في عفرين نساء يتطوعن لاعداد وجبات المقاتلين الكرد
خندان -
داخل منزل في مدينة عفرين بغرب كردستان، تتقاسم سيدات وشابات كرديات المهام: اثنتان منهما تحركان محتوى قدر كبير على نار حامية، بينما ينهمك بعضهن في غسل الخضار تمهيداً لاعداد وجبات ترسل الى المقاتلين الكرد الذين يتصدون للهجوم التركي.
وتشن القوات التركية ومجاميع سورية تدعمها انقرة منذ عشرة أيام عملية عسكرية على عفرين.
وتقول أمل عبدو لوكالة فرانس برس بينما تعمل سيدات خلفها افترشن الأرض على تقطيع البصل "نساعد أولادنا، نساعد شعبنا.. ونساعد المقاومة".
وعلى غرار العشرات، انضمت أمل، وهي خالة لثلاثة مقاتلين يشاركون في التصدي للهجوم التركي، الى مجموعة من النساء اللواتي يتولين يومياً إعداد وجبات الطعام لمقاتلي وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة الكردية.
وتقول أمل التي تزين أذنيها بحلى ذهبية، بفخر وتصميم، "مقاتلو الوحدات أولادنا.. ونحن بروحنا وأولادنا ندافع عن عفرين حتى آخر نقطة دم".
وتدور معارك عنيفة بين القوات المهاجمة والمقاتلين الكرد في عدد من القرى والبلدات الحدودية، تزامناً مع غارات تركية لم يسلم منها المدنيون.
وفي حين تقتصر مشاركة بعض النساء على تقديم الدعم المعنوي، تنهمك اخريات في غسل الخضار من خيار وطماطم وفليفلة خضراء، بينما تحرك سيدتان اللحم مع البصل المفروم داخل قدر كبير تمهيداً لاعداد وجبة الكبة.
وتعمل أمل مع سيدات أخريات على توضيب الكبة في أكياس بلاستيكية بيضاء الى جانب الخبز والخضار تمهيداً لارسالها الى الجبهة.
وعملت منظمة "كونكرا ستار" النسائية الكردية على تجهيز هذا المطبخ في مدينة عفرين، في مبادرة تشهدها بلدات عدة في المنطقة. وتشكل عفرين أحد الأقاليم الثلاثة التي اعلنت الادارة الكردية قيام النظام الفدرالي فيها منذ العام 2016.
وتقول أمينة حمو (23 سنة) التي ترتدي سترة من الصوف وتلف عنقها بوشاح خمري اللون، "بدأنا هذه المبادرة باتحادنا، وأتينا باسم المرأة لندعم قواتنا، قوات سوريا الديموقراطية ووحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة".
وتضيف "ندعمهم لا باعداد الطعام فحسب بل بالوقوف الى جانبهم، وهذا أقل ما يمكن أن نقدمه مقابل ما يقومون به".
وبحسب أمينة، تشارك نساء من "أنحاء مقاطعة عفرين كافة" في المبادرة، مضيفة "تأتي نساء كثيرات لمساعدتنا. الحمدلله هناك إرادة وهناك دعم".
ويمكن رؤية خلفها في إحدى زوايا الغرفة أكياس من البطاطا وصناديق من البيض. وتعتبر أن على "الأتراك أن يدركوا أن قواتنا ليست لوحدها. لا ندعمها بالطعام فحسب بل بـ(حمل) السلاح وكل ما يطلب منا".
ورغم كون المجتمع الكردي مجتمعاً محافظاً كما هو الحال في مختلف مناطق سوريا، لكن المرأة الكردية تتمتع بحقوق أساسية ويعرف عنها مشاركتها في كافة المجالات المدنية منها والسياسية وحتى العسكرية.
وتصدرت المقاتلات في وحدات حماية المرأة الكردية خطوط القتال ضد تنظيم "داعش" الارهابي، فتولت القائدة العسكرية روجدا فلات قيادة "حملة غضب الفرات"، التسمية التي أطلقت على عملية تحرير مدينة الرقة، التي كانت تعد أبرز معقل لداعش في سوريا.
وتشارك وحدات حماية المرأة حالياً في المعارك ضد القوات التركية والمجاميع السورية التابعة لها في منطقة عفرين، حيث نفذت قبل أيام المقاتلة أفستا خابور عملية فدائية. كما أعلنت الاثنين إصابة الصحافية آراس معصوم التي تعمل لحساب وحدات حماية المرأة أثناء تغطيتها للمعارك.
وبينما يشارك ابنها وابنتها في المعارك على الخطوط الامامية في عفرين، تتولى فاطمة سليمان (43 سنة) الاشراف على المطبخ.
وتقول السيدة، وهي أم لخمسة أولاد، "اذا جهزنا الطعام، فهذا يعني أننا نقويهم كي يستطيعوا أن يستمروا في الثورة ضد العدو"، مضيفة "بمقدورنا أن نكون قوة خلفهم ولا نتركهم".
وتضيف بفخر "أشعر هنا كأنني أدافع، هذا أيضاً مثل حمل السلاح والقتال" على الجبهة.
(AFP)