تونس تواجه صعوبات في محاكمة (الجهاديين)
تونس: بين غياب من تتم دعوتهم وعدم دعوة ضحايا ومزاعم بحدوث تعذيب، تعرقل المضي في محاكمة المتهمين في اعتداءات جهادية في تونس تنسب لاسلاميين متطرفين في السنوات الماضية، حالة من الخلل في اداء القضاء.
وفي هذا السياق كانت بدأت محاكمة المتهمين في اعتداء متحف باردو الشهير بالعاصمة التونسية الذي قتل فيه 22 شخصا بينهم 21 سائحا في آذار/مارس 2015، وسط تكتم في تموز/يوليو 2017، دون ان تتم دعوة الضحايا. كما غاب نحو نصف المتهمين.
ولدواع امنية عادة ما يوضع المتهمون في مثل هذه القضايا في سجون مختلفة، ولا تتمكن السلطات دائما من استقدامهم للجلسة في الوقت المناسب. وعلاوة على ذلك يرفض بعض المتطرفين المثول امام قضاء يقولون انهم لا يعترفون به.
وفي الجلسة الثانية لمحاكمة المتهمين في اعتداء باردو الثلاثاء حضر الى قاعة المحكمة 18 من 26 متهما. وارجأت المحاكمة مجددا.
يحدث ذلك رغم ان الجهاز القضائي لمكافحة الارهاب في تونس لديه محققين مختصين ونيابة مختصة واقل ملفات وافضل امكانيات من باقي اصناف القضاء، كما يشهد له الكثير من المراقبين بالكفاءة.
لكن جهاز مكافحة الارهاب يعاني على غرار مجمل القضاء الجزائي من نواقص ابرزها سوء التنظيم وتعدد الشكليات التي لا تنتهي وخلل في احترام الاجراءات الجزائية.
ويتعين على المحكمة ان تصدر خلاصاتها خلال فترة معينة بدت قصيرة جدا بالنسبة لقضايا معقدة وذات تشعبات دولية.
وقال بشير العكرمي وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس المكلف قضية باردو "نطالب بتغيير مدة الايقاف التحفظي (14 شهرا حاليا). الامر يحتاج ثلاث سنوات على الاقل" بالنسبة لقضايا الارهاب.
في المقابل ليست هناك مهلة اثناء المحاكمة التي يمكن ان تستمر الى ما لا نهاية لحين جمع الاختبارات والقرائن الناقصة.
-18 مجلدا-
ويضيف العكرمي "سبق ان تولينا في الماضي ملفات دولية معقدة جدا مثل تهريب السلاح بين تونس وليبيا. لكن ما يميز هذا الملف هو عدد الضحايا الاجانب".
ونظرا الى عدم ادخال مصالح القضاء في اجهزة الكمبيوتر فان الوصول الى المعلومات امر معقد بسبب ضخامة ملفات مكافحة الارهاب المكونة من 18 مجلدا اي 18 الف صفحة بالنسبة لقضية باردو.
وفي الجانب الفرنسي، يقول الضحايا انهم لم يتلقوا الا عشر الملف الجزائي اي الفي صفحة ويبدو ان الامر يتعلق بتلخيص انجزه القاضي لكن الضحايا يطالبون بالملف كاملا.
كما عبروا مرارا عن الاسف لعدم اشراكهم في الاجراءات حتى انهم ليسوا ممثلين كما يجب في الجلسة.
وقال المحامي الفرنسي جيرار شملة الذي يدافع عن 27 طرفا مدنيا "ما نطلبه من القضاء التونسي هو ادماج الضحايا ليأخذوا مكانهم في المحاكمة".
وعبر عن اسفه لعدم تخصيص فرنسا وتونس اي امكانيات للضحايا لتمكينهم من متابعة المحاكمة في تونس او في مقر اقامتهم.
وتم توكيل محامين تونسيين لهم لكن معظمهم لم يتواصل مع الضحايا الاجانب.
ولم يتم الاستماع الى الضحايا اثناء التحقيق ولا شيء يضمن ان يتم ذلك خلال المحاكمة.
واضاف شملة "ان الضحايا الفرنسيين يطلبون العدل. والعدل هو الشفافية والحقيقة واتاحة الوصول" الى المعطيات.
-تعذيب-
وظهرت اخلالات مماثلة اثناء محاكمة الاعتداء في سوسة حيث اردى طالب تونسي مسلح بكلاشينكوف 38 سائحا في فندق في 26 حزيران/يونيو 2015.
وخلال الجلسة الثانية لهذه المحاكمة في تشرين الاول/اكتوبر، اوضح محامون طلبت منهم السلطات التونسية الدفاع عن السياح البريطانيين والايرلنديين والبلجيكيين انهم لا يعرفون ان كانوا يمثلون ضحية مصابا بجروح او اقارب من قتل ولا حتى جنسياتهم.
وتخلى معظم الضحايا عن المتابعة المباشرة للقضية وجرت الجلسة في قاعة شبه فارغة.
وتحدث محامون من هيئة الدفاع عن سوء معاملة.
وفي محاكمة باردو افرج عن ستة مشتبه بهم اثناء التحقيق لان اعترافاتهم انتزعت تحدت التعذيب، بحسب القضاء التونسي. وتم استبعاد افاداتهم.
وهذا مؤشر قوي على ان القضاء التونسي لم يعد يتسامح مع هذه الممارسات لكن الامر اثار شكوكا في التحقيق.
وهناك مشاريع مهمة لاصلاح القضاء التونسي خصوصا لتحسين مساره والتعاون في مجال مكافحة الارهاب.
لكن من الصعب معرفة ما اذا كان ذلك سيضفي تحسنا على المحاكمات الجارية التي قد تستمر عدة سنوات.