زوجة لداعشي تروي قصتها: والدي "السكير" انضم لداعش والتنظيم قتل شقيقتي أمام عينيه
العراق/ بغداد
كلما تحررت منطقة من مدينة الموصل تظهر معها قصص غاية في "الغرابة والدناءة" في الوقت نفسه، خاصة ما حدث مع النساء إبان فترة حكم تنظيم داعش للمدينة، وقصة الشابة الموصلية "فادية"، واحدة منها.
منذ أن شهدت مقتل أختها نورس (23 عاماً)، وقد تحوّلت حياتها لكابوس لم تستطع استيعابه.
فادية (20 عاما)، لم تجد ما يدفعها للبقاء مع أبيها الذي كان قد انتمى لداعش، إذ لم يكن من السهل عليها الفرار بعدما سيطر عناصر التنظيم على كل زاوية في منطقتهم بالموصل عام 2014.
تقول في تصريح صحفي "لقد عذبوا أختي لأنها رفضت رفضاً قاطعاً الزواج بأحد أفراد التنظيم. أمام عيني كانوا يضربوها بشدة على رأسها بالسلاح، حتى فقدت وعيها وماتت".
وتضيف فادية التي تسكن حالياً منزلاً في العاصمة بغداد "كنت أشعر بخوف من أن أطلب من أبي أن ينقذها، لأنه منعني من الكلام أو حتى البكاء عليها".
تفكك الأسرة
لا تذكر فادية أمها التي ماتت منذ سنوات إثر مرض عضال. كان الأب قبل ظهور تنظيم داعش سكيراً لا يهتم كثيرا لأمر عائلته وهو الأمر الذي أدى إلى تفكك الأسرة. بعد احتلال الموصل في حزيرانو 2014، انضم الأب إلى تنظيم داعش الذي كان يستلم منه راتبا شهريا، بحسب قول فادية.
كانت نورس وفادية تمنيان النفس بزواجهما من شابين التقيا بهما قبل ظهور داعش. كانت الشابتان متشبثتان بخيارهما وبرفض الانضمام أو الزواج من عناصر تنظيم داعش. وهو الأمر الذي لم يرق للأب الذي أصر على زواجهما.
لن أتحجب ولن أتزوج
كانت فادية لا ترتدي الحجاب قبل ظهور داعش، وبعد احتلال الموصل وانضمام أبيها للتنظيم أصرت على عدم ارتداء الحجاب وعلى مغادرة المدينة هي وأختها. لكن مقتل نورس قلب الطاولة على أحلامها وأمنياتها.
تقول "قضيت الأسبوع الأول بعد مقتل نورس مرعوبة وقلقة، أبحث عن وسيلة للهرب، لكن المهمة كانت صعبة. فكلما كان يشعر أبي بمحاولاتي بالهرب حتى يبدأ بضربي بقسوة ويهددني بالقتل".
وحتى تلك الساعة كنت أرفض ارتداء الحجاب والزواج بعنصر التنظيم الذي أراد أبوها تزويجها منه. إلا أنها اقتيدت بعد انقضاء الأسبوع من قبل عمتها إلى بيت كان قد منحه لها التنظيم لتسكن فيه، بوصفها متواطئة معهم.
ومع دخولهما، تم احتجازها داخل غرفة مقفلة. كانت تشعر بأن هناك شيئاً مخيفاً سيحدث لها؛ لذا فكرت بالهرب ولكن عمتها أخبرتها أنها تشعر بالشفقة عليها ونصحتها حسب ما تنقل فادية "لا تكوني غبية مثل أختك، وتفضلين التعذيب والموت على الزواج".
وتتابع "بعد خروج عمتي من الغرفة، دفعتها بقوة وبدأت بالركض. ولكن ما إن وصلت إلى البوابة الخارجية للبيت حتى اعترضني أحد الرجال وهو يحمل سلاحاً، أمسك بي وأعادني إلى الغرفة".
أماكن حساسة بجسدي
خلال الأيام الأولى من حبسها بين أربعة جدران كان شخصان مسلحان (أحدهما زوجها لاحقا) يتناوبان على معاقبتها بالجلد، ولا يتركوها حتى تصاب بالغثيان، ومن ثم السقوط.
كان سبب التعذيب إخضاعها. لم تكن من النوع الذي يستكين أو يسكت؛ عاندت وجاهرت بعنادها. كانت تهاجمهم وتسبهم وترفض الخضوع. وكان جوابهم قاسيا خاصة أنها لم تر أباها بعد ذلك اليوم؛ فقد اختفى ولم يعد إلى المنزل.
وتضيف "لقد بدأوا بتعريتي من ثيابي وتعذيبي في أماكن حساسة بجسدي. كنتُ خائفة وأشعر بألم كبير؛ الأمر الذي جعلني أسكت عن رفضي وقبلت الزواج وقبلت الحجاب".
وتبين "بعد ذلك زوجّوني بالقوة من رجل عراقي، من الذين انتموا لداعش؛ لقد كان يغتصبني باسم الزوجة".
لم يكن مسموحاً لفادية الخروج من غرفتها، مهمتها كانت تلبية رغباته الجنسية فقط رغم أن هذا الداعشي كان لا يزورها إلا يوماً أو يومين في الأسبوع.
تقول وهي تتذكر بألم "كان يمارس معي الجنس بالإجبار. وكان يضربني ويشدني من شعر راسي كلما رفضت".
وتشير إلى أن عمتها رغم تعاونها مع عناصر داعش إلا أنها كانت ترغمني على إجهاض ما في أحشائي، "لقد قامت بإجهاضي لأكثر من مرة. كنت أسألها عن هذا التناقض بسلوكها. كانت تردد دوماً: ستعرفين قريباً".
لم اشاهد شيئاً
ولم تهرب فادية التي كانت من أبناء الطائفة السنية، إلا بعد أن حدثت مشادة بين عمتها ورجل مسلح داخل البيت في إحدى الليالي عندما سمعت صراخها وهو يشتمها ويضربها، تقول "لم أعرف ما يجري. كل ما حدث أنني سمعت لحظتها وكأن أحدهم قام بفتح قفل باب غرفتي بينما صراخ عمتي يعلو من شدة الضرب".
وتتابع "حاولت التسلل لرؤية ما يحدث. مددت رأسي من باب الغرفة. لم أشاهد شيئا. عدت قلقة أفكر بطريقة مناسبة للهرب".
وتشير إلى أنها بعد قليل سمعت دوي إطلاقات نارية ومن ثم حل صمت وسكون مخيف بالمكان، "خرجت بحذر من الغرفة ووجدت عمتي ممددة على أرضية المطبخ. لقد أصيبت بثلاث إطلاقات نارية، إحداها كانت بفمها".
الوصول إلى بغداد
تسرد فادية كيف استطاعت الهرب من جحيم قد بقيت تكتوي بناره حتى تقدم عمليات تحرير مدينة الموصل عام 2017، إذ خرجت من البيت وتوجهت سيراً على الأقدام لأكثر من ساعة لتصل إلى منطقة كانت تسكن فيها عائلة أمها.
تقول "دخلت الشارع وكان فارغاً فاختبأت بزاوية كانت ممتلئة بالقمامة وبقيت لساعات أنتظر إلى أن بدأت أسمع إطلاق الرصاص في كل مكان".
حتى لمحت مجموعة من النساء والأطفال كانوا يركضون، تضيف "كنت أسمعهم يصرخون: بسرعة قبل لا يشوفنا أحد منهم بسرعة؛ فأسرعت نحوهم وركضت معهم ولم ينتبهوا لوجودي ظننا أنني منهم حتى اللحظة التي دخلنا فيها لبيت متهالك في منطقة بعيدة عن سيطرة داعش".
وتتابع "بعدما أكتشف أمري بدت ملامح الخوف عليهم ولكني شرحت لهم كل شيء حتى اقتنعوا. وساعدوني بالوصول إلى بغداد".
تتذكر فادية تفاصيل مصرع عمتها في إشارة إلى أنها قد عرفت الآن السبب في مساعدتها على إجهاض اجنة أحشائها وتقول "وكأنها وصية بأننا سنقتل قريباً. لذا لن ننجب أطفالاً لداعش".