"استنزفت" 45 مليار دولار وما زالت في "أسوأ" حال.. من يحل "اللغز المحير" للكهرباء؟
العراق/ بغداد
14 عاماً مضى وأكثر من 45 مليار دولار صرفت على الكهرباء وما زال وضعها من سيء الى أسوأ، هذا اللغز المحير ما زال مستعصيا على الحل بالرغم من أن تعاقب سبعة وزراء على هذه الوزارة، إلا أن أحدهم لم ينجح في تحسين واقع الطاقة الكهربائية.
ويبدو أن كل الاعذار التي تضعها وزارة الكهرباء لم تعد تقنع المواطن لشدّة معاناته من سوء هذه الخدمة خاصة مع حلول فصل الصيف الذي تتجاوز درجات الحرارة فيه الـ50 مئوية، في وقت يتهم وزير الكهرباء قاسم الفهداوي وزارة النفط الإيرانية بالمسؤولية عن عدم تحسن واقع منظومة الكهرباء الوطنية في العراق، بسبب تأخرها في إطلاقها الغاز الطبيعي وعدم التزامها بالعقد الذي تم بين البلدين!.
وتؤيد لجنة الخدمات النيابية هذا الحديث وسط تأكيدها على أن الوزارة تبقى هي من تتحمل المسؤولية كاملة عن تفاقم الازمة، في وقت لا تستثنى من هذه المسؤولية وزارة النفط التي لا تلتزم بتزويد وزارة الكهرباء بالحصة اللازمة للوقود لتشغيل محطاتها، وما بين هذا وذاك، يرى خبراء بالشأن الاقتصادي أن الارقام المعلنة التي صرفت على الكهرباء تجاوزت الـ45 مليار دولار لغاية نهاية 2016، ولم تشهد هذه الخدمة تحسناً يذكر، مرجعين أسباب ذلك الى مكافحة الفساد المالي والاداري الدائم.
عضو لجنة الخدمات النيابية هدى سجاد، تدعو وزارة الكهرباء الى "تكثيف الجهد واستنفار كل كوادرها ومديرياتها في بغداد والمحافظات لمواجهة اية اعطال يمكن أن تحدث في المحطات الكهربائية، تلافياً لانقطاع التيار الكهربائي عن المواطن لساعات طويلة".
وتؤكد "كان يجب على وزارة الكهرباء أن تكون لديها صيانة دورية للمحطات والمغذيات وخطوط نقل الطاقة، ولا تنتظر أن يحدث عطل في أحدها لتقوم بإصلاحه".
وتشير سجاد إلى أن هناك "ما يسمّى بمولدات التبريد التي توضع لتبريد المحطات وحمايتها من درجات الحرارة العالية لتزيد من الطاقة الانتاجية للمحطات"، مضيفة "كما أن المحطات تحتاج الى صيانة على اعتبار أن الصيانة الدورية هي من تعالج المشكلة قبل حدوثها".
وتشدد على ان "وزارة الكهرباء وبالدرجة الأولى تتحمل مسؤولية ما يحصل من انقطاعات في التيار الكهربائي كونها الجهة المعنية بتوفير الطاقة".
وطالبت سجاد "اللجنة العليا للطاقة برئاسة رئيس الوزراء والتي يحضر اجتماعاتها وزيري النفط والكهرباء، بوضع خطة لمواجهة هذه المشاكل لفصل الصيف بأكمله ووضع حلول سريعة وواضحة"، مضيفة "كي لا نبقى في المشكلة ذاتها التي تحدث في كل عام والمواطن هو من يدفع الثمن، وحتى لا تتطور مسألة الاحتجاجات التي حصلت في البصرة الى محافظات أخرى".
وترى سجاد، أن "جزءاً من الخلل الحاصل اليوم في توفير الطاقة الكهربائية للمواطن تتحمله وزارة النفط، كونها لا تلتزم بتزويد الحصة اللازمة من الوقود لوزارة الكهرباء لتشغيل المحطات الكهربائية".
وتوضح "النفط لم توفر الوقود لأن لديها ديون سابقة على وزارة الكهرباء، وهذا ما انعكس سلباً على انتاج المحطات الكهربائية"، داعية الى "ايجاد طريقة تعاون بين وزارتي النفط والكهرباء لأجل المساهمة بحل هذه المشكلة المتفاقمة سنوياً".
ونبهت سجاد الى أن "اغلب الدول تدمج وزارتي الكهرباء والنفط بوزارة واحدة تسمّى وزارة الطاقة"، داعية وزارة النفط الى "تأجيل مسألة استيفاء الديون لحين تجاوز الازمة المالية على أن تلتزم بتزويد الكهرباء بالحصة الكافية من الوقود".
وتستطرد بالقول "ما أشار له وزير الكهرباء مؤخراً من عدم التزام ايران بعقد تزويد العراق بحصة من الغاز كافية لتشغيل اربع محطات كهربائية بالغاز، سبب الازمة الحالية وزاد من ساعات القطع"، متمنية على ايران ان "تلتزم بهذا الجانب لاسيما أن العراق اليوم بأمسّ الحاجة لتوفير التيار الكهربائي مع درجات الحرارة العالية في فصل الصيف".
وكان وزير الكهرباء قاسم الفهداوي قد أكد في تصريح صحفي أمس الأول على ان تأخر وزارة النفط في ايران بإطلاق الغاز الطبيعي، حال دون تحسن واقع منظومة الكهرباء الوطنية في البلاد، حيث كان من المؤمل إطلاق الجانب الإيراني للغاز الطبيعي، حسب العقد الذي تم بين البلدين، منذ أشهر.
واشار الى انه وبعد استكمال خطوط الأنابيب الواصلة الى محطات المنصورية الغازية التي تبلغ طاقتها (٧٣٠) ميكاواط، والصدر الغازية التي تبلغ طاقتها (٦٤٠) ميكاواط، وبسماية الاستثمارية التي تبلغ طاقتها الان (١٠٠٠) ميكاواط، وانجاز عمليات فحص هذه الأنابيب، وإتمام جميع الإجراءات الفنية والمالية الخاصة بفتح الاعتمادات المصرفية، عن طريق المصرف العراقي للتجارة، منذ اكثر من شهر، إلا أن إيران لم تطلق الغاز.
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي ماجد الصوري "طالما تم صرف مبالغ هائلة على الكهرباء لكن حتى اليوم، لم يتم القضاء على هذه الازمة"، متسائلا "لا ندري متى نشهد خروجاً منها كونها اصبحت همَّ المواطن الدائم، مما يتوجب تأمين الكهرباء".
ويتابع بالقول "اذا ما اخذنا الارقام المعلنة التي صرفت على الكهرباء وهي بحدود 45 مليار دولار لغاية نهاية 2016، سمعنا بتبريرات مختلفة لحجة صرف هذه المبالغ".
ويضيف الصوري "للأسف الشديد كل الارقام التي صرفت كان يمكن لها أن تؤدي الى تغطية العراق بحاجاته من الكهرباء الحالية والمستقبلية ولمدة عشرة اعوام مقبلة"، مسترسلاً "واذا ما قال قائل أن هناك تبذيراً وعدم سيطرة على موضوع الكهرباء، فنعم هناك تبذير وعدم القدرة على السيطرة".
ويستدرك "لكن في المقابل فإن الحلول بيد الحكومة وهي لا تستطيع حتى الآن تأمين عملية الكهرباء مما يعني ان هناك خللاً في ادارة ملف الطاقة بشكل عام والكهرباء بشكل خاص"، مؤكدا أن "الكل يعلم اليوم أن هناك فساداً واخفاقات مختلفة في هذا الأمر، ولا توجد حلول، كما أن هناك اكثر من 30% من المواطنين لا تصلهم الكهرباء نهائياً".
وينبه الى أن "من واجبات الحكومة تأمين الكهرباء التي يحتاجها المواطن، ومع كوننا نؤكد ضرورة السيطرة عليها وعدم الاسراف في استهلاك هذه الخدمة وهذا أمر لابأس به، لكن ليس بالطريقة التي وضعتها الحكومة في الوقت الحاضر".
ويشير الصوري الى أن "هناك فساداً أدى الى هدر اموال ضخمة جداً في مجالات مختلفة، والجهات الرسمية اكدت وجود تبذير وهدر في المال العام وهناك فساد اداري ومالي"، مؤكداً أن "المحاكم اصدرت أحكاما قضائية ضد فاسدين ومنهم وزراء، لكن لم يتم استرداد الأموال حتى الآن".
وتظاهر عدد من المواطنين بمحافظة البصرة، في 6 أيار الماضي، احتجاجاً على زيادة أجور الكهرباء ورفضاً لإشراك شركات أهلية في إدارة قطاع توزيع الكهرباء في المحافظة، كما طالب المتظاهرون بإقالة وزير الكهرباء قاسم الفهداوي.