"حرب الماء والكهرباء" ضد الوسط والجنوب.. شحة المياه تصل الى البصرة و"تفتك" بإحدى مناطقها!
العراق/ بغداد
مع اقتراب القضاء على تنظيم داعش و"إفلاس" السياسيين "الداعمين والمستفيدين" من هذا التنظيم الإرهابي، يبدو أنهم اتجهوا إلى إرهاب من نوع آخر "يستنزفون" به المحافظات الوسطى والجنوبية يتمثل بـ"حرب الماء والكهرباء"، حيث تراجعت ساعات تجهيز المحافظات بالطاقة الكهربائية بشكل ملحوظ و"مفاجئ"، رافقها توقف محطات مياه الشرب وكذلك انخفاض مناسيب مياه الأنهار التي تغذي القطاع الزراعي ومشاريع تصفية المياه!.
فقد كشفت إدارة قضاء القرنة شمالي البصرة عن تعرض منطقة الشرش الى شحة في مياه الاسالة نتيجة انخفاض مناسيب المياه المغذية لمجمعات ماء المنطقة الى الحد الادنى، فيما ناشدت بتخصيص حفار برمائي لغرض كري وتطهير الانهر المغذية لتلك المجمعات.
وقضاء القرنة هو ملتقى نهري دجلة والفرات، ما يعني من المفترض أنه "أغنى وأوفر" منطقة في العراق بالمياه!.
وقال قائممقام قضاء القرنة محمد ناصح الحسن، ان "ثمانية مجمعات مائية في مناطق الشرش تعاني من انخفاض منسوب المياه المغذية لها والتي وصلت الى مستوى الصفر، ما ادى الى تعذر سحب المياه عبر الممصات الخاصة بالمجمعات".
واشار الى ان "الادارة وبالتنسيق مع دائرة الموارد المائية ستباشر يوم غد الجمعة بكري الانهر التي تغذي تلك المجمعات خصوصا الواقعة على ذراع شط العرب"، مبينا ان "تلك المجمعات توصل المياه الى 64 الف نسمة من سكان المناطق التابعة للشرش".
ومن قبل البصرة، وتحديدا في يوم الاثنين 19 حزيران الجاري، تظاهر فلاحو ومزارعو قضاء المشخاب في محافظة النجف، والذي يشتهر بزراعة "رز العنبر"، أفخر وأغلى أنواع الرز العراقي، بسبب قطع مياه الري عن أراضيهم وتحويلها الى مناطق أخرى، متهمين "جهات سياسية وشخصيات متنفذة" بالوقوف وراء ذلك.
واعتبر الأمر "حرب جهات متنفذة على رز العنبر، الذي تتميز مناطقهم بإنتاجه"، مهددين بأنه "في حال لم يستجب وزير الموارد المائية والحكومة المحلية في النجف لمطالبنا ستتحول تظاهراتنا السلمية الى ما لا يحمد عقباه".
ويعتقد بعض المزارعين بوجود "هجمة حكومية ضد رز العنبر" الذي يمتاز المشخاب لوحده بزراعته. ويقول هؤلاء إن "بعض المتنفذين يعملون على تقويض الزراعة المحلية لدعم الاستيراد من خارج العراق".
واتهم متظاهرو المشخاب أحد أعضاء مجلس المحافظة بـ"الضغط على الجهات المختصة بهدف تحويل حصة منطقتهم المائية إلى مكان آخر، في إطار دعاية انتخابية مبكرة"، واصفين ذلك بأنها "حرب جهات متنفذة على رز العنبر".
محافظة ذي قار هي الأخرى هددت يوم أمس بـ"التصعيد" ضد وزارة الكهرباء بسبب تراجع تجهيزها بالطاقة الكهربائية، لينتهي الأمر بـ"رضوخ" وزارة قاسم الفهداوي لمطالب المحافظة وتجهيزها بـ"أكثر من حاجتها".
إذ قال محافظ ذي قار يحيى الناصري٬ الخميس٬ إن "وزارة الكهرباء استجابت الوزارة لمطالب المحافظة ورفعت حصتها إلى 1000 ميغا واط، وهو ما يزيد عن حاجة مواطني المحافظة".
وبين أن "ذلك جاء نتيجة لمتابعة الحكومة المحلية لملف الكهرباء واستجابة لمطالب المتظاهرين حول نقص التجهيز في ذي قار".
وأوضح أن "ذي قار كانت تستلم قرابة ٨٥٠ ميغا واط وكانت لا تكفي لاستمرار التجهيز، الا ان وزارة الكهرباء تعهدت باستمرار التعاون بعد ان عقدت الحكومة المحلية عدة لقاءات مع الأمانة العامة مع مجلس الوزراء وبحضور الهيئة التنسيقية ومقررها طورهان المفتي".
ويبدو أن هذه الحكومة ووزاراتها ومؤسساتها لا تؤدي واجباتها ولا تقدم الخدمات للمواطنين إلا تحت "التهديد والقوة والضغط"، فتجهيز ذي قار بما "يزيد عن حاجة المواطنين" بحسب تصريح المحافظ، دليل على أن الطاقة الكهربائية المتوفرة أما أنها تكفي لتجهيز المحافظات الوسطى والجنوبية بطاقة أكبر من الحالية، أو أن الوزارة تقوم بـ"الجور" على هذه المحافظات لتوفر "الرفاهية" لمحافظات أخرى.
وفي تصريح لها امس الاربعاء، حذرت النائبة عن ائتلاف دولة القانون عواطف نعمة، من "انفجار" الوضع في الجنوب بسبب سياسات وزير الكهرباء قاسم الفهداوي "الطائفية" في تفضيله المناطق السنية وتعمده ايذاء وتعذيب اهالي المناطق الشيعية، ملوحة باستجوابه في حالة استمراره بسياسته "المنحازة".
وقالت ان "هناك غبناً واضحاً للمحافظات الجنوبية في حصتها من التيار الكهربائي، فبعض مناطق البصرة وصلت ساعات تزويدها بالتيار الكهربائي لأدنى مستوياتها في حين تجاوزت درجة الحرارة 50 درجة مئوية".
وكشفت نعمة أن "هناك توجيهات من الوزارة بعدم إصلاح المحولات ومعالجة أي عطل إلا بعد دفع الفاتورة من قبل المواطنين، وأغلب المواطنين دخلهم محدود ورواتبهم لا تكفي لتغطية تكاليف معيشتهم"، متسائلة "هل تطبق الوزارة تعليماتها فقط على أبناء الجنوب".
وأضافت "بالمقابل فإن المحافظات الغربية التي ينتمي إليها وزير الكهرباء بالنسبة له خط أحمر، إذ يتم تزويدها بالكهرباء بأضعاف مضاعفة مقارنة بالحصة الفعلية التي تحصل عليها المحافظات الجنوبية، بالإضافة إلى قيام الوزير بتطبيق الخصخصة في الجنوب فقط".
واعتبرت ذلك "تصرف طائفي واضح جداً ويخالف ما نص عليه الدستور بأن العراقيين متساوون دون تمييزٍ بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو المذهب، وبالتالي فإن ما يفعله الوزير يفسر بأنه محاولة لإثارة الفتنة بين مكونات الشعب العراقي".
وهددت نعمة "في حال استمرار الوزير بسياساته المنحازة في توزيع التيار الكهربائي سأقوم بجمع تواقيع لاستجوابه في مجلس النواب"، محذرةً من "انفجار الوضع في البصرة والمحافظات الجنوبية وخروجه عن السيطرة بسبب غضب الجماهير من سياسات هذا الوزير".
واليوم الخميس، طالبت السلطة المحلية في قضاء الوركاء بمحافظة المثنى, مجلس المحافظة برفع دعوى قضائية ضد وزير الموارد المائية على خلفية شحة مياه الشرب والسقي في مناطق القضاء، مؤكدة ان ذلك ادى إلى انتشار الكوليرا والاسهال والجفاف وتضرر المحاصيل الزراعية.
وقال قائممقام الوركاء أحمد فضالة، في تصريح صحفي، ان "المناطق المحيطة بالقضاء تضررت بشكل كبير نتيجة شحة مياه الشرب والسقي بسبب عدم وصول حصتها من نهر الرميثة المتجاوز عليها من قبل المحافظات الاخرى".
واشار إلى أن "السلطة المحلية بالقضاء والمتمثلة بالقائممقامية والمجلس البلدي قدمت طلبا رسميا لمجلس المحافظة تطلب فيه رفع دعوى قضائية ضد وزير الموارد المائية لعجزه وتلكؤه بإيصال الحصة المائية المحافظة والتي انعكست سلبا على اهالي القضاء".
وتابع فضالة ان "الطلب تضمن أيضا رفع دعوى قضائية ضد مديريتي الموارد المائية في بابل والديوانية لنفس الغرض فضلا عن المطالبة بالتعويض المادي عن الضرر الذي لحق بأهالي القضاء جراء شحة المياه".
وجاء الطلب الذي حصل "زوراء" على نسخة منه أن شحة المياه تسببت بـ"توقف محطات الاسالة وسببت أمراض وبائية وبيئية دفع ثمنها الاطفال والنساء والشيوخ حيث سجلت المراكز الصحية في قضاء الوركاء للعام الماضي حالات اصابات بأمراض الكوليرا والاسهال الشديد، وبعضها أدت الى الوفاة".
واكد الطلب على ان شحة المياه تسببت بـ"تضرر الاشجار والمحاصيل المثمرة والتي تدخل في القوت اليومي للاهالي مما اضطر اغلبهم الى الهجرة بحثا عن لقمة العيش".