علي الحسيني يكتب: رئاسة الوزراء دكتاتورية يجب ترويضها
بعد إنتشار الفساد في كل مفاصل الدولة، وتحت مسميات عديدة، تختلف بأختلاف الوضع للشخصية المتصدية والبارزة في المجتمع، فهناك رجل أعمال فساده مالي، وهناك مدير فساده إداري، ومجتمع فساده خلقي، واحزاب فسادها ديني، والسياسي يشترك مع الجميع في فسادهم مع فارق كبير في الإمكانيات، كل هؤلاء يولدون من رحم رئاسة الوزراء. العراق اصبح ساحة لتصفية الحسابات الدولية، وميدانا لتنفيذ الأجندات الفاسدة، مما جر العراق رغما عنه للدخول في هذه المناوشات والأجندات الفاسدة، كطرف منازع يحاول أن يتغلب على بعض الأطراف الاخرى، كأنه يخطط للفوز بغنيمة ما، كأنه طرف جاء من خارج العراق، او كأنه خلية مخابراتية تنقل اسرار البلاد ومعلوماتها وخططها المستقبلية للجهة التي تدعمها او ارسلتها، أي أنه يدخل هذه الأجندات مشاركاً وليس باحثا عن الحلول الناجعة، التي توضع للتخلص من هؤلاء وطردهم خارج البلاد، وعدم الانصياع لمؤامراتهم وتوجهاتهم وإن كانوا حلفاء او أصدقاء للعراق، لكي يستطيع العراق أن يتحكم بقراراته وينفذ الخطط والمشاريع التي تخدم الوطن بحرية تامة. الفساد بكل صوره واشكاله، يجتمع في هدف واحد وهو إهدار المال العام، وتمزيق البلاد، وتأخير إعمارها، وتكوين عصابات ومافيات تحت ظل الحكومة، فيعطل القضاء ويتم تزويره، مما يؤدي بنا إلى الرجوع للوراء دائما، والسبب يكمن في منصب رئيس الوزراء، فهذا المنصب هو المتحكم في البلاد، فهو ان صلح صلحت البلاد، وان فسد فسدت البلاد، لذلك من الواجب على الحكومة، أن تضع قوانين خاصة بهذا المنصب، فهو روح الوطن ورمزها، لنجعل من هذا المنصب منصة لمحاسبة الشخص المتصدي هو وحزبه، فكل حزب أضاع فترة حكمه ولم يحقق أي تقدم، يبعد عن المشاركة في الحكومة، ويحرم من هذا المنصب وشخص رئيس الوزراء خصوصا، ويحاسب بشدة بأعتباره هو في رأس هرم القيادة، وينظم هذا بقانون. فنحاسبه على تضييع عدة عوامل بسبب فساده أو عدم كفائته، ولا نقول أكثر من ذلك، وهذه العوامل هيّ. 1- عامل الزمن، هذا العامل الذي يضيع تحت ظل حكومة ليس لديها كفاءة او فاسدة، كل شخص يسرق من ادنى درجة وظيفية في الدولة إلى أعلاها، يعتبر شريك لرئيس الوزراء وله جزء من حكمه، فعندما يلقى القبض على مجرم او فاسد ويقدم للقضاء، ويتم الحكم عليه، يجب أن توضع فقرة قانونية تتهم رئيس الوزراء ايضا، وإن كان نصها القانوني ( التقصير المفرط ) . 2- عامل الكفاءة، اغلب الشخصيات والكفاءات الأكاديمية والعلمية، تغادر البلاد بسبب التهديد والفساد المستشري في الوطن، لأن العراق أصبح معترك للعصابات الحكومية والحزبية، أي أن التهديد والقتل يأتي من عصابات رسمية تحت رعاية الدولة، لذلك يجب وضع الحلول للحفاظ على هذه الكفاءات وتوفير الحماية لهم ورعايتهم، ويفعل قانون يحاسب هذه العصابات ويحمل رئيس الوزراء جزءا من هذه التهمة لتقصيره في منع الأحزاب من اطلاق عصاباتهم لتسرق الوطن، ولتعطيله للقانون بحقهم. 3- تفعيل القانون ليشمل الجميع، فلا يوجد أحد فوق القانون، من خلال هذه النقطة نستطيع ان نعرف قوة البلاد ونظامها الدقيق، فلا يحاسب أفراد المجتمع والموظف الصغير ويترك الكبير لأنه فوق القانون. 4- إهدار المال العام، فأن تضييع ثروة البلاد بجهل وتخبط رئيس الوزراء، يعتبر ذنب لا يغتفر، فأن آلاف الموظفين والعاملين والخبراء، كل هؤلاء يعملون والدولة معهم تسابق الزمن لتجمع وتوفر ثروة لبناء الوطن وتقدمه وحفظ كرامة شعبه، كل هذا يضيع بسبب ضعف او فساد رئيس الوزراء، او قراراته الفاشلة، فالمريض لا يجد العلاج، والمشردين يبقون في الشوارع، والرجل العجوز والطفل يتلوى من حر الصيف بلا ماء ولا كهرباء، تتوقف الصناعة والزراعة والحياة كلها بسبب فساد رئيس الوزراء المنعم بهذه الاموال هو وحزبه. 5- تَغَيُر الأخلاق، يتخرج الشاب ويحمل شهادته الجامعية، والتي بدأت تعتبر مجرد وهم وتضييع للوقت والعمر، يبدأ يفكر الشاب الخريج، وحامل الشهادة بأفكار منحرفة شاذة ويدخل بأي نوع من الأعمال حتى وإن كان عمل خارج القانون، بل بدأت أغلب العوائل تحرم اطفالها من الدراسة لأنهم يعتبرونها مجرد مضيعة للوقت والعمر، هكذا تتكون الأفكار الشاذة ويتفشى الجهل، بسبب القرارات الفاسدة التي تخرج من رئيس الوزراء. 6- هيمنة الأحزاب، الحزب في العراق ليس اسم يطلق على مجموعة معينة تحمل فكر سياسي يتبنى شعارات وافكار إصلاحية وتقدمية يقدمها امام ابناء شعبه من اجل أن يخدمهم بعد فوزه في الإنتخابات، بل أن اغلب الأحزاب للأسف تعمل من اجل مصلحتها الشخصية، حيث اصبحت كل المناصب في جميع مفاصل الدولة، تدار من اشخاص لا يمتلكون اي خبرة، همهم الوحيد هو تقديم المنفعة والمصلحة الشخصية والحزبية، على حساب الوطن. تركنا الكثير من النقاط خشية من الاطالة، فالموضوع متكرر كثيرا، وقد اشبعه الكتاب والمثقفين نقدا وتحليل، لكن هذه المرة لنفكر بعمل جديد، بل هو علاج وحل جديد، لنجعل من الحزب الذي يرشح شخصا لرئاسة الوزراء يفكر بالنجاح فقط، لأنه إذا فشل سيطرد هو حزبه من الإنتخابات ويحاسب ويحاكم الشخص الذي اصبح رئيسا للوزراء، كل هذا ينظم بقانون، تحت قبة البرلمان وبأتفاق الكتل جميعها، واي كتلة ترفض هذه الفكرة، يعلن عنها ليعرف الشعب العراقي من يريد أن يبقيه يعاني الفقر والحرمان والمرض والحياة المذلة، ولا اعتقد بأن هذه المبادرة تلقى ترحيبا واسعا لأنها ستكون ضربة للفاسدين لأنهم سيطردون أنفسهم بأيديهم. نستنتج من كل هذا بأن على رئيس الوزراء الحالي، عدم الترشيح لولاية جديدة، لكي لا نقع بما وقعنا به من أخطاء رئاسة الوزراء السابقة، ونفقد ما حققنا من إنجاز خشية من التسلط الحزبي، وعليه ان يعلم بأنه مجرد موظف في الدولة، يتحمل مسؤولية جسيمة، يجب عليه أن يعرف ذلك منذ البداية، فلا يأتي الشخص ويرشح نفسه لهذا المنصب، وبعد ذلك يقول بأن الظروف صعبة وقاهرة ولم استطع النجاح، من يرشح يحاسب على كل عمل يقوم به، إذا نجح يأخذ راتبه من الدولة وهذا هو استحقاقه فقط، وإذا فشل يحاسب بأنه متعمد في تدمير البلاد، لدخوله ميدان اكبر من قدراته، وعلى العراقيين أن يتوقفوا عن التمجيد والعبودية وينظروا إلى أنفسهم بأنهم اختاروا فلان لرئاسة الوزراء ليخدمهم فقط. علي الحسيني