اخبار العراق الان

موقع الماني: كيف تتسلّل "عجلات الموت" إلى بغداد؟

موقع الماني: كيف تتسلّل
موقع الماني: كيف تتسلّل "عجلات الموت" إلى بغداد؟

2017-06-09 00:00:00 - المصدر: الزمان برس


على رغم آلاف الجنود وعشرات الخطط العسكرية وأجهزة الكشف عن المتفجرات انفجرت خمس سيارات مفخخة في مناطق الدورة والكرادة والشواكة خلال ايام قليلة أوقعت عشرات القتلى والجرحى. لم تكن التفجيرات مفاجئة، فتنظيم "داعش" وقبله "القاعدة" غالبا ما يستغلون رمضان لتنفيذ "غزوات رمضان".

العام الماضي وفي شهر رمضان أيضاً نفذ "داعش" تفجيرا هو الأكبر في البلاد بعد 2003 عندما استهدف مبنى تجاريا كبيرا في منطقة الكرادة قلب العاصمة وأسفر عن مقتل 300 شخص، كان وقع الحادثة قاسيا وحزينا على العراقيين لأشهر.

ورغم إدراك الجميع أن شهر رمضان موسم التفجيرات المفضل للمتطرفين إلا ان قوات الامن العراقية فشلت في منعها هذه المرة أيضاً، وعادت الانتقادات لخطط الامن وفشل اجهزة الكشف عن المتفجرات والكاميرات لتكون حديث السياسيين والمواطنين، والسؤال الكبير، كيف يمرر الإرهابيون السيارات المفخخة عبر العشرات من نقاط التفتيش؟.

"انهم يطورون وسائلهم في كل مرة، ويأخذون في نظر الاعتبار تفاصيل دقيقة لتمرير العجلات المفخخة عبر محافظات ومناطق بعيدة وصولا الى أهدافها"، الحديث للنقيب في وزارة الداخلية أكرم الزبيدي، ويقول للموقع الالماني "نقاش"، إن "التفجيرات الأخيرة دليل على هزيمة الإرهابيين، عادوا الى إستراتيجية التفجيرات بعدما خسروا السيطرة على مدن صلاح الدين والأنبار وأخيرا في الموصل".

الزبيدي الذي اشرف على التحقيق مع ارهابيين تم القاء القبض عليهم قبل تنفيذ عمليات تفجير، يقول "لدينا معلومات مثيرة بشأن تكتيكاتهم، ومثلا فان التفجيرات قبل سنوات كانت تتم عبر استخدام سيارات قديمة تعود صناعتها الى عشر سنوات او اكثر، ولهذا فان نقاط التفتيش تخضع مثل هذه السيارات الى التفتيش".

ولكن الارهابيين في الآونة الاخيرة يستخدمون سيارات حديثة الصنع وغالية الثمن ولهذا لا يخطر على بال الجنود في نقاط التفتيش أن تكون هذه السيارات مفخخة لأنها غالية الثمن ولا يخضعونها للتفتيش، وفقا للزبيدي.

الأسبوع الماضي طبقت قوات الأمن المنتشرة على جسر الجادرية الرابط بين جانبي الكرخ والرصافة إجراءً امنيا أثار استهزاء السكان على مواقع التواصل الاجتماعي، اذ منعت نقاط التفتيش مرور العجلات تكسي نوع "النترا" من عبور الجسر باتجاه الرصافة، والسبب لان السيارة المفخخة التي انفجرت في الكرادة قبل أيام كانت من هذا النوع.

أما اغرب التكتيكات التي سمعها النقيب الزبيدي عبر تحقيق سري حول تفجير جرى في بغداد قبل أسابيع، فان الانتحاريين الذين يركبون العجلات المفخخة يتحايلون على نقاط التفتيش بطرق عدة، ومثلا يعلم الجميع ان "داعش" يعتبر الطائفة الشيعية كفارا يجب قتلهم، ولكن الانتحاريون او ناقلو السيارات المفخخة يضعون صورا لرجال دين شيعة على الزجاج الامامي للسيارات او قطعة قماش خضراء ملفوفة على جانب مرآة السيارة لإيهام الجنود عند نقاط التفتيش بانهم من الطائفة الشيعية ولهذا لا تخضع في الغالب للتفتيش.

ومن الحيل الأخرى، يحاول ناقلو السيارات المفخخة إلقاء السلام بحرارة على الجنود، والحديث معهم بلهجة شعبية جنوبية، فيما يستخدم آخرون بطاقات تعريفية مزورة على انهم ضباط في الجيش او الشرطة او "الحشد الشعبي" او موظفين في هيئات حكومية عليا، ويخشى بعض الجنود تفتيش عجلاتهم خوفا من العقوبة، وهذه الحيلة هي الأكثر شيوعا، الكلام للزبيدي.

وطبقا لبيان رسمي صدر عن رئيس لجنة الامن والدفاع في البرلمان النائب حاكم الزاملي فان السيارة التي انفجرت في بغداد الاسبوع الماضي جاءت من بلدة القائم الحدودية في الانبار، اي ان السيارة قطعت مسافة (350) كلم  ومرت عبر العشرات من نقاط التفتيش المنتشرة على هذا الطريق الطويل حتى وصلت الى قلب العاصمة.

أجهزة الكشف عن المتفجرات

إذا كانت حيل المتطرفين تخدع الجنود المتعبين من وقوفهم لساعات طويلة في نقاط التفتيش، كيف تمر العجلات المفخخة عبر أجهزة الكشف عن المتفجرات المنتشرة عند مداخل العاصمة وفي الشوارع الرئيسية؟، كما ان كاميرات المراقبة تغطي جميع أحياء العاصمة ومربوطة على شبكة الانترنيت في قيادة مركزية.

تنتشر في بغداد نوعان من اجهزة الكشف عن المتفجرات الاول هو جهاز "الرابسكان" وهي عجلة كبيرة توضع بجانب نقطة التفتيش وتمر بجانبها العجلات المارة عند مداخل العاصمة لفحصها عبر السونار، اما الثاني فهو "صقر بغداد"، وهو جهاز تعريفي يقوم بتسجيل معلومات كل سيارة تمر عبر نقاط التفتيش من خلال شريحة الكترونية توضع على زجاج السيارة وزعتها قوات الامن على الاهالي قبل اشهر مقابل اموال، اما في بعض نقاط التفتيش في الشوارع المهمة يتم الاستعانة بالكلاب البوليسية.

عضو اللجنة الامنية في مجلس محافظة بغداد سعد المطلبي يقول ان "فشل العامل الاستخباراتي وراء التفجيرات الأخيرة، فأجهزة الكشف عن المتفجرات قد تتعطل في اي لحظة، والجنود يتعبون لوقوفهم الطويل في نقاط التفتيش، ولكن يجب حل المشكلة من جذورها عبر الكشف عن مخططات الارهابيين قبل حدوثها".

ويدعو المطلبي الحكومة الى إعادة النظر في خطط امن العاصمة، عبر التقليل من نقاط التفتيش وتكثيف الجهد الاستخباراتي للوصول الى الخلايا النائمة والمضافات السرية داخل المدن الامنة بدلا عن الانشغال بوضع حواجز كونكريتية ونشر نقاط تفتيش بلا فائدة.

وتعتبر بغداد بلا حدود واضحة وتفتقر الى أسوار أمنية محصنة، ومن سوء حظ العاصمة ان حدودها الجغرافية ذات طابع زراعي ترتبط مع أربع محافظات هي الأنبار وبابل وصلاح الدين وديالى، ويستخدم المسلحون المساحات الشاسعة من المزارع أماكن للاختباء والتخطيط لشن هجمات على مركز العاصمة.

ولحل هذه المشكلة قررت الحكومة في شباط 2016 بناء سور امني حول ضواحي بغداد يتضمن وضع حائط من الحواجز الكونكريتية يعلو ثلاثة أمتار وبجانبه خندق بالعمق نفسه، في محاولة جديدة لتأمين بغداد، ولكن الفكرة لم تنفذ.

وفي 17 أيار الماضي، أي قبل أيام قليلة من موجة التفجيرات الأخيرة، أعلن مدير عام الشركة العامة للنقل البري عبد الأمير المحمداوي عن إنجاز الشركة المشرفة على العمل لمراحل متقدمة في بناء سور بغداد الأمني بالتنسيق مع قيادة عمليات بغداد.

صراع سياسي

ولكن سكان العاصمة لهم رأي آخر عن اسباب التفجيرات، ويتهمون السياسيين بالمسؤولية عنها ولا تخلو مواقع التواصل الاجتماعي عن نقاشات تتضمن اتهام الأحزاب بالتفجيرات، ويقول سلام الربيعي صاحب أسواق تجارية في منطقة الجادرية وسط بغداد، "القضية واضحة فالتفجيرات نتيجة صراع بين الأحزاب، كلما اندلعت أزمة سياسية تعقبها تفجيرات، نحن على هذا الحال منذ 14 عاما".

ويتساءل الربيعي "كيف يمكن ان تمر سيارات مفخخة من أماكن بعيدة الى قلب العاصمة بغداد التي تعج بالجنود والشرطة والحشد الشعبي والاستخبارات، لا بد أن هناك مسؤولين وضباطا كبارا متورطين في التفجيرات".

في اجتماع طارئ عقدته كتلة "التحالف الوطني" بحضور رئيس الوزراء حيدر العبادي، اصدر المجتمعون بيانا اعتبر فيه ان "امن بغداد خط احمر ويجب ابعاده عن التنافس السياسي"، فهل هو اعتراف من اكبر تحالف برلماني في البلاد ان الصراع السياسي وراء التفجيرات؟.

موقع الماني: كيف تتسلّل