اخبار العراق الان

حاتم الجوهري: مستقبل الشعر المصري يقف بين قصيدة 'رومانتيكة ثورية' ومشهد ثقافي متربك

حاتم الجوهري: مستقبل الشعر المصري يقف بين قصيدة 'رومانتيكة ثورية' ومشهد ثقافي متربك
حاتم الجوهري: مستقبل الشعر المصري يقف بين قصيدة 'رومانتيكة ثورية' ومشهد ثقافي متربك

2017-12-17 00:00:00 - المصدر: ميدل ايست


أثار بحث د. حاتم الجوهري "حول مستقبل الشعر وأزمة قصيدة النثر والجماعة المصرية"، الكثير من التساءلات عن مسار قصيدة النثر المصرية التي يمتد حبل وصالها من السبعينيات وحتى التسعينيات مرورا بالثمانينيات، وحتى الآن مؤكدا أن الأزمة في قصيدة النثر المصرية أنها أصبحت تكتب من منطقة إرسال واحدة وإن تنوعت روح كتابها والشعراء المجتمعون حول نارها.

وقال: "الأزمة أنها أصبحت تكتب حتي عند من نبغوا حسيا وعاطفيا من منطقة محددة، أصبحت تكتب عندهم من منطقة الفقد والتحسر على الحال، والذات التي ترصد الحال وتفاصيله في عجز وانكسار وروح متأملة شاعرة لحد ما! ولكن يكون السؤال الصادم هنا: كيف يكون ذلك إبداعا إذا استطعت أنا حصره وتوصيفه بالإجمال! ذلك ليس إبداعا ذلك سجن واستسهال لمنطقة الفقد والبوح والحنين".

وحاول الجوهري رصد مسار ما كان في الأربعين عاما الماضية، والبحث عن نظرية أخري تخرج من نسيج الجماعة المصرية وواقعها الآني، كاشفا عن ظهور إرهاصاتها بالفعل على أرض الواقع فيما بعد ثورة 25 يناير، وهو ما أسماه بقصيدة "الرومانتيكية الثورية" الجديدة، ومشيرا أيضا إلى تيار متأخر في قصيدة النثر المصرية بدأ يرفع صوته بالردة على المشروع المبكر للقصيدة التسعينية وآباء المشهد السبعيني.

جاء ذلك في الجلسة التي ناقشت ثقافة المجتمع وأثرها في الخطاب الأدبي ضمن فعاليات مؤتمر الدورة الـ 32 للمؤتمر العام لأدباء مصر والمنعقد بمدينة شرم الشيخ، وشارك فيها محمد عطية محمود ببحث حول الأثر المجتمعي وتيمة الصراع، وأدارها أحمد بدير شعبان.

رأى د. الجوهري أن مجئ أطروحات ما بعد الحداثة إلى مصر تم تشكيل نسق ثقافي اجتماعي مفتعل وهامشي ليستقبل أشكال وصور التحلل من الهوية والمستودع الحضاري المصري والتزاماته، في ظل ظرف تاريخي حاكم بدأ مع السبعينيات كان يستوجب العكس. وأكد أن السبعينيين المصريين استقبلوا الموجة الأولي من هذه التأثرات بالغرب، في حين عجزت فيما قبلهم عن اختراق الأدب المصري،

وأوضح الجوهري أن ما حدث حين خلط قطاع - ليس بالقليل - من جيل السبعينيات وبعدهم جيل التسعينيات وقصيدة النثر المصرية، هو خلط بين قيم التمرد على الجماعة حين تنحرف عن مسار تاريخي أو طبيعي ما، تحدده الظروف والسياقات، وبين قيم التحلل من الجماعة ومسئولياتها وتفكيكها تماما، هذا الخلط جعل مركز القيم عند الجيلين هو فكرة الذاتية لأن القيم الطبيعية والمواهب الفطرية كمعيار تغيب عنهم، لذا سرعان ما ستجد الساحة الاجتماعية والأدبية والأكاديمية وقد تحولت للعشوائية لحد بعيد، يحكمها فكرة الترقي الشخصي والتدافع وفق معيار الذاتية وإهمال وجود المعايير الطبيعية والحقيقية للجماعة، ليصبح المجتمع في أزمة حضارية طاحنة لا يعرف أحد طرف خيط لها، ولكن طرف الخيط يكمن في ماكينة "صنع القيم"، وماكينة "خلق التراتب الاجتماعي" وعملية "الفرز والتجنيب" للنخبة الأدبية والاجتماعية ككل في المجتمع المصري.

وأضاف أن الذي حدث أن مجموعة السبعينيين ومن بعدها التسعينيين تم تمهيد النمط الأدبي لهم ليقدموا مجموعة من القيم الأدبية المتفق عليها بعيدا عن الجماعة المصرية، ومن ناحية الأدب المقارن ومنظومات القيم الخاصة بكل أدب، أعتقد أن الأمر لم يكن في صالح الجماعة المصرية بقدر ما كان تأسيسا لنمط يصب في صالح المنفعة الثقافية الخاصة بالحالة الأوربية وآدابها وتقديم الامتداد لها في الشرق، ليمثل هؤلاء نخبة ثقافية تحصل على الاعتراف بها من خلال المعايير المستجلبة من الآخر، بما يصب في سياق التجربة الأخرى/ الغربية المنفصلة عن واقع التجربة المصرية والعربية. "عندما يكون أحد طرفي المعادلة المقارنة عملا أدبيا محددا، وإذ يستلزم الانتقال من أدب إلى آخر، تبعا لذلك، وجود هذا التطور الغامض المكتنف بالأسرار، ووجود هذا الإعداد والتحضير الذي في نهايته نكتشف أن المصلحة الفنية أو المنفعة الثقافية الخاصة بأدب معين، قد انتقلت إلى أدب آخر وأصبحت جزءا من مكوناته".

ورأى الجوهري أن الشاعر رفعت سلام في مقدمته لـ "أنطولوجيا النص الشعري المصري الجديد" استحضر سياقا آخر ليقدم الأمر من خلاله، وأوضح "هو يحاول تقديم الأمر كصراع بينهم وبين دعاة قيم الجماعة وشعراء الواقعية المصرية في قصيدة التفعيلة، ولكنه يغفل دورا وملمحا مهما يجب أن يلتفت له تاريخ الأدب في مصر، فيقول صانعا الفاصل بين السبعينيين ومن قبلهم: "فقبل السعبينيات كان رواد القصيدة الجديدة، قصيدة التفعيلة، يحتفلون أخيرا بانتصارهم الظافر الصعب على التقليديين".

إذا كان رفعت سلام يقول أن قيم كسر الجماعة التي قدمها السبعينيون ضد قيم الجماعة القديمة كانت هي مركز الصراع، فذلك يفرد ستارة الظلام على مساحة أخري، في جيل رفعت سلام من السبعينيين لا يمكنه هو نفسه القول بأن الجيل الأدبي بأكمله تبني قيم كسر الجماعة ومنظومة قيمها الطبيعية، وليخرج السؤال الأبرز، أين امتداد دعاة قيم الجماعة والمثل في جيل رفعت سلام! ألم تعمل ماكينة "الفرز والتجنيب" وصنع النمط الأدبي على تهميشهم واستبعادهم من الصدارة، ولو حتى صدارة ما سماه الهامش!

وهنا يعترف رفعت سلام بمثل هذا التهميش الذي مارسوه كمركز أو مارسه ذلك التيار السبعيني الذي اختار تفكيك قيم الجماعة ضد نماذج كسر النمط الشعري الخاص بهم، وذلك مجرد مثل توثيقي ولكن تاريخ الأدب لا بد سيسجل في دراسات قادمة آليات صناعة النمط التي دشنها جيل السبعينيات بعيدا عن الحاضنة الاجتماعية التاريخية للبلاد، فيقول رفعت سلام في المقدمة: "وفي صمت مطبق صدر ديوان مدخل إلى الحدائق الطاغورية للشاعر عزت عامر-1971. كان الديوان ينطوي على عدة تناقضات في آن، فالديوان المكتوب على طريقة قصيدة النثر رومانتيكي، في رؤيته للعالم، وتوجهه العام، بلا مبالاة بواقع أن قصيدة النثر في جوهرها تجاوز مزدوج للرومانتيكية: في البناء والرؤية الشعريتين معا".

ونبه إلى أن السؤال نفسه يُطرح ثانية مع التسعينيين أين المركز/الجماعة الذي تمرد عليه هؤلاء، أين في جيل التسعينيين شعراء الجماعة والتماس مع قيمها! لقد نجح النمط الأدبي هنا بطرق متعددة، في فرض قيمه بشكل اتفاقي منفصل عن المجتمع بشكل كبير، لأصبح السؤال بين ماضي الشعر المصري ومستقبله هو السؤال المركز والمطروح بشدة على المهتمين بالثقافة المصرية.

وألمح الجوهري إلى أن بنية مشروع السبعينيات قام على فكرة مركزية أخرى مغايرة لحد بعيد عن فكرة التسعينيين، يقوم على صدمة انكسار مشروع القومية وشعراء الواقعية الشعرية المُخَيلة، سواء المتكسرة لحد ما عند صلاح عبد الصبور، أو المقاومة عند أمل دنقل، أو الراصدة عند أحمد عبدالمعطي حجازي. وفي هذه العلاقة بين شعراء الواقعية المُخيلة وبين الجماعة، نستطيع القول إن علاقتهم بقيم الجماعة المصرية والذات العربية لم تلغ تفردهم الشعري وقدرتهم على الوجود الذاتي، فهنا علاقة الذات مع الجماعة هي علاقة الفعل الذي يعمل داخل الكل، دون ضياع لوجود الذات وتفردها في العالم أو ذوبانها وفنائها في ستار الجماعة. فقد ""كان حجازي يفتتح مع صلاح عبدالصبور وآخرين نبرة شعرية تبني خطا تواصليا ينحرف عن المسار السابق للخطاب الشعري، حيث يغلب عليه نموذج أنا وأنت المدمج في عبارة معك أيها القارئ نخاطب الناس والمدن والأشياء، لتشكيل ملامح نسق جديد وخلق أفق فتوح على الغير دون أن يفنى فيه"، كما كتب عبدالصبور شعرا نقديا حول القرية يقدم واقعها لكن دون أن يستلب له أو يفقد عين الشاعر الذي ينادي بقيم ما، وهذا هو جدل علاقة الشاعر بالجماعة، فهو يكتب عن واقعها وفي ذهنه صورتها الأمثل ومواجهتها بما تحاول السكوت عنه. "ومثل البياتي كتب الشاعر المصري صلاح عبدالصبور (1931-1981) شعرا واقعيا حول القرية، يكشف عن مدى التزامه الاجتماعي".

ورأى الجوهري أن بنية الثقافة المصرية الحالية تعود إلى فترة التسعينيات! تلك البنية التي قدمت الثقافة والمعرفة والعلم كفكرة نخبوية تطرق من الخارج بعيدة الصلة عن الواقع! قدمت المثقف كشخص مغرق في النظرية ومنبت الصلة بحاضره! مثقف يقدم "تنوير الطقوس" تماما كـ "تدين الطقوس" والشكل "السلفي" الخارجي لعلاقة كثير من المصريين بالدين بسبب العجز والقهر. وكأن بنية المجتمع المصري وأزمته تجاه السلطة ومواجهة أزمة البلاد التاريخية وعلاقتها الحاكمة بسلوك الشعب؛ وجدت بغيتها في نموذج "الطقوس" الكرنفالية على مستوى الدين وعلى مستوى الثقافة على السواء!

وظهرت مع التسعينيات فكرة "الناشط الثقافي"؛ الذي ينظر للثقافة كنشاط إجرائي وكرنفال وليس كمشروع ووعاء لمجمل موروث الأمة المادي والمعنوي، وأصبح الأدب والإبداع وفنونه يعلم في ورش انتقائية إجرائية لا تقوم على الفرز الطبيعي، وكان الهدف من تلك الآليات الانتقائية خلق النمط الثقافي وإعادة تشكيل النخبة، لتقدم المثقف الذي يقبل بالدور المتاح وفق تلك المفرزة أو المصفاة أو الانتقائية، كل هذه البنية السابقة ترسخت منذ تسعينيات القرن الماضي، خاصة في هيكل الثقافة المصرية المؤسسي، وانعكست فيما تقدمه المؤسسة من كتب وإصدارات وتراجم! وكذلك ترسخت في الهيكل الموازي في مؤسسات المجتمع المدني العاملة في الثقافة.. فأصبح المتن والهامش على سطر واحد.. لتكشف حقية الادعاء الذي زايد به السبعينيون أنهم أعداء السلطة، في حين هم كانوا أعداء للجماعة وولائها الحضاري التاريخي، وسرعان ما توحد النمط الأدبي القائم على تفكيك الجماعة الذي يقدمونه مع النمط الثقافي الذي تقدمه السلطة، لتكشف التسعينيات عن خطيئة السبعينيين في حق الجماعة المصرية، وليكشف رفعت سلام بدوره في الأنطولوجيا ومقدمته المسماة: بحثا عن قصيدة النثر المصرية، عن خط تفكيك الجماعة المصرية الممتد بين الجيلين، والمعركة التي لابد أن تخرج للنور، للكشف عن نمط أدبي جديد يدفع الجماعة المصرية للمستقبل، ويتوحد مع حاضنتها التاريخية ويستعيد حلمها الرومانتيكي الثوري مجددا، بعد الثورة المصرية الشعبية الكبري في 25 يناير وموجاتها المتتالية، فإنه "ليس من شك في أن تأثير ثقافة أمة من الأمم وآدابها وفنونها في الأمم الأخرى، مرتبط ارتباطا وثيقا بقوة تلك الأمة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وحضاريا".

وخلص الجوهري إلى أن يقف مستقبل الشعر المصري بين قصيدة "رومانتيكة ثورية" جديدة تنتمي لنسيج الواقع وتدرك جيدا المسافة بين الحلم والمثال وبينها، وتعترف بذلك وتسعى فيه، وبين مشهد ثقافي مرتبك تقف على عتباته وأبوابه ما سمي بـ "قصيدة نثر مصرية"، تغلغلت أبنيتها في الطبقات المعرفية والأكاديمية، وطبقات الصحافة الثقافية، والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية، هذه الأبنية تقف كـ "حارس بوابة" لمنع مرور النمط الثقافي والأدبي الجديد، وتسعي - رغم العديد من الإشارات - إلى التصالح مع الجماعة وشعارات قبول الآخر والتعدد، لاستمرار ذلك النمط من شعر القطيعة مع الجماعة ومنظومة قيمه المضمرة والمعلنة، عبر منابر النشر واستكتاب الدراسات النقدية الرافعة له، والجوائز المروجة لكُتابه، لذا فمن أهم توصيات هذه الدراسة في خاتمتها هو ضرورة تنويع المنابر الثقافية وفتحها أمام النسق الجديد.

وقال: الآن هناك إرهاصات جيل شعري جديد يسعى بكل قوته وصموده إلى التعبير عن نفسه فيها بكل صراحة وأمل "وكشف تناول الدراسة لمقدمة رفعت سلام وبحثه عن سمات قصيدة نثر مصرية تجمع الأجيال الثلاثة، عن رصد مضاد قامت به الدراسة لتكشف إطار القطيعة مع الجماعة المصرية، ولب الأزمة الشعرية في الأجيال الثلاثة وانفصالهم عن ذاتهم التاريخية والحضارية الجماعية، وكيف تم إضفاء القيمة والتعالي الأدبي والمعرفي ومنحها لذلك الإطار المصطنع؛ رغم توحد هذا الإطار مع قيم المجال الرسمي للهروب من التزامات الجماعة، ولم يكن حقيقة كما يقدمونه إطارا ثوريا وهامشا اجتماعيا معارضا! لم يكن سوى رد فعل وانعكاس رتيب ونمطي لتحلل سلطة البلاد في لحظة تاريخية، من التزاماتها الجماعية وحاضنتها التاريخية ومستودع هويتها.. مجرد انعكاس نمطي تزينه بهرجة اللغة وألعابها مع السبعينيين، أو تشوها نفسيا وإنسانيا يصدم الجماعة بقيم "جيتو الخراب" والتشيؤ مع القصيدة التسعينية، يستحق الردة عليه كما يفعل الكثير من التسعينيين الآن لاستعادة إنسانيتهم وقدرتهم على الحياة مجددا".

وختم الجوهري مؤكدا إن مقدمة رفعت سلام التي أرادت التأسيس لقصيدة نثر مصرية – ودون قصد منه - أعلنت عن نهاية نمط وليس ولادته، ورصدت الدراسة إرهاصات التحول لدى مجموعة الفقد والحنين في القصيدة التسعينية نحو مغازلة الجماعة مرة أخري، لكن الذي سيحمل مشعل القصيدة الجديدة "الرومانتيكية الثورة" لابد سيكون أسماء جديدة (في وجودها أو في ظهورها للمشهد)، ولكن دور "مجموعة التحول" هذه سيكون قائما في العبور الجديد.

تقف معظم المتابعات النقدية مترددة؛ لم تحسم أمرها بعد.. ما بين التفسير والتبرير واحتمالات التأويل واللغويات لأنماط أدبية شائعة ومستقرة بالمشهد المصري (تشكل نمطها وتصنعه طلبات وملفات الصحافة الثقافية والمجلات الأدبية التي تجتر تلك الأنماط)، وبين مغامرة البحث عن تصورات ونظريات للمستقبل وآفاقه والمبادرة بأداء الدور النقدي والمعرفي لاستكشاف واستشعار ظهور إرهاصات ميلاد جديدة! تلك الإرهاصات التي يجب أن يكون لها الأولوية، في كيفية تحويل الثقافة والإبداع إلى رافعة أولى في حلم بناء الجماعة المصرية الجديدة، واستعادة نهضتها.

وتناول الناقد محمد عطية محمود في بحثه الأثر المجتمعي، وتيمة الصراع متخذا من رواية "أوراق العائلة" لمحمد البساطي نموذجا مؤكدا أن العلاقة بين الأدب، والأثر المجتمعي الذي تحدثه التجارب الإنسانية الناتجة عن هذا الحراك والذي يقوم عليه بنيان المجتمع - سواء كان مدينيًّا أو ريفيًّا – بحركته المطردة أو العكسية على حد السواء، متمثلا في جملة من القضايا الملحة التي يرتبط بها وجود الفرد، ومن ثم وجود المجتمع على خارطة الوجود الإنساني بشكل عام ومؤثر، هو ما يمنح هذه القضايا مصداقية ارتباطها، وحاكمية علاقتها بهذا المجتمع، ومدى التصاقها به، بما له من طقوس وعادات وإشكاليات تفرض إحداثياتها.. قد يجليها الإبداع الأدبي في صوره المتعددة في ظل مركزية وجود الفرد، وتبئيره بحيث يصبح النواة التي يتحلق حولها جُل العمل الأدبي سواء كان شعرا أو سردا، ينطلق منه ليعانق محاولات فك الأسر أو الخروج عن النسق الحاكم الضاغط على كينونته، حيث يبدو سؤال الكينونة والوجود الحر على محك التجربة الإنسانية المعاشة على هامش أو متن ذلك المجتمع، الذي ربما كان يمثل في حال من أحواله الجماعة المختارة للفرد - بحسب فرانك أوكونور- وربما مثل له الجحيم الذي ربما كان يمثله الآخرون كما يقول "جان بول سارتر"، ما قد يخلق نوعا من الصراع المجتمعي والذي يرتهن بملامح من الملحمية في السرد الروائي، فالرواية العربية – بحسب واسيني الأعرج - "قطعت أشواطا كبيرة لفرض نفسها كجنس حر يرفض الرقابات المختلفة بكافة أشكالها: اجتماعية كانت أو دينية أو سياسية".

 

محمد الحمامصي