اخبار العراق الان

خطط تركيا المتفائلة في العراق تبدو متعثّرة

خطط تركيا المتفائلة في العراق تبدو متعثّرة
خطط تركيا المتفائلة في العراق تبدو متعثّرة

2018-01-21 00:00:00 - المصدر: وكالة الصحافة المستقلة


فهيم تشتكين

إنّ الشّراكة بين تركيا، وإيران والعراق التي قامت في وجه الاستفتاء على الاستقلال الذي أجرته حكومة إقليم كردستان في شهر أيلول/سبتمبر ترك طهران راضية وأنقرة خائبة للغاية.

كان لأنقرة توقّعان أساسيّان من هذه الشّراكة. أوّلاً، اعتقد المسؤولون الأتراك أنّه سيجري بناء خطّ أنابيب جديد لنقل النّفط من كركوك بالعراق إلى محطّة النفط في جيهان بتركيا، ليحلّ محلّ الخطّ المتضرّر متجاوزًا حكومة إقليم كردستان؛ وثانيًا أنّه سيجري فتح معبر حدودي جديد إلى العراق في اوفاجيك بتركيا كبديل لمعبر الخابور الحدودي من تركيا إلى العراق، الذي يؤمّن دخلاً مربحًا لحكومة إقليم كردستان.

وقدّرت أنقرة أنّ المعبر في أوفاجيك، عند تقاطع الحدود العراقيّة السّوريّة التركيّة، من شأنه أن:

يحرم حكومة إقليم كردستان من الدّخل الناتج من الرّسوم الكمركيّة.

يؤمّن طريقًا أقصر لوصل تلعفر بالموصل، الأمر الوارد في أحلام تركيا بـ”عثمانيّة جديدة”.

يعزّز العلاقات مع التركمان ويقطع الصّلة بين حزب العمال الكردستاني في بلدة سنجار الأيزيديّة ومنطقة روج آفا الكرديّة في شمال سوريا.

يكون مربوطًا بالطّريق السّريع الرّئيسي المؤدّي إلى الموصل عبر طريق بطول 120 كيلومترًا محدّثٍ بحسب المعايير الدّوليّة مع بناء جسر جديد فوق نهر دجلة.

إلا أنّ مشروع أوفاجيك جرى تحييده وبرزت خطّة بديلة لخطّ الأنابيب تشمل إيران، مع تهميش خطّ الأنابيب الجديد المقترح لنقل النفط من كركوك الى جيهان.

طوال ثلاث سنوات، باعت حكومة إقليم كردستان النّفط من خطّ أنابيب كركوك- جيهان. لكن بعد أن هدّد الأكراد في شهر أيلول/سبتمبر الماضي بالسّعي إلى الاستقلال، استولت الحكومة المركزيّة في بغداد على حقول النّفط بكركوك.

وفي 16 تشرين الأوّل/أكتوبر، لمّحت بغداد إلى أنّ نفط كركوك سيرسَل عبر تركيا كما في الماضي. كان قد استُخدِم خطّ الأنابيب بشكل غير منتظم في خلال المعركة ضدّ تنظيم الدّولة الإسلاميّة (داعش)، وقطعت بغداد الدّفق بالكامل بعد الاستفتاء على الاستقلال في أيلول/سبتمبر. وتوقّعت تركيا استئناف الدفق لكنّ ذلك لم يتحقّق بعد.

بحسب تقرير إخباري صادر يوم 28 تشرين الثاني/نوفمبر عن وكالة الأناضول التي تديرها الدّولة، قرّرت وزارة النفط العراقيّة بناء خطّ أنابيب جديد يدخل تركيا من فيشخابور ليحلّ محلّ خطّ متضرّر بشدّة. وسيكون لخطّ الأنابيب البالغ طوله 350 كيلومترًا هدف للقدرة يوميّة يصل إلى مليون برميل وسيبدأ من محافظة صلاح الدين بالعراق، ليمرّ عبر كركوك والموصل ويصل إلى تركيا عند فيشخابور. وتجدر الإشارة إلى أنّ الخطّ الموجود أصبح غير صالح للاستعمال في خلال احتلال داعش للموصل.

إلا أنّ إيران ساعدت العراق في المواجهة مع الأكراد، وأعلن وزير النّفط العراقي جبار اللعيبي أنّ بغداد وقّعت اتّفاقيّة تقضي بنقل نفط كركوك عبر إيران. تنصّ الصّفقة على ضخّ 30,000 إلى 60,000 برميل يوميًا عبر خطّ أنابيب مقترح إلى مصفاة النفط الإيرانيّة في كرمانشاه، وإلى حين الانتهاء من خطّ الأنابيب هذا، سينقَل النّفط عبر ناقلات. وقال اللعيبي في تصريح أدلى به يوم 7 كانون الثاني/يناير إنّ عمليّات النّقل ستبدأ قبل نهاية شهر كانون الثاني/يناير الجاري بقدرة أوّليّة تبلغ 30,000 برميل يوميًا.

نجد خمسة حقول رئيسيّة للنّفط في كركوك. كانت حكومة إقليم كردستان تصدّر 300,000 برميل من النّفط يوميًا إلى تركيا من حقلي هافانا وباي حسن عبر خطّ أنابيب بديل. وكانت شركة نفط الشّمال التابعة للحكومة العراقيّة تضخّ 150,000 برميل يوميًا من الآبار في الحقول الثلاثة الأخرى. وقال اللعيبي مؤخّرًا إنّه بفضل استثمارات شركات النّفط الأجنبيّة، سيزيدون القدرة اليوميّة في كركوك إلى مليون برميل.

لكن على الرّغم من مرور ثلاثة أشهر، لم نشهد أيّ تطوّر ملموس غير التقارير الإخباريّة حول خطّ الأنابيب الجديد.

إنّ معبر اوفاكوي الحدودي المقترح ومشروع خطّ أنابيب كركوك- جيهان مرتبطان أحدهما بالآخر، فالقوّات الحكوميّة في بغداد ستفرض سيطرتها على الطّريق المؤدّي إلى الحدود التّركيّة أو سيُعقَد اتّفاق مع حكومة إقليم كردستان. واليوم، مع أنّ الموصل وتلعفر تخضعان لسيطرة الحكومة المركزيّة، تسيطر البيشمركة الكرديّة على الطّريق إلى فيشخابور في الشّمال. وإنّ القوّات الحكوميّة، بعد تقدّمها الأوّلي، توقّفت عند حدود المنطقة المتنازع عليها، مع أنّ تركيا كانت تأمل بأن يتجاهل الجيش العراقي الحدود ويفرض سيطرته على الممرّ وصولاً إلى فيشخابور.

إذًا السّؤال المطروح الآن هو هل كانت الولايات المتّحدة أو إيران هي التي أوقفت التقدّم العراقي؟ وهل يماطل رئيس الوزراء حيدر العبادي لرؤية نتيجة المفاوضات مع حكومة إقليم كردستان؟

سألت صحيفة يني شفق التركية الموالية بشدّة للحكومة في 8 كانون الثاني/يناير، “من الذي يعيق مشروع معبر اوفاكوي؟”

أفاد التّقرير، مشيرًا إلى حزب العمال الكردستاني وبعض خلايا داعش المحتملة، بأنّ “معبر اوفاكوي الحدودي، المخطّط لإقامة طريق تجاري جديد يصل إلى بغداد، لطالما كان عرضة للمصاعب لأنّه سيتداخل مع خطط ممرّ الإرهابيّين. واليوم يواجه هذا المشروع خطر تحييده من جديد”.

ورد في الصّحيفة أنّ تركيا خطّطت في البداية لفتح معبر اوفاكوي في خلال حكم صدام حسين، لكنّ طائرات التّحالف التي كانت تقلع من قاعدة انجرليك الجويّة فتحت النار على الأطفال وهم يلعبون كرة القدم على الطريق المقترح، ما قضى على المشروع. وبهذه الطّريقة لمّحت الصّحيفة إلى تورّط الولايات المتحدة.

ونقلت (المونيتور) عن مصدر دبلوماسي قوله إنّ “خطّة فتح معبر اوفاكوي تسير ببطء لأنّ الأرض على الجهة العراقيّة من المعبر ليست خاضعة بعد لسيطرة الحكومة العراقيّة الكاملة، ومن غير العادل أن نلوم العراق على غياب الإرادة السّياسيّة لتنفيذ المشروع. فنحن لن نستطيع أن نلمس مدى صدقهم إلا بعد أن يبسطوا سيطرتهم على الأرض من جانبهم. وهم يطلبون الآن عروض أسعار لخطّ أنابيب جديد على مسار كركوك- جيهان. سيعتمد التقدّم الفعلي في هذا المشروع على مقاربة تركيا الجديّة واهتمامها”.

وأضاف المصدر الدّبلوماسي بقوله إنّ المزاعم بتدخّل الولايات المتّحدة وإيران هي “تكهّنات لا بدّ من أخذها في عين الاعتبار”.

وقال مشيرًا إلى علاقات العبادي بطهران، “طبعًا يريد الأميركيّون فرض قيود على حيدر العبادي. لا يتعامل الأميركيّون بصدق مع أحد في المنطقة، فالأمر ليس مقتصرًا على تركيا. في الوقت عينه، تسعى إيران إلى توسيع نفوذها من الحدود العراقيّة السّوريّة إلى كركوك. لا يرزح العبادي تحت أيّ ضغط فهو حصل على ما يريده”، وهو السّيطرة على المناطق المتنازع عليها. وأردف المصدر قائلاً “إنّه لا يريد التّصدّي لشيء وتعريض طموحاته الانتخابيّة للخطر”.

كانت قد صرّحت تركيا عن استعدادها للمضيّ قدمًا بالمشروعين لكن علينا أن نتذكّر أنّ رئيس الوزراء التّركي بن علي يلدريم أعلن عن أنّ العراق بات يسيطر بالكامل على معبر الخابور، وأفادت وكالة الأناضول عن الأمر عينه يوم 31 تشرين الأوّل/أكتوبر. قال وزير الجمارك بولنت توفنكجي إنّ “هذه أخبار سارّة” وأكّد أنّ العمليّات عند المعبر قد استؤنفت بوتيرتها الطّبيعيّة. وأفادت أيضًا وسائل الإعلام الأخرى الموالية في تركيا بأنّ العراق استعاد السّيطرة على المعبر.

لكن قال مصدر المونيتور الدّبلوماسي مؤخّرًا إنّه “لسوء الحظّ، لا يخضع معبر الخابور لسيطرة الحكومة. وصل رئيس الأركان العراقي إلى الخابور مع وفد وأقام عرضًا للقوى، لكنّ الجانبين ما زالا يتفاوضان حول وجوب فرض ‘سيطرة عراقيّة حصريّة’ أم إدارة مشتركة بين بغداد وحكومة إقليم كردستان”.

وذكرت وكالة رويترز أنّ الطّرفين سيلتقيان في 15 كانون الثاني/يناير للتفاوض بشأن ضوابط حدود حكومة إقليم كردستان، فضلاً عن النفط، والإيرادات الجمركيّة ومسائل أخرى.

اتّبعت تركيا عمومًا نهجًا متوازنًا تجاه إيران في العراق. وبالتوازي مع التوتّرات القائمة مع الولايات المتّحدة حول مواضيع مختلفة، اقتربت تركيا أكثر من طهران، كما رأينا أخيرًا من خلال معارضة أنقرة للدّعم الأميركي للمتظاهرين في إيران. قد يخفّف سلوك تركيا هذا من حدّة المنافسة مع إيران على العراق. لكن لم يتّضح بعد من الذي يأخذ العبادي بنصيحته في ما يتعلّق بالمطالب التركية، وهو الذي يتبع سياسة متوازنة بين طهران وواشنطن. وهذا خاضع للتكهّنات إلى حدّ كبير.

المصدر : al-monitor