اخبار العراق الان

اليورو.. سمات الملاذ الآمن وتساؤلات حول استدامة المكاسب

اليورو.. سمات الملاذ الآمن وتساؤلات حول استدامة المكاسب
اليورو.. سمات الملاذ الآمن وتساؤلات حول استدامة المكاسب

2017-11-17 00:00:00 - المصدر: موقع مباشر


من - عبد الرحمن ممدوح

شهد اليورو ارتداداً فنياً منذ يوم الثلاثاء الماضي، بفضل تفوق بيانات الناتج المحلي الإجمالي الألماني، فارتفع يومها بأكثر من 1% أمام الدولار الأمريكي، كما سجل مكاسب أمام الجنيه الإسترليني.

وتراجع اليورو يوم الخميس إثر ضعف بيانات التضخم بمنطقة اليورو، التي أظهرت هبوط مؤشر أسعار المستهلكين إلى 0.1% من 0.4% على أساس شهري، وتراجع معدل التضخم الأساسي على أساس سنوي إلى 0.9% من 1.1%.

ولكن اليورو عاود الارتفاع، اليوم الجمعة، على خلفية تصريحات نقلتها صحيفة "وول ستريت جورنال" على لسان مصدر، أفادت بإصدار فريق المدعي الخاص، روبرت مولر، استدعاءً لحملة ترامب منتصف أكتوبر/شترين الأول الماضي يطالب بوثائق ذات صلة بروسيا من أكثر من عشرة مسؤولين بارزين.

ويتداول اليورو عند مستوى 1.1793 دولار بحلول الساعة 4:55 مساءً بتوقيت جرينتش، مرتفعاً بنحو 1% مقارنة بمستواه نهاية الأسبوع الماضي، وأكثر من 12% منذ بداية العام الجاري.

وجرى العرف في الأعوام الماضية على الإشارة لليورو على أنه رمز الاستقرار ليصبح جذاباً عند بيع الأصول الخطرة حول العالم.

وتعكس النظرة الآمنة لليورو حالياً التفاؤل المتزايد من قبل المستثمرين حيال آفاق النمو والتضخم في أوروبا، حتى رغم تردد مسؤولي البنك المركزي في التخلي عن سياسات التحفيز النقدي.

توسع منطقة اليورو

وكان الاتحاد الأوروبي قد توقع نمو اقتصاد منطقة اليورو بأسرع وتيرة في 10 سنوات خلال العام الجاري، لكنه توقع هبوط معدل التضخم.

خَلُص استطلاع للرأي أجرته وكالة "رويترز" شمل 80 اقتصاديا إلى أن اقتصاد منطقة اليورو سيسجل أفضل أداء في عِقد وسيحافظ على نموه القوي في عام 2018. وأضاف الاقتصاديون أن التضخم سيظل دون النسبة المُستهدفة من البنك المركزي الأوروبي عند 2% حتى النصف الثاني من 2019 على الأقل.

وقالت نسبة 90% من بين 40% من الذين شملهم الاستطلاع وأجابوا على سؤال إضافي إنهم واثقين من استمرار الازدهار الاقتصادي الحالي في بلاد منطقة اليورو حتى أفق التوقعات.

وكانت بيانات رسمية قد أظهرت تمو اقتصاد منطقة اليورو بنسبة 0.6% في الربع الثالث من العام الجاري، مقابل 0.7% في الثلاثة أشهر المنتهية في يونيو، لكن على أساس سنوي تسارع النمو إلى 2.5% من 2.3%.

وكانت توقعات لبنك "جولدمان ساكس" قد أشارت إلى أن اليوو قد يواصل ارتفاعه خلال الفترة المقبلة ليسجل 140 يناً، مقارنة بمستوى يدور حول 133 يناً حالياً.

وكانت العملة الأوروبية الموحدة قد تجاوزت مستوى 1.20 دولار خلال الشهر الماضي، قبل أن تسجل تراجعاً عن هذا المستوى بفعل قرار المركزي الأوروبي خفض برنامج شراء السندات بوتيرة جاءت مخيبة لآمال المستثمرين.

اليورو ملاذ آمن

أدت مجموعة التوترات الجيوسياسية العالمية، بالإضافة إلى ضعف الدولار الأمريكي إلى اتجاه تدفقات الملاذ الآمن إلى اليورو ضمن عملات "آمنة" أخرى.

ويرى "فاسيلي سيربرياكوف" استراتيجي صرف العملات الأجنبية لدى "كريدي أغريكول، إن فائض الحساب الجاري في منطقة اليورو، وهو أوسع المقاييس نطاقاً للتجارة والخدمات، يؤكد مظهر العملة الموحدة كملاذ آمن، مضيفاً أن أداء اليورو جيد إلى حد ما في بيئات العزوف عن المخاطرة.

كما يلعب الاستقرار السياسي في القارة الأوروبية دوراً هاماً في ذلك الصدد، فالمخاطر التي هددت اليورو منذ بداية 2017 مثل الانتخابات الهولندية والفرنسية باتت جزءاً من الماضي بالنسبة للمستثمرين، كما أن رد فعل السوق إزاء الاضطرابات غير المُتوقعة، كالأزمة الكتالونية، كانت هادئة نسبياً.

وعلى النقيض، تواجه كبرى العملات، كالدولار الأمريكي والجنيه الإسترليني مصاعب في الوقت الحالي، وتنغص المخاطر وعدم اليقين السياسي على المستثمرين.

ففي الولايات المتحدة لا يزال عدم اليقين يغلف المشهد، فلم يقر الكونغرس حتى اللحظة خطط التخفيض الضريبي التي كان يطمح لها الرئيس "دونالد ترامب"، ولم يتمكن الأخير من حل "أوباما كير"، ما يضفي شعور لدى المستثمرين بعدم قدرته على الإمساك بزمام الأمور.

أما في بريطانيا، لا تزال البلاد غير قادرة على الوصول لاتفاق جيد يحفظ ماء الوجه في مفاوضات خروجها من الاتحاد الأوروبي "بريكست".

ورجح "رابوبنك" تحمل اليورو للانخفاض العام في شهية المخاطرة، خاصة وأنه حقق أفضل أداء بين عملات مجموعة العشرة، خاصة الدولار الأمريكي والجنيه الإسترليني والدولار الأسترالي والكرونا النرويجية. وأضاف البنك أن ذلك سيزيد من فرص انتهاج اليورو لسلوك الملاذات الآمنة.

هل صعود اليورو مُستدام؟

لا يزال تعافي منطقة اليورو الاقتصادي هشاً مثل اقتصادات عظمى حول العالم، كما أن التضخم ما زال دون مُستهدف المركزي الأوروبي، ويصعُب تشديد السياسة النقدية في ظل انخفاض معدل التضخم.

وبالنسبة لرئيس المركزي الأوروبي، الذي اتسمت لهجته في الفترة الماضية بالتشدد، يدرك "ماريو دراغي" أن ارتفاع اليورو يضر بالصادرات، ولذلك ربما يعود لتبني اللهجة التيسيرية مجدداً، كما أن خطاب مسؤولي المركزي الأوروبي المتشدد خلق مناخ تسوده التوقعات المتفائلة، والتي يجب أن تُلبى.

وفي إيطاليا، فإن ارتفاع اليورو، وتقليص برنامج التيسير الكمي، وعدم اليقين بخصوص الانتخابات المقبلة، كلها عوامل تسبب تحديات.

وكانت الحكومة الإيطالية رفعت من توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي لعامي 2018 و2019 إلى 1.5% بدلاً من 1%، على أن نسبة كبيرة من ذلك النمو يُعزى إلى الصادرات، والتي قد تتضرر جراء قوة اليورو.

وعلى صعيد اليونان، فالأمور هناك ليست على ما يرام بعد، حتى رغم هدوء المخاوف بشأن محاولتها الخروج من منطقة اليورو، لا تزال تعاني أثينا من مشاكل مالية وسياسية وهيكلية قد تعاود الظهور على الساحة في أي وقت، وربما قريباً. وإن لم تُواجه تلك المشاكل بحزم، قد نشهد مجدداً عودة الحديث عن خروجها من المنطقة، وقد يضر ذلك بالعملة الموحدة.

وكانت اليونان قد أعلنت أنها سجلت فائضا أولياً في الموازنة يتجاوز المستهدف من قبل الدائنين، ضمن اتفاق حزمة الإنقاذ التي حصلتها عليها أثينا.

وفي سياق الخروج من الاتحاد الأوروبي، قد يبدو الاتحاد ممسكا بزمام الأمور في مفاوضاته مع بريطانيا، ولكن الأمور قد تتغير، لكون بريطانيا واحدة من بين ثلاث دول هي الأعلى من حيث الناتج المحلي الإجمالي، كما أنها شريك تجاري مهم لدول الاتحاد. ولذلك، يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يجعل منها مثلاً لأي دولة قد تفكر مستقبلاً في الاستقلال عن الكتلة الموحدة.

ولايزال المستثمرون يترقبون المفاوضات بين الجانبين بشأن "البريكست"، وسط خلاف واضح على قيمة الفاتورة التي يجب أن تسددها المملكة المتحدة للخروج من الاتحاد.