
الحقبة "الصدامية" أدت آثارها لتدمير الكثير من الشخصيات الثقافية، فهناك العشرات من الأدباء والإعلاميين، الذين مدحوا وكتبوا من أجل "المكافأة" أو من أجل أن "يَسلم على نفسه وعائلته"، وهناك من كتب من ذاته، وهذا أيضا يمثل وجهة نظره في ذلك الوقت.
"المحاكمة الثقافية" التي بدأت بوادرها ينبغي أن تكون بصورة دقيقة ومهنية وموضوعية، وليس منشورات على الفيسبوك، فمثلا عبد الرزاق عبد الواحد، بقي خارج العراق وأصر على موقفه تجاه نظام صدام، وتوفي هناك، رغم أنه يعد من أهم شعراء العراق، وعند وفاته نعته أغلب المؤسسات الإعلامية العراقية، ونشرت نبأ وفاته بصورة عاجلة، كون يمثل واجهة ثقافية للعراق، رغم مواقفه السياسية.
رعد بندر من جانبه، أختار أن يكون الخليج ملاذه الآمن، وبقي في أبو ظبي بعد 2003، واستقر هناك، بعد أن هدد بالقتل هو وعائلته بعد سقوط صدام بأيام، وخرج هاربا بـ"بليلة ظلمة".
هذه الشخصيات "الإشكالية" التي اختارت التقرب من النظام الحاكم لأسباب كثيرة وربما شخصية بحتة، باتت تعاني في العراق الحالي، رئيس الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق ناجح المعموري، طالب الحكومة الحالية بـ"إنصاف" حميد سعيد، وهذا ما أثار موجة كبيرة من الردود، إضافة إلى أن الشاعر والإعلامي جواد الحطاب، تناول موضوع سعيد بـ"ودية"، فحميد، على ما يبدو بحاجة إلى "الإنصاف" كونه من رموز العراق الثقافية، وأنه يعاني ما يعانيه خارج البلد.
رعاية الدولة للمبدعين، كانت وما تزال ضرورة، وهذا الأمر في كل بلدان العالم، والجميع ينفذه ويحتفي ويقدم الرعاية المطلوبة لمبدعي بلده، كونهم الأسماء التي رفعت أسمه وممكن أن يفخر بهم، لكن امتداد نظام حكم على مدى 35 عاما، أدى إلى تشويه هذه المفاهيم، وأصبح الاحتفاء يتطلب مراجعة صحف "الجمهورية والثورة وبابل"!!.
فهل ستكون الحكومة العراقية الحالية، مستعدة للخوض بهذا الملف؟ أو هل ستخطوا وتنصف من هو بحاجة إلى مساعدتها من أدباء "صدام"، أم ستتخذ موقف الأدباء الرافض لهذا الإنصاف، وتهملهم؟.
سياسيا..
الموضوع مختلف كثيرا في الشأن السياسي، وكان مطلع التقرير، "بعيدا عن السياسة" كون الكثير من الشخصيات السياسية السابقة وأعضاء حزب البعث، أعيدوا للعملية السياسية الحالية، وباعتراف المسؤولين، الذين أكدوا أن هناك الكثير من "البعثية" عادوا للعمل السياسي، فضلا عن الوثاق التي تشير إلى عضوية الكثير من "حكام البلد الحاليين" في حزب البعث وأنهم كانوا بدرجات متقدمة جدا.
هذا الأمر لم "يثر" اهتمام أحد، وبقي مسكوت عنه، كون هذه الشخصيات تعمل في المنطقة الخضراء بـ"الخفاء"، وهذا على ما يبدو هو المطلوب، أن يكون العمل "سرا"، أي أن تحتفي بالمقربين من صدام "سرا" ولا تعلن عن ذلك.
السياسيون استقبلوا ومنحوا رواتبا، لكن المثقفين يجب أن تتم "محاكمتهم" وإبعادهم عن منازلهم وأرضهم "واهانتهم"، وكأن المرحلة الحالية لم تشهد ظهور عشرات الشخصيات الإعلامية والثقافية، المقربة من السلطة و"تطبل" للسياسيين؟، يا ترى كيف سيتم التعامل مع هؤلاء بعد 40 عاما؟.