اخبار العراق الان

"كنت" تنمو في العراق..شركة أميركية تستغل الدول غير المستقرة لتعزيز تجارة السجائر

"كنت" تنمو في العراق..شركة أميركية تستغل الدول غير المستقرة لتعزيز تجارة السجائر

2017-08-21 00:00:00 - المصدر: موازين نيوز


اقتصاد

منذ 2017-08-21 الساعة 09:32 (بتوقيت بغداد)

بغداد ـ موازين نيوز

نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريرا كشفت خلالها وثائق تثبت استغلال شركة اميركية متخصصة في تجارة السجائر، الاوضاع الهشة وغير المستقرة في عدد من الدول، لتعزيز تجارتها المربحة دون أي اعتبار للمخاطر الصحية أو لقوانين هذه البلدان وحقوق شعوبها.

واشار تقرير الصحيفة الى انها اطلعت على وثائق تثبت أن شركة "بريتيش أمريكان توباكو" (BAT) عززت مبيعاتها من السجائر في بعض البلدان الأكثر هشاشة وغير المستقرة والتي مزقتها الحروب في إفريقيا والشرق الأوسط، وان الشركة لا تطبق القوانين ويمكنها تجنب الضرائب، وبالتالي يكون استمرار بيع السجائر أربح لها في تلك الدول.

الحروب الأهلية أسواقًا للتبغ

تصف الوثائق كيف وُزعت الصناديق الممتلئة بعلب السجائر على التجار مخفيةً داخل أكياس سوداء في الصومال بعد أن منعت جماعة الشباب بيعها وهددت بمعاقبة المخالفين وفقًا لأحكام الشريعة في الفترة بين أواخر عام 2008 وبدايات عام 2009.

كما أوضحت الوثائق أيضًا أن "بريتيش أمريكان توباكو" خططت لبدء أعمالها في جنوب السودان قبل يومين فقط من حصولها على استقلالها من الشمال بعد أعوام من الدمار بسبب حرب أهلية خلّفت وراءها أربعة ملايين مشرد.

وتخبر الوثائق عن مدينة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، ليست موجودة على أي خريطة، أنشأتها الشركة لإنتاج ومعالجة أوراق التبغ، حيث سُلّمت ملايين الدولارات كي تُدفع إلى الفلاحين وفريق العمل الذي يعمل سرًا، وذلك حسبما نقل المبلغون عن المخالفات.

وقد عُرضت الوثائق على صحيفة الغارديان عن طريق (بول هوبكنز)، الذي كان يعمل لدى الشركة في إفريقيا لثلاثة عشر عامًا، حتى أبلغ عن المخالفات بين الدوائر الداخلية حول ما يصفه بالسلوك غير الأخلاقي. فسُرِّح لاحقًا وغادر الشركة في كانون الأول 2015. حاول هوبكنز أن يقاضي الشركة بسبب الإقالة غير العادلة، إلا أن إحدى محاكم العمل في لندن قضت بأن عقد توظيفه كان محكومًا بالقانون الكيني وليس الإنكليزي، مما يمنعه من مواصلة دعواه في المملكة المتحدة. وقال مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة في بدايات الشهر الحالي إنه كان يحقق في مزاعمه.

تأتي التفاصيل حول ترويج الشركة للسجائر في البلاد المنكوبة مع سعي الشركة لجمع الأموال لإبرام صفقة لشراء شركة "رينولدز أمريكان"، وهي الصفقة التي ستجعلها أكبر شركة تبغ في العالم. كما تعقب

هذه الإفشاءات أيضًا تحقيقًا للغاردين يكشف عن أن بريتيش أمريكان توباكو وشركات أخرى متعددة الجنسيات لجؤوا إلى التهديدات ضد ثماني دول إفريقية على الأقل، ليطالبوها بإزالة أو تخفيف تدابير التحكم في نوع التبغ، التي أنقذت حياة الملايين في الغرب.

إذا غابت الحكومة انتشر النيكوتين..

يقول هوبكنز إن الدول الهشة كانت لديها مصالح مع الشركة العالمية، على الرغم من الصعوبات والمخاطر الفعلية التي يتضمنها نقل صناديق علب السجائر والأموال المتعلقة بها. وقد أخبر الصحيفة البريطانية قائلًا: إن "لم يكن لديك حكومة، فلن يكون لديك أي شخص ليزعجك بشأن التحذيرات الصحية ومحتوى النيكوتين". وأضاف: "لا يوجد جمارك، إنك في الأساس تدفع الضريبة إلى الميليشيات المحلية في المطار الذي تهبط فيه".

عندما طرحت الغارديان سؤالًا حول ما إذا كانت الشركة تجنبت دفع الرسوم الجمركية المحلية ودفعت أموالًا إلى الميليشيات المحلية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أصرت بريتيش أمريكان توباكو أنها تراقب "القوانين والتشريعات المعنية" في المائتي بلد التي تدير مقرات لها فيها، وأنها دفعت مسبقًا الرسوم الجمركية إلى حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية.

ويقول هوبكنز، وهو جندي سابق في وحدة القوات الخاصة بالجيش الأيرلندي:" أنه "طُلِب منه في مناسبات عديدة أن ينقل ملايين الدولارات النقدية إلى الكونغو الديمقراطية. ويخبرنا بأن مكان وصول هذه الأموال مدينة "أوزي" في الشمال الشرقي، وهي مدينة ليس لها اسم على الخرائط".

عطلات الشركات هي البداية

شيدت بريتيش أمريكان توباكو، مدرسة وكنيسة في مدينة  "أوزي" وذلك في، خمسينيات القرن الماضي. وكانت تُدار تلك المدينة من خلال الشركة الفرعية (Bat Leaf). وَتنقلُ في المعتاد شركة أمن خارجية الأموال النقدية إلى داخل جمهورية الكونغو الديمقراطية من أجل أوراق التبغ، الذي يُفرز في أوزي ثم يُنقَل عبر "أوغندا وكينيا "من أجل تصنيعه، عندما تكون الشركات الناقلة في عطلة يخبرنا هوبكنز بأنهم كانوا يطلبون منه القيام بالمهمة، حيث صرح قائلًا: "يمكنك القيادة عندما لا يكون الجو سيئًا، تُقطع المسافة من أروى في أوغندا في حوالي ساعة عبر الجسور الخشبية، وعلى مدى الطرق الترابية".

والجدير بالذكر أن هوبكنز يمتلك صورًا لكومة ضخمة من الأوراق النقدية، يبلغ إجمالي قيمتها (مليوني ونصف)، وهو المبلغ الذي يقول هوبكنز عنه إنه حصل عليه في العاصمة الأوغندية (كامبالا) واصطحبه معه في طائرة سيسنا، التي أقلعت من مطار خاص خارج المدينة.

يصرح أيضًا بأنه ركب الطائرة متجهًا إلى مدينة أروى، حيث أمدته شركة أمن تعمل لحساب بريتيش أمريكان توباكو سلاحًا ناريًا بطريقة قانونية. وأضاف "كنت استأجر كلاشينكوف، لمدة يومين، بمجرد المرور إلى الجانب الآخر من الحدود الكونغولية.

تجارة التبغ تضربها أحكام الشريعة

يشير هوبكنز إلى أنه، رغم ذلك، "كان الفلاحون الذين يتجاوز عددهم 40 ألفًا (في شرق الكونغو) هم أفضل حماية يمكن أن تحظى بها، إنهم لا يريدون أن يصل إليك المتمردون لأنك ببساطة حاملُ لأموالهم". كما أوضح أنه كان يموه من خلال وضع الدولارات داخل حقائبَ لمواد ترويجية: مثل أقلام وقبعات الشركة التي كان يعطيها إلى المتمردين.
وفي الصومال، توضح الوثائق أن الشركة كان لديها استراتيجية لمواصلة مبيعاتها من السجائر على الرغم من التحذيرات التي تطلقها جماعة الشباب الأصولية بأنها ستعاقب الذين يبيعونها وفقًا لأحكام الشريعة.

لكنَّ شريحة من عرض تقديمي (أُعدّ عبر برنامج مايكروسوفت باوربوينت ويحمل تاريخ 22 حزيران/ يونيو 2011 ) يظهر صعوبة ذلك: "لأن الإنذار بعدم التدخين الذي أطلقته جماعة الشباب أصبح ساريًا الآن. ولأن السجائر تعتبر في الوقت الحالي من سلع السوق السوداء، يتم توزيعها في أكياس ورقية سوداء. مما نتج عنه انحدار بنسبة 16% في الشحن البحري الدولي (International Maritime Shipping) خلال شهر أيار، يصاحبه انحدار فعلي عن خطة الأسبوع الأول من حزيران بنسبة 23%"، وتعرض شريحة أخرى صورًا لصناديق علب سجائر "سبورتسمان" و"رويالز" التي تنتجها الشركة، وهي مغلفة في أكياس من الخيش وتُسلم لبيعها.

كيف تجعلك السجائر أغنى؟

يروي هوبكنز عن الإمداد الأمني لزيارات طاقم عمل بريتيش أميركان توباكو إلى مقديشو، حيث يتحققون من شهرة سجائر الشركة التي تُباع في المدينة التي مزقتها الحرب. كما يمتلك صورًا لهم وهم يظهرون مع الميليشيات المحلية التي عُينت لحمايتهم.

تعتبر الصومال سوقًا مربحة لبريتيش أمريكان توباكو، حسبما يقول، "لأن الناس يحبون الأنواع الأغلى، تكمن الاستراتيجية الكاملة لقسم التسويق في الارتقاء بالأشخاص الذين يدخنون الأنواع الرخيصة مثل "سبورتسمان " نحو تدخين الأنواع العالمية مثل"دنهل" والذي يحقق أرباحًا أكثر. إذ أنك تذهب إلى أي سوق بنوعٍ ذي قيمةٍ يُباع مقابل أموالٍ يستطيع الفقراء تحملها".

كانت هذه هي الاستراتيجية في جنوب السودان الفقيرة وهي (دولة وليدة أُسست بعد سنوات من الحرب)وملايين من الناس الذين شُردوا والذين يعيشون في فقر مدقع. قبل يومين من إعلان الاستقلال في التاسع من تموز 2011؛ اجتمعت الشركة من أجل التخطيط لإطلاق أرخص أنواعها في الدولة الوليدة.

وجاء في مذكرة اجتماع انطلاق مشروع جنوب السودان "تعتزم استراتيجتنا لهذا السوق أن نطور كمية مستدامة في البداية وستأتي القيمة لاحقًا، تكمن الغاية في دخول السوق بنوعي سبورتسمان وسفاري اللذين يعتبران معروفين بالفعل. فأغلبية السوق هو من بين الشرائح المنخفضة والشرائح المنخفضة للغاية".

وذكرت وثيقة تعود إلى شباط 2012، كانت في محفظة أوراق مكتب إدارة مجموعة بريتيش أمريكان توباكو حول الاستراتيجية والتخطيط، أن نقطة تحقيق الربح ستكون عند بيع 75 مليون سيجارة في العام الواحد. وجاء فيها أيضًا "كان الهدف الأسمى في هذا المشروع أن ندخل سوق جنوب السودان في الربع الرابع من عام 2014 ونؤسس نموذج عمل قابل للنمو بمجموعة علامات تجارية ذات صلة بالمستهلك لتقدم حجم نمو أساسي مستدام على أساس شهري، وبأقل الاستثمارات الممكنة".

أسواق الشرق المتقلبة
حرصت بريتيش أمريكان توباكو على رعاية مبيعاتها في الشرق الأوسط أيضًا في الأماكن التي أطلقت عليها "الأسواق المتقلبة"  (وهي البلاد التي تخرج من حروب أو التي لا تزال في وسط الصراع ) مثل: سوريا. تقول نشرة داخلية تعود إلى تشرين الأول 2011 وتسمى إيزين (نوع من المجلات والنشرات المتخصصة): "يواصل الشرق الأوسط تقديم نتائج مذهلة في أي بيئة متقلبة. حققت دنهل نموًا قويًا لحصتها في دول مجلس التعاون الخليجي، كما حققت إيران والعراق حجم زيادات مبهر".

و"في العراق، تنمو سجائر" كِنت  "بنسبة مذهلة تصل إلى 80%، كما ترسخ موقعها في مقدمة أذواق الشريحة الممتازة. وفي سوريا، على الرغم من ظروف التجارة شديدة الصعوبة، ضاعفت كِنت من معدل تشغيلها الشهري".

قالت "آنا غيلمور"، أستاذة الصحة العامة في جامعة باث وفي مركز المملكة المتحدة لدراسات التبغ والكحوليات ): "يعتبر كل شخص مدخنًا محتملًا بالنسبة لبريتيش أمريكان توباكو، ويعتبر كل بلد استغلالًا محتملًا. كما أن الدول الهشة تكون كذلك بصورة خاصة لأن القواعد الاعتيادية لا تُطبق، ويمكن تجنب الضرائب، ويمكن استمرار بيع السجائر بطريقة مربحة. بعبارة أخرى، طالما يمكن إدرار المال، يمكن تمرير أي شيء". وأضافت غيلمور "فضلًا عن أنه في مرحلة ما سوف تُضفَى الصبغة الرسمية على الأسواق "الهشة" لأن غاية الشركة في العموم هي أن تدخل إلى السوق بسرعة، وتجعل المدخنين مدمنين لمنتجاتها قبل منافسيها و تحظى بأفضل الصفقات، عندما يكون  ذلك ملائمًا، على صعيد خيارات التصنيع المحلية".

وقال ماثيو مايرز، رئيس حملة أطفال بلا تبغ: "تعكس المزاعم ضد بريتيش أمريكان توباكو اعتزام الشركة لاستغلال الشعوب الضعيفة كي تحقق المال، بغض النظر عن العواقب".

وأضاف "نتيجة لانخفاض مبيعات السجائر حول العالم، تنظر بريتيش أمريكان توباكو إلى الدول الهشة باعتبارها أحد أسواق النمو القليلة المتبقية لمنتجاتها المميتة. وبالنسبة لشركة لا تكترث بالطريقة التي تحقق بها أموالها أو أي القوانين تحتاج إلى انتهاكها كي تضمن أرباحًا مستقبلية؛ تقدم الدول التي تواجه حالة من عدم الاستقرار فرصة فريدة".

سألت صحيفة الغارديان الشركة ما إذا كانت عززت من مبيعاتها من السجائر في عدد من البلاد الهشة غير المستقرة التي مزقتها الحرب، بما في ذلك العمليات التي تتم  في الخفاء بينما، كانت الحرب الأهلية دائرة، وما إذا سمح لها هذا بتجاهل التحذيرات الصحية وتقدير محتوى النيكوتين.

وردًا على ذلك، قال متحدث باسم" بريتيش أمريكان توباكو" في بيان للشركة: "إننا نلتزم بالتسويق المسؤول لمنتجاتنا التزامًا جادًا للغاية. كما أننا نمتلك مبادئ صارمة يُعمل بها على كامل نطاق الشركة للتأكد من أن منتجاتنا تُسوَّق تسويقًا مسؤولًا، فضلًا عن الالتزام بكافة القوانين والتشريعات ذات الصلة في المائتي سوق التي نعمل فيها.
ويضيف منوهًا: "إننا نلتزم كليًا على وجه التحديد بتشريعات منتجات التبغ في جمهورية الكونغو الديمقراطية – التي سُنَّت في هذا البلد منذ عام 2007 – التي تحدد التحذيرات الصحية وأحجام الحذر الصحي،

وتضع القيود على محتوى القطران والنيكوتين. بالإضافة إلى أنه في بلدان إفريقية أخرى، بما في ذلك : جنوب السودان والصومال وجمهورية أرض الصومال- حيث لا يوجد تشريعات معينة حول التبغ- طبقنا بصورة تطوعية لوحة جانبية من التحذيرات الصحية على جميع المنتجات التي تُباع في هذه الأسواق.

وينهي حديثه بقوله :"إننا نلتزم كليًا بقوانين الضرائب ذات الصلة في كل بلد نعمل فيه. وفي جمهورية الكونغو على وجه التحديد، تُدفع الجمارك على منتجات التبغ مسبقًا إلى الحكومة في وقت طلب أختام الجمارك والضرائب. تلتزم شركة BAT بهذه العملية التزمًا صارمًا مع جميع المنتجات التي تبيعها في هذا البلد.

وفي النهاية "في كل الأسواق التي تكون منتجاتنا حاضرةً فيها، نقدم إلى العملاء توليفةً من المنتجات التي يمكن أن تتضمن أنواعًا محلية وأنواعًا عالمية، وتُطبق مبادئنا التسويقية العالمية الصارمة ويُلتزَم بها في كلٍ سوق من 200 سوق نعمل فيها حول العالم".انتهى29

الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع موازين نيوز، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.