اخبار العراق الان

النزاعات العشائرية بالبصرة تقوض الاستثمار والشرطة عاجزة


            النزاعات العشائرية بالبصرة تقوض الاستثمار والشرطة عاجزة
النزاعات العشائرية بالبصرة تقوض الاستثمار والشرطة عاجزة

2018-01-20 00:00:00 - المصدر: سومر نيوز


20 ينايـر.2018 - 3:48 | عدد القراءات: 1   

سومر نيوز: يشكو أهالي محافظة البصرة في جنوب العراق من انفلات الوضع الأمني في محافظتهم جراء النزاعات العشائرية التي تستخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة بما فيها الصواريخ، فيما تجد قوات الأمن نفسها عاجزة أمام هذا الوضع المتردي الذي يقوض الفرص الاستثمارية.

ويقول المواطن البصراوي داود سلمان لوكالة الصحافة الفرنسية إن "لغة الرصاص هي السائدة في المحافظة حيث راقبت بصمت خلال سنوات نزاعات بين عشائر قريتي إلى أن أصيب أحد أبنائي برصاصة طائشة، فقررت الرحيل".

وغالبا ما تتحول النزاعات مسلحة بين العشائر الست أو السبع في المحافظة إلى معارك ضارية.

وبفعل هذا العنف الذي يؤدي أحيانا إلى سقوط أبرياء وما يترتب عليه من عمليات ثأر، تقف القوات الأمنية على حياد خوفا من الانتقام.

وأدمت تلك النزاعات وعمليات فضها منذ سنوات، المنطقة الواقعة على الحدود مع الكويت، ولكن، ما زاد الطين بلة، هو تعبئة القوات الأمنية للحرب ضد تنظيم داعش، فشعرت العائلات العالقة بين نارين بإهمال متزايد.

ويقول سلمان (41 عاما) بوضوح إن "العائلات المسالمة التي لا تمتلك السلاح لا تستطيع العيش في كل تلك المدن والأحياء حيث تحول المعارك بالأسلحة الأوتوماتيكية والرشاشة المناطق السكنية إلى ما يشبه ساحة حرب".

وخلال أحد النزاعات، أصيب علي (15 عاما) نجل سلمان برصاصة طائشة في كتفه أثناء وقوفه أمام منزل العائلة. ومنذ ذلك الحين، انتقلت العائلة إلى مدينة البصرة بعيدا عن المناطق القبلية في شمال المحافظة، بحسب ما يوضح الوالد.

وفي مواجهة تلك النزاعات التي تنشب أحيانا بسبب خلافات على قطعة أرض أو مسائل شرف، أو حتى مباريات كرة قدم، لا يقدم رجال الشرطة أي مساعدة، بحسب ما يؤكد السكان. ويوضح عضو مجلس محافظة البصرة نائب رئيس اللجنة الأمنية غانم حميد صالح أنه في غياب الجيش والشرطة الاتحادية فإن "الشرطة المحلية  تتردد في دخول المعارك لعدم وجود شيء يحميها، عكس قوات الجيش التي تمتلك آليات مصفحة ومدرعة".

ورغم ذلك، يحاول هؤلاء التدخل في بعض الأحيان، لكن رفاقا لهم يرفضون، خوفا من الثأر، خصوصا أن غالبية منهم هم أبناء عشائر. ولذلك، يرى المهندس حيدر علي السعد (34 عاما) أن الحل يكون باستقدام قوة عسكرية من خارج البصرة "بحيث لا تكون لديها علاقات عشائرية أو اجتماعية تؤثر على دورها".

ويدعو السكان أيضا إلى ضرورة ضبط الأسلحة، فيما تجري بانتظام عمليات دهم من قبل الشرطة، من دون القدرة على غلب الترسانة الضخمة التي تنتشر في المحافظة الوحيدة المطلة على البحر. ويلفت مستشار مجلس البصرة لشؤون العشائر الشيخ عباس الفضلي إلى أن العشائر استولت على هذه الأسلحة عند انسحاب الجيش العراقي من الكويت في العام 1991، وخلال الغزو الأميركي للبلاد في العام 2003.

وفي هذه المنطقة الغنية بالنفط، حيث توجد مقار لشركات أجنبية عدة ومصاف كثيرة، فإن الاشتباكات تؤدي أحيانا إلى إيقاف عمل تلك الشركات، وفق ما يؤكد قائد عمليات البصرة الفريق الركن جميل الشمري.

ويقول الشمري إنه "عند وقوع نزاع عشائري، ينقطع الشارع لمدة ثلاثة أو أربعة أيام ما يمنع الموظفين من الوصول إلى أشغالهم"، مضيفا أنه "وقعت اعتداءات حتى على الشركات النفطية".

ويرى السعد أن الخطوة الأولى للحد من العنف، هي العمل على إحداث تغيير جدي في العقلية، قائلا: "لا بد أن تتم إدانة مثيري النزاعات العشائرية والمجرمين، اجتماعيا قبل أن يدانوا قضائيا".

ويؤكد في هذا السياق المدرس سعدون جاسم العلي (46 عاما)، أن "غياب القانون وقصوره في إنصاف المتنازعين وعدم ملاحقة مرتكبي المخالفات يساهم في انتشار ظاهرة النزاعات".

لتلك الأسباب، انضم الشيخ محمد الزيداوي إلى لجنة حل النزاعات العشائرية التابعة لقيادة عمليات البصرة. ففي البصرة، العشائر هي التي تحل النزاعات أكثر من المحاكم. فعند وقوع نزاع بين عشيرتين، يتطور من خصام إلى خلاف يودي أحيانا إلى مقتل أشخاص من الطرفين. وحين تتأزم الأمور بسبب تشنج أحد الأطراف والسعي للثأر، تتدخل عشائر أخرى للحل بمنح "عطوة" أي هدنة إلى حين التوصل إلى صيغة حل. بعدها، يجلس الطرفان المتنازعان في ديوان أو منزل شيخ عشيرة المقتول مع وجهاء محايدين، ويبدأ التفاوض على "الفصل العشائري" الذي غالبا ما ينتهي بدفع مبلغ من المال أو رحيل أهل القاتل عن المنطقة.

ويقول الزيداوي إنه في العام 2017، تمكنت اللجنة من "معالجة أكثر من 176 مشكلة عشائرية".

وفي هذا السياق، يشير ناشر دورية "إنسايد إيراكي بوليتيكس" والمتخصص في السياسة العراقية كيرك سويل إلى أن "التحدي الأمني الأكبر داخلي. البصرة تعاني من مشكلة عنف عشائري كبيرة، إضافة إلى الجريمة المنظمة. ذلك أن الكثير من الفصائل المسلحة تتحول إلى مافيا".

من جانبه، أكدت عضو البرلمان عن محافظة البصرة وعضو ائتلاف دولة القانون رحاب العبودة إن "النزاعات العشائرية في البصرة لا سيما شمالي المحافظة هي ليست جديدة بل هي مستمرة منذ عهد النظام السابق الذي لم يتمكن من السيطرة عليها بالكامل لأنها مرتبطة بعصابات تتغذى بنزعات عشائرية بعد حصول خلافات بينها الأمر الذي يؤدي إلى تدخل العشائر بطريقة سلبية مع الأسف"، مبينة أنه "في الوقت الذي يتوجب على العشيرة العمل على الحفاظ على السلم الأهلي في المحافظة فإن دخولها طرفا لصالح هذا أو ذاك من بعض أفراد تلك العصابات من شأنه أن يؤدي إلى أن تتعقد الأوضاع أكثر بحيث تستمر هذه النزاعات بما يجعلها مصدرا لنزيف الأرواح والأموال بالإضافة إلى إرباك السلم الأهلي".

وترى النائبة أن "المخاطر التي تترتب على ذلك في غاية الخطورة على مستقبل البصرة بوصفها أكثر المحافظات التي يمكن أن تكون واعدة على صعيد الاقتصاد وفرص الاستثمار لأسباب كثيرة من أهمها أنها المحافظة الأولى في العراق لجهة إنتاج النفط كما أنها مدينة ميناء وبالتالي هي بوابة العراق على العالم، وهو ما جعل البرلمان يسميها عاصمة العراق الاقتصادية".

وهذا كله بالنسبة للنائبة يتطلب "استقرارا أمنيا ومجتمعيا بحيث نشجع الشركات والمستثمرين على الدخول إلى البصرة ومن البصرة إلى عموم العراق"، مؤكدة أنه "لهذا السبب فإننا في البرلمان وفي المحافظة نبذل جهودا كبيرة من أجل الحد من هذه الظاهرة الخطيرة وضرورة وضع حد لها، وذلك من خلال تواصلنا الدائم مع شيوخ العشائر والقيادات الأمنية بالمحافظة والنخب الفكرية والسياسية والثقافية هناك من أجل إنهاء هذه الظاهرة السلبية".

وفي الوقت الذي لم تستبعد فيه النائبة "وجود أسباب وعوامل سياسية وراء هذه الظاهرة فإن مما يضاعف من المخاطر المترتبة عليها هو بقاء البصرة تعاني الفقر والحرمان بسبب ندرة فرص الاستثمار بينما هي المحافظة الأكثر غنى في العراق".

ولفتت إلى أن "انتشار السلاح بمختلف أنواعه بمن في ذلك المتوسط بشكل علني ساعد كثيرا على انتشارها مما يتطلب إجراءات رادعة على مستوى التصدي لها من الأجهزة الأمنية المختصة بالإضافة إلى الجوانب السياسية والاجتماعية والفكرية".