شهر عسل إسرائيل انتهى في كردستان بعد صحوة كردية.. والمارد العراقي بدأ يخرج من القمقم
لا نستبعد ان يكون بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، على وشك فتح سرادق عزاء لاستقبال المواسين في خسارته وحكومته الفادحة لكردستان العراق، بعد تحول استفتاء الانفصال، الذي دعمه بقوة، الى كابوس كبير، وباتت الحكومة الاتحادية العراقية، صاحبة الكلمة الأعلى في الإقليم، مدعومة بنسبة كبيرة من الاكراد.
إسرائيل خرجت الخاسر الأكبر من هذا الاستفتاء بعد السيد مسعود البرزاني، رئيس الإقليم، بعد سنوات من العلاقات التحالفية القوية، استفادت منها امنيا وماليا ونفطيا، واعتقدت انها بنت قاعدة استراتيجية لها في شمال العراق، ودربت قوات حليفة يمكن ان تستخدمها لاضعاف، بل لاستنزاف الدول الثلاث الإقليمية العظمى، ايران وتركيا والعراق الى جانب سورية بالطبع.
تصويت البرلمان العراقي اليوم (الثلاثاء) في جلسة اعتيادية على قرار بتجريم كل من يرفع علم إسرائيل في الأوساط الجماهيرية العراقية يأتي تصحيحا لخطأ معيب، وتكريسا لبدء مرحلة جديدة ونهاية أخرى تنتهي، تدريجيا، وربما جذريا، او هكذا نأمل، هذه العلاقة الاستفزازية بين إقليم كردستان ودولة الاحتلال الإسرائيلي العنصرية الباغية.
انه قرار شجاع بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، وضع حدا لظاهرة اساءت بل واهانت مشاعر العرب والمسلمين، والى الاكراد انفسهم، اكثر مما اساءت للعرب والمسلمين والتركمان والإيرانيين، بغض النظر عن دياناتهم ومذاهبهم.
رفع اعلام دولة الاحتلال الإسرائيلي، وتواجد مئات من الإسرائيليين في أربيل في شمال العراق يرقصون فرحا باستفتاء الانفصال كان مشروع فتنة، لان “الموساد” الإسرائيلي الذي تغلغل في المنطقة لا يحب الاكراد، سواء كقومية او كدين، لانه لا يثق بأي مسلم، ويريد استخدامهم كأدوات ضد العرب والإيرانيين والأتراك، وبما يخدم مصالحه في تفتيت المنطقة واشعال الحروب فيها.
اسعدنا في هذه الصحيفة “راي اليوم” وجود بوادر صحوة قوية في أوساط الاشقاء الاكراد في اليومين الماضيين، تمثلت في معارضة شبان رفع العلم الإسرائيلي في احد ميادين أربيل، والطلب ممن يرفعون هذه الاعلام الانسحاب بهدوء، وعندما اعترضت القلة منهم قام الشبان بنزع الاعلام الإسرائيلية منهم بالقوة، وجرى تسجيل هذا الموقف المشرف على اشرطة ازدحمت بها وسائط التواصل الاجتماعي.
إسرائيل التي دعمت الانفصال، مثلما سلحت البشمرغة الكردية، ودربتها لمحاربة الحكومات المركزية العراقية على مر العصور واستنزافها، تخلت عن الاكراد، وعن السيد البرزاني عندما واجهوا ظروفا صعبة واحتاجوا لدعمها، وهذا ليس غريبا او مفاجئا بالنسبة الينا، الم تتخل عن جيش سعد حداد، وانطوان لحد، في جنوب لبنان، وروابط القرى في فلسطين.
نحن على ثقة ان الاشقاء الاكراد، او غالبيتهم، يرفضون إقامة علاقة تحالفية مع عدو يحتل المسجد الأقصى، ويمارس كل اشكال العنصرية ضد شعب، مسلم حرم من حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة مثلهم تماما، مثلما نحن على ثقة أيضا، ان صفحة جديدة ستبدأ بينهم وحكومتهم المركزية الاتحادية في بغداد تثبت حقهم في الشراكة والتعايش، والحكم الذاتي الكامل الصلاحيات، كخطوة رئيسية على طريق تقرير المصير في اطار اتفاق إقليمي ودولي شامل.
صحيفة رأي اليوم.
عبد الباري عطوان