اخبار العراق الان

وفود عربيّة تزور بغداد: الانتصارات العسكرية على داعش منحت العراق ثقلاً دبلوماسياً

وفود عربيّة تزور بغداد: الانتصارات العسكرية على داعش منحت العراق ثقلاً دبلوماسياً
وفود عربيّة تزور بغداد: الانتصارات العسكرية على داعش منحت العراق ثقلاً دبلوماسياً

2017-08-24 00:00:00 - المصدر: نقاش


 هذا الشهر كان حافلا للدبلوماسية العراقية، توافد عشرات المسؤولين العرب والخليجيين إلى بغداد، في مقابل زيارات وفود عراقية الى دول عربية وإقليمية مجاورة للبلاد، ويبدو أن عجلة إعادة العراق إلى محيطه العربي قد انطلقت بعد سنوات من القطيعة.

 

واستقبلت بغداد على مدار الشهر الماضي كلا من وزير الخارجية البحريني خالد بن احمد آل خليفة، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير الشؤون الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل، ووزير الخارجية المصري سامح شكري، ورئيس البرلمان العربي مشعل بن فهم السلمي، اضافة الى وفود عسكرية، رئيس الأركان السعودي الفريق عبد الرحمن بن صالح ووزير الدفاع اللبناني يعقوب الصراف، ورئيس الأركان الأردني الفريق محمد فريحات، واشاد جميع الضيوف بانتصار الجيش العراقي على المتطرفين.

 

في المقابل زارت شخصيات سياسية ودينية عراقية الغريمين التاريخين في المنطقة العربية، اذ زار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر كلا من السعودية والإمارات، كما زار وزير الداخلية قاسم الاعرجي السعودية وايران، وهي زيارات على ما يبدو مدروسة استعدادا لمرحلة دبلوماسية جديدة وسط أزمات سياسية وأمنية حادة تعصف بالمنطقة العربية.

 

على مدى السنوات الماضية كانت الدبلوماسية العراقية في موضع الانتقاد بسبب فشلها في الانفتاح على المحيط العربي، كما أن وقوعه تحت تأثير غريمين متناقضين هما الولايات المتحدة وايران زاد من صعوبة العراق في تحديد مسار واضح لسياسته الخارجية خصوصا وان نظام المحاصصة الطائفية فرض توزيع المناصب بين الاحزاب الشيعية والسنية والكردية ولكل منها أهدافه وتحالفاته الخاصة.

 

الحرب التي يخوضها العراق ضد تنظيم "داعش" منذ صيف عام 2014 والانتصارات التي حققتها قوات الأمن العراقية على المتطرفين غيّرت من المعادلة السياسة القائمة، اذ انها وحّدت العراقيين من جهة، واقنعت محيطه العربي والاقليمي بقدرته العالية على مواجهة المصاعب من جهة ثانية.

 

يقول عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي عباس البياتي لـ "نقاش" ان "الانفتاح العربي على العراق جاء لأسباب عدة، أولا الانتصار الذي حققته قوات الأمن العراقية على "داعش" خصوصا في الموصل، كان بعض العرب يتوقعون انهيار التجربة السياسية في العراق بعد عام 2003، ولكن الآن بدأوا يعيدون النظر ويتركون التردد في فتح علاقات دبلوماسية مع بغداد ويفتحون صفحة جديدة".

 

عندما هاجم "داعش" العراق في حزيران (يونيو) 2014 إبان حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، تمكن المتطرفون من احتلال ثلث مساحة العراق وسيطروا على محافظات الانبار وصلاح الدين والموصل ووصلوا إلى ضواحي بغداد الشمالية والجنوبية، ولكنهم اليوم يحتلون ثلاث بلدات صغيرة فقط، تلعفر غرب الموصل، والحويجة جنوب كركوك، والقائم غرب الأنبار.

 

ويضيف النائب البياتي ان "الحرب على المتطرفين رغم اثمانها الباهظة الا ان العراق خرج من المعارك وهو قوة عسكرية كبيرة بسبب الخبرة التي اكتسبها، وأصبح لديه قوات محترفة في الجيش والشرطة ومكافحة الارهاب، وهذا التطور سيجعله مؤثرا في التوازنات واستقرار المنطقة، ولهذا تطمح الدول المجاورة لان يكون الى جانبها".

 

آخر دراسة نشرها موقع "globalfirepowe" المختص في الشؤون العسكرية ذكرت ان الجيش العراقي يحتل المرتبة (59) عالميا من بين (133) دولة، والمرتبة السابعة في الشرق الأوسط بعد تركيا ومصر وإسرائيل وإيران والسعودية وسورية.

 

الدمار الذي تعرضت له البلاد في هذه الحرب خصوصا في الانبار وصلاح الدين والموصل، والحاجة الى اعادة الاعمار على مدى العشر السنوات القادمة يمثل عاملا جاذبا للمستثمرين، وتقدر حجم المبالغ التي يحتاجها العراق لتحقيق ذلك (100) مليار دولار وهو حافز للكثير من الدول للمشاركة في ذلك بما فيها الدول العربية، وفقا للنائب البياتي.

 

الاصطفافات العربية.. والصراع مع إيران

زيارة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الى السعودية والإمارات بدعوات رسمية من مسؤولي البلدين استحوذت على اهتمام الأوساط العربية والمحلية، فالصدر الذي انتقد مرات عدة النظام السعودي بسبب التضييق على الطائفة الشيعية، والحرب في اليمن تم استقباله بترحاب حار من قبل مسؤولي البلدين، لكن الصدر تلقى انتقادات محلية داخل العراق خصوصا من الفصائل الشيعية القريبة من إيران.

 

ومنذ تشكيل الحكومة العراقية الحالية في آب (أغسطس) 2014 انقسمت الأحزاب والفصائل الشيعية الى قسمين، الأول يمثل رئيس الوزراء حيدر العبادي ومعه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وزعيم "تيار الحكمة الوطني" بزعامة عمار الحكيم وتتطابق مواقف المرجع الشيعي علي السيستاني في النجف مع هذا الفريق، اما الفريق الثاني يمثله رئيس الوزراء السابق نوري المالكي والأحزاب الشيعية المتحالفة معه.

 

وأيضا فان الفصائل الشيعية منقسمة من ناحية الولاء الديني والأهداف الى فريقين، الأول يدين بالولاء الى المرجع الشيعي علي السيستاني، و"سرايا السلام" بزعامة مقتدى الصدر وهذه الفصائل تحترم قرارات الحكومة وتأخذ أسلحتها من وزارة الدفاع العراقية وتتفق على تفكيك الفصائل الشيعية بعد القضاء على المتطرفين، وترفض إرسال مقاتليها إلى سورية.

 

أما الفريق الثاني من الفصائل يدين بالولاء للمرشد الإيراني علي خامنئي وأبرزها "بدر" و"عصائب أهل الحق" و"النجباء" و"كتائب حزب الله"، وهي فصائل ممولة بالأسلحة والمستشارين الإيرانيين، ولديها مقاتلون في سورية، وترفض تفكيك الفصائل الشيعية في المستقبل وتسعى لإبقائه قوة أمنية.

 

ويتبادل الفريقان انتقادات غير مباشرة حول قضايا سياسية وأمنية كثيرة، ومثلا فان الصدر يتهم بعض الفصائل القريبة من إيران بارتكاب أعمال عنف طائفية خلال المعارك ضد "داعش"، بينما اتهمت الفصائل القريبة من إيران الصدر في الآونة الأخيرة بالتقارب مع السعودية الوهابية.

 

ورد الصدر على هذه الاتهامات قائلا في بيان ان زياراته الى الدول العربية والإقليمية كانت بالتنسيق بينه وبين رئيس الوزراء حيدر العبادي وتندرج ضمن الانفتاح العراقي على الدول المجاورة، ونفى أن يكون الغرض من هذه الزيارات معاداة إيران، وأكد أن العراق يجب ان يبقى محايدا إزاء التحالفات المتصارعة في المنطقة العربية.

 

غالبية القوى السياسية العراقية السنية والكردية وبعض الأطراف الشيعية رحبت بزيارة الصدر الى السعودية والامارات، واعتبروها مفتاحا لفتح علاقات دبلوماسية جديدة بعد سنوات من القطيعة العربية.

 

ويقول المحلل السياسي زياد احمد لـ "نقاش" ان "التغير في موقف الخليج ازاء العراق يعود الى رغبة كل من السعودية والامارات وحلفائها كسب العراق الى جانبها ضد المحور الاخر الذي يمثل قطر وتركيا وإيران، ولتحقيق ذلك قررت الدولة الخليجية التقارب مع التيار الشيعي العراقي المعتدل وأبرز شخصياته مقتدى الصدر".

 

ويضيف "أخيراً اقتنعت الدول العربية والخليجية ان وقوفها ضد الحكومات العراقية التي تسلمت الحكم بعد عام 2003 هو ما شجع إيران لتعزيز نفوذها في العراق، والان تحاول هذه الدول تصحيح الأمور والانفتاح على العراق لمنافسة إيران، لكن لا احد يعرف هل ستنجح في ذلك"؟

 

حتى الان ما زال العراقيون منشغلين بالحرب ضد "داعش"، وأمامهم ثلاث معارك حاسمة للقضاء عليهم، في تلعفر غرب الموصل والتي انطلقت معركتها قبل ايام، وفي الحويجة جنوب كركوك، وفي القائم غرب الانبار، وبعدها ستكون امام العراق تحديات سياسية ودبلوماسية واقتصادية كبيرة لتجاوز الكارثة التي خلفها المتطرفون، والعمل على منع تكرار ما جرى مجددا.