اخبار العراق الان

مع الحياة في كل تقلباتها في …( قهوة بنكهة السيفور)

مع الحياة في كل تقلباتها في …( قهوة بنكهة السيفور)
مع الحياة في كل تقلباتها في …( قهوة بنكهة السيفور)

2018-02-25 00:00:00 - المصدر: الصباح الجديد


يوسف عبود جويعد

قد تكون المجموعة القصصية المشتركة ( قهوة بنكهة السيفور ) بين القاص مازن صاحب الحسيني والقاصة ازهار الخزرجي , حافزاً للإشارة الى ظاهرة صحية تظهر في الساحة الادبية , قبل الولوج في تحليل هذه النصوص , الا وهي المنجزات الادبية المشتركة , والتي ظهرت بشكل كبير وواضح , وأخص في ذلك النصوص القصصية , والنصوص الشعرية , حيث نلاحظ وبشكل ملفت للنظر اشتراك اثنان او ثلاثة او عشرة او عشرين واكثر من الادباء للاشتراك في مجموعة مشتركة , لتطبع في كتاب واحد يضم هذه النصوص المتنوعة والمختلفة , وتتولى مؤسسة او رابطة أو جهة ثقافية طباعة هذه المنجزات الادبية , لقاء مبالغ مالية يقدمها الاديب المشترك لهذه الجهة ,قد تخفف عنه العبء الكبير مادياً الذي ينوء به في حالة تفرده بطباعة كتاب يخصه وحده , وهي ظاهرة اجتاحت الساحة الادبية في العراق , بل ان الامر تعدى ذلك الى اشراك كتاب عرب من مختلف الجنسيات , لتبادل الثقافات والمعارف , واحيانا عندما يظهر منجز ادبي سواء كان ذلك شعرياً او قصصياً, تشترك فيها مجموعة من الادباء العرب , تقام جلسات احتفائية خارج البلد , وهي صورة مشرقة ومشرفة لواقع الحركة الادبية في البلد , وهي ظاهرة تحتاج الى متابعة ودراسة ,للوقوف على مدى تأثيرها وفائدتها على الواقع الادبي , ومن هنا فنحن أمام عمل مشترك يدخل ضمن هذا الاهتمام , بين قاص وقاصة , الا أن الامر يختلف هنا , كونهما طبعا هذا المنجز داخل البلد , وعلى نفقتهما الخاصة , وهي تجربتهما الاولى , الا أنني عندما إطلعت عليها , وجدتها نصوص ناضجة تستحق المراجعة والاهتما م, كون اغلب تلك النصوص قد نشرت في صحفنا المحلية , وتقدم ثيمات , من واقع حياتهما داخل هذا البلد , اضافة الى حالات مستجزأة لتجارب وحكايا تدور احداثها في رواق هذا الوطن , وتمتد كتابة تلك النصوص , او لنقل اغلبها , دونت الحقبة الزمنية إبان الحكم المباد , وما جرى للانسان داخل هذا الوطن في ذلك الوقت , من ظلم , وقمع , وسلب للارادة , والقيد الخانق الذي كان يضيق الخناق على الرقاب في تلك الحقبة , وقد استطاع القاص مازن صاحب الحسيني مد جسور التواصل بين الحقبتين , الماضية وتلك التي نعيشها , ووجه التشابه الكبير بينهما, إذ ان هذه الحقبة الحالية , لازالت اشد قسوة وجور عن سابقتها , حيث القتل , والانفجارات , والسلب والنهب , وافتقاد الانسان لحريته , وإفتقاده لابسط حقوقه , وانتشار الجهل , وإنعدام الوعي , وتفشي الدجل والشعوذة , وقد اختارا لها بنية عنونة موفقة وهي (قهوة.. بنكهة السي فور ) والتي تتصل إتصالاً وثيقاً بمتن النصوص , وتعبر عنها , كونها تعبر تعبيراً دقيقاً لواقع حياتنا , التي صارت حقاً بنكهة السي فور , حيث ان الانفجارات , وتطاير الشظايا والرصاص , صار جزء من يومياتنا في هذه الحياة , وهي مأخوذة من نص قصصي للقاص مازن صاحب الحسيني
مهلاً سيدتي –
لا استطيع ان أمنحك السعادة والسرور –
الحب الذي تودين , الغرام الذي تشتهين –
فقد تكالبت كل ذئاب الليل , وطيور الظلام , علينا .
الوطن , يرتشف فنجان ال c4 المحلى , بدم أبناءه كل يوم –
سأذهب للذود عنه , أنتصر , أو أموت دونه.
وحتى ذلك الحين –
إعذريني
وهكذا فأنه يضع حب الوطن والذود عنه فوق كل الاهتمات , حتى العاطفية , أما القصة القصيرة جداً (شيخ القرية) فإنها تقدم لنا ثيمة غاية في الاهمية , عن الجهل وقلة الوعي , وطغيان الشعوذة والكذب وزحف هؤلاء الناس لانعدام معارفهم , وخاصة النسوة للتبرك بهذا الشيخ من اجل انجاب الاطفال , الا أنه يدعوهم لممارسة الرذيلة , حيث يظهر لنا في الضربة المفاجئة لهذا النص , ونهايته , هذا الاندفاع من قبل النسوة للتبرك بهؤلاء الدجالين
( حقاً أنه وقور , مبروك –
تلك البركة , قد ظهرت , وبانت , على الاطفال –
فأغلبهم , يشبهونه تماماً!!!) ص 11
اما القصة القصيرة (خمس دقائق) فإنها تنقلنا الى زمن الطاغية , وتدور احداثها حول طبيب يعد نفسه لإجراء ثلاثة عمليات كبرى , ولكنه يتفاجأ بأوامر جديدة , حيث يطلب منه أن يترك تلك العمليات ,وينصاع لتنفيذ اوامر صدرت من مجلس قيادة الثورة المقبور (ان مجلس قيادة الثورة , قد اصدر مرسوماً جمهورياً , قرر فيه قطع صيوان اذان الهاربين من الخدمة العسكرية, ليكونوا درساً وعبرة, لكل من تسوغ له نفسه الفرار , من الواجب العسكري المقدس, ان وزارة الدفاع , قد ارسلت إلينا اليوم , الوجبة الاولى من الهاربين, وعددهم خمسة , لنقوم بتنفيذ القصاص العادل بحقهم , حسب المرسوم الموقر , وقد تم إختيارك لتنفيذ الحكم )ص 26 , وقد اتضح خنوع وتملق مدير المستشفى , اما م اللجنة العسكرية المكونة من ضباط كبار , وهو يخاطب الطبيب , الا ان الطبيب يواجه هذا الامر اللاإنساني بالرفض, الامر الذي اوقعه تحت طائلة العقاب , فتصدر الاوامر بإعتباره خائناً , بقطع صيواني إذنيه . وهكذا نكتشف ان الحياة التي عشناها مع نظام قمعي حينذاك , شبيهة بهذه الحياة التي نعيشها , ولكن بإختلاف طرق التعامل , اما قصة ( طقوس…للحياة) فإنها تستعرض لنا احداث ام مفجوعة بإستشهاد ولديها في فاجعة (سبايكر) , وهي تأتي كل يوم تنثر الطعام في النهر للاسماك , وتقرأ الفاتحة ثواباُ, لولديها الشهيدين , لأن هذا النهر , قبر ولداها , اللذان استشهدا في مجزرة سبايكر . قدم القاص مازن صاحب الحسيني نصوص تتناول ثيمات مهمة وكبيرة , لاتتسع الدراسة لذكرها
(القاصة ازهار الخزرجي )
تتناول القاصة ازهار الخزرجي , نصوصها السردية , بشكل مختلف , من حيث زاوية النظر , والايقاع الحسي الانثوي , والثيمة التي تنتمي الى تداعيات إمرأة تعيش وسط هذا الخراب , ملتزمة بالادوات السردية المطلوبة في فن صناعة القصة القصيرة , وقد اجادت صناعتها , لتقدمها مسبوكة على نار هادئة , إذ يطغى على سير العملية السردية , هذا الهدوء المشبوب بهاجس مشتعل , في قصة (يُتم) نعيش معها حالة التداعيات العميقة حزناً لفراق واحة الدفء الاب , وهي تصفه من اعماق روحها التواقة لرؤيته ,( لكن إبتسامته التي تشبه هلال شوال, قد غابت, ومنذ ذلك الحين , وأنا صائمة ,عن كلمة (ابي) ص 88 , اما قصة (قطيعة) فإنها تتذكر ذلك الماضي الجميل , تتذكر جدتها , وتحزن لفراقها,وهي تتذكر تلك المعتقدات , فعندما تتعارك العصافير وتزداد زقزقتها فهذا دليل لقدوم ضيف , ونعيش معها في هذا العالم الذي استطاعت ان تخرجه من الماضي لتقدمه لنا ثيمة جديدة , ثم نكون مع النص السردي (اماه..يالها من صفعة!!) والذي تستعرض لنا فيه طالبة تكره مادة الاحياء , ولم تفلح في اجتيازها بنجاح , وتفضل الاستماع الى برنامج استوديو (10), وبين الدراسة واهتمامها بهذا البرناج نعيش طواف متصل يصل فينا الى صفعة الام التي تريد لها ان تنجح .وتقدم لنا في قصة (المطرقة ) واقع حياة الشباب في هذا البلد , والفقر المنتشر . وهناك نصوص سردية , تتناول ثيمات مختلفة , وبأسلوب وحس انثوي ينساب الى إحساس المتلقي , كإنسياب الموسيقى الهادئة , ولكنها تترك في النفس الاثر
أن المجموعة القصصية المشتركة (قهوة بنكهة السيفور) للقاصين مازن صاحب الحسيني , وازهار الخزرجي , تنبأ بدخولهما الى عالم فن صناعة القصة القصيرة والقصيرة جدا , بخطوات واثقة وبخبرة ودراية ووعي واضح , وهما ملتزمان بإدوات السرد واصول كتابة هذا الجنس المهم , فن التكثيف الصعب , وفن تكثيف التكثيف الصعب , وهي رحلة كبيرة ومنوعة لواقع هذه الحياة وهمومها , وامالها , واحلامها , واحزانها , وقد كتبت باسلوب الواقعية الانتقادية , والتي يشيران من خلالها الى مواطن الرفض , ويطالبان بحياة افضل , بأسلوب شائق وممتع .