خالد الناهي يتحدث عن التسول السياسي: فن يتقنه العاجزون
عندما تتجول في الطرقات، تجد في جميع التقاطعات اشخاصا يتفنون في كسب تعاطف المواطن، من أجل الحصول على مبلغ صغير من المال، فمرة تجد طفلا صغيرا يمسح زجاج سيارتك، واخرى تجد فتاة شابة تحمل رضيعا على يدها، فتنظر اليك نظرة المنكسر المحتاج، وثالثة تجد شخصا يكشف جرحا عميقا وملتهبا، لدرجة انك لا تستطيع ان تنظر لذلك الجرح، وغيرها من الطرق التي تتغير بحسب مكان المتسول، وامكانية المنطقة التي يتسول فيها. وبالرغم من زيادة اعداد المتسولين وبشكل كبير جداً، حتى أصبحت عوائل بأكملها تمتهن هذه المهنة، بعدما نزعت كرامتها وألقت بها في صفيحة ألقمامة، ومع ان المناطق قد قسمت فلا يسمح لزيد ان يتسول في منطقة عمر، لكن يبقى هذا النوع من التسول في اغلب الأحوال غير دموي، وهدفة مادي بحت. أما التسول الأخر والذي يعتبر اخطر من التسول في الطرقات، هو ما يمتهنه الكثير ممن يحسب على السياسين في الوقت الحاضر، فتراه يختار الموضوع الذي سوف يتناوله، حسب المكان الذي يقرر فيه ان يقييم خطابه، فهو لا يتحدث بناءاً على ايدلوجية هو مقتنع بها، او نهج اخذ على عاتقه ان ينفذه هو وحزبه. أن ما يقوم به خطاب متناقض جداً، فيه الكثير من الوعود، ورقص على جراحات المواطنين، فمرة تراه يلبس زي الحشد، فيخاطب الناس بالجهاد، واخرى تراه يلبس ثوب الطائفية، ليستجدي مشاعر البسطاء من الشعب، واخرى يتحدث عن حق المواطن في السكن، فتراه يوزع سندات وهمية على المواطنين، من اجل كسب المزيد من اصواتهم. نعم ان المهنه تتشابه كثيرا، بين من يتسول في الطرقات وبين المتسول من السياسيين لكن الأهداف تختلف فالأول هدفه المال ، اما الثاني فهدفه المال والسلطة والنتائج ايضا تختلف فالأول في اسوء الأحوال ، يتطاول باللفظ على المواطن اما الثاني دائماً تكون نتائجه وخيمة وخطيرة، وفي الغالب يكون هناك صدامات وسفك دم. وما حدث من قتل وتهجير وقتل على الهوية، ألا نتيجة لتسول هؤلاء المتطفلين على السياسة، والسؤال هنا: متى يستطيع الشعب أن يميز بين السياسي الذي تعود ان يعطي للبلد ، والسياسي المتسول (الذي يريد ان يأخذ من الوطن فقط)؟. خالد الناهي/ كاتب عراقي