أبو مهدي المهندس ... القائد المخلص
كتب كريم النوري:
أبو مهدي المهندس ... القائد المخلص
كثيرون لا يعرفون ان المهندس ليس صفة لقيادة الحرب واتقان فنون القتال ومعرفة اساليب النصر وحسب، بل ثمة تخصص اكاديمي لهذا الرجل الذي قرر مبكرا ان ينذر حياته لسبيل الله وفي سبيله. فكانت هذه الحكاية وبدأت فصولها.
المهندس المدني ابو مهدي المهندس خريج التكنولوجيا في نهايات العقد السبعيني من القرن الماضي تلك الجامعة التي كان يطلق عليها ازلام النظام المباد (جامعة الصدر) لكثر الدعاة والرساليين من طلبتها.
المهندس المدني لم يتوقف عن اختصاصه في الهندسة المدنية بل كان مهندساً في الجهاد والاخلاق والسياسة.
قاد بدر في التسعينات من القرن الماضي وبقي مرابطاً في جهاده وتصديه.
رغم صعوبة المواجهة العنيدة مع النظام البولسيي في العراق الا انه حضر مع المجاهدين في الاهوار وبقي يتقاسم معهم المعاناة ويجاهد ويكابد الصعوبات والتحديات بين القصب والبردي في اهوارنا الصامدة.
كان حاضراً في الميدان الفكري والسياسي واستقطب الكثير من الاكاديميين في مركز العراق للابحاث بعد سقوط الطاغية وبقي متواصلاً مع شعبه ولم يركن للدعة والراحة والاسترخاء.
وبعد دخول داعش للعراق شمّر المهندس عن ساعديه وبدأ بيديه المتوضئتين ينفض غبار الذل والضياع عن وجه العراق فبادر هو واخوته لحزم بنادقهم بعد ان حزم بعض السياسيين حقائبهم للخروج من العراق بعد وصول داعش على ابواب بغداد.
من يعرفه عن قرب يستكشف مزايا وسجايا استثنائية في شخصيته المميزة ؛ يتغافل احياناً عن اخطاء غيره لكنه ذكي ونبيه ، ويتجاوز عن هفوات الاخرين متغاضياً لكنه يرصد الاخطاء لتصحيحها.
قليل الكلام ولا يتحدث عن افعاله بل هي تتحدث عنه ، ويمتلك بديهية تضاهي وعيه وذكائه ، ويعشق العمل الصالح في الخفاء لشعوره بان الاضواء والفضاء ستلوث الاخلاص في العمل.
اول قائد دخل جرف الصخر اثناء العمليات ونزل الى نهر دجلة ليتوضأ بمائه العذب ورصاص القنص فوق رأسه غير مطأطيء الرأس الا لله.
لا يتحدث بكل ما يعرف ولا يتحدث بكل حقيقة لكنه اذا تحدث لا يجانب الحقيقة ، يتحدث حسب الضرورة واكثر عمله يبقى صامتاً واذا تحدث فان الحكمة تنساب على لسانه كالغيث النازل على الارض القاحلة.
كان زعيماً في سلوكه وحكيماً في حديثه فكنت ادون ما يقوله ان اسعفتني الفرصة.
التقيته وكنت ممتعضاً مما يقال ضدنا من سياسيين كنا السبب في بقائهم احراراً في بغداد يتحدثون ويتهمون ناكري الجميل والتضحيات فهدأ من روعي وغضبي وعتبي وقال لي : واجب علينا ان ندافع عن الجميع وليس واجباً علينا إرضاء الجميع.
اكرر عبارته المؤثرة والمعبرة : ((واجب علينا ان ندافع عن الجميع وليس واجباً علينا إرضاء الجميع))