أول وزيرة محجبة بتاريخ لبنان: الاسلام لايتعارض مع الحضور الاجتماعي للنساء
شكل تعيين الدكتورة عناية عز الدين وزيرة للتنمية الادارية في الحكومة اللبنانية مفاجأة ايجابية للبنانيين . فبعد الوعود التي اغدقها عدد كبير من رؤساء الاحزاب علي الجمعيات النسائية بتوزير سيدات، لم يف بالوعد الا رئيس مجلس النواب ورئيس حركة امل نبيه بري. وبذلك كسر الرئيس بري القاعدة التي سادت في لبنان لسنوات طويلة ومفادها ان النساء اللواتي يصلن الي البرلمان يدخلنه بالثوب الاسود ليرثن مقعداً ومكاناً تبوأه اب او اخ راحل . الوزيرة عز الدين اتت كتتويج لمسيرة سياسية بدأت بالانتساب الي صفوف حركة امل في بداية ثمانيات القرن الماضي وعبرت الي الحقيبة الوزارية عبر موقع عضو الكتب السياسي للحركة . وبدل ارتدائها ثوب الحداد كما زميلاتها في مواقع القرار النيابي والوزاري دخلت عز الدين مجلس الوزراء اللبناني بحجابها ما اعتبر ترجمة لتطور كبير شهده وضع النساء المحجبات في لبنان. بعد مرور اكثر من عام علي توليها موقعها الوزاري اثبتت عزالدين الاتية من عالم الطب والمختبرات الطبية انها من انجح الوزراء وانشطهم واكثرهم حضورا في وزارتها كما في مجلس الوزراء بشهادة الاصدقاء والخصوم .ثم جاء قرار حركة امل لترشيحها للانتخابات النيابية ليشكل ايضا علامة فارقة كونها السيدة الاولي التي يرشحها حزب سياسي لخوض انتخابات العام 2018 .
في حديثها لوكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية تؤكد عز الدين علي ضرورة رفع مستوي العلاقات اللبنانية الايرانية وتعزيزها وتعتبر ان ظروف الاستقرار السياسي والحكومي في لبنان لا تزال قائمة وتدعو للتنسيق بين حكومتي لبنان وسوريا انطلاقا من مقتضيات المصلحة اللبنانية .
عزالدين تحدثت عن اوضاع المرأة في لبنان وفي العالمين العربي والاسلامي واعتبرت ان المكانة التي تتبوؤها المرأة الايرانية في ظل الثورة الاسلامية الايرانية تشكل نموذجا يمكن تعميمه في العالم الاسلامي
وفيما يلي نص المقابلة كاملة:
*ارنا: البداية من توليك الموقع الوزاري ومعاليك تشكلين نموذج من خارج الطبقة السياسية التقليدية في لبنان وخاصة من حيث الشكل والانتماء والتجربة . كيف تقيمين هذه التجربة منذ البداية حتي اليوم ؟
**عزالدين: التجربة ايجابية بحمد الله مع ان خوض التجربة السياسية في لبنان لشخص من خارج السياق التقليدي ليس بالامر السهل. اولا كوني سيدة وللاسف فان الظروف السائدة لا تقدم تسهيلات للنساء ويكون علي المرأة في الشأن السياسي ان تبذل الجهد المضاعف في الموقع الذي تتولي مسؤوليته. الا ان وصولي الي الموقع الوزاري نتيجة مسار تنظيمي في حركة امل شكل نقطة ايجابية للمسيرة السياسية للمرأة اللبنانية. كل النساء تقريبا اللواتي وصلن الي مركز وزاري او نيابي اتين في سياق التوريث السياسي. دولة رئيس مجلس النواب ورئيس حركة امل الاستاذ نبيه بري اخذ قرار ليضع حد لهذا الاداء السياسي غير السليم تجاه المرأة اللبنانية فكان قرار توزيري. ايضا هناك عامل اضافي كوني سيدة ملتزمة دينيا ومحجبة وعلي الرغم من التقدم الكبير الذي شهدته اوضاع المرأة المحجبة في لبنان الا انه وللأسف فان النظرة العامة والسائدة تجاه المحجبات هي نظرة نمطية وفيها نوع من التمييز السلبي. يمكن القول ان وصولي كمحجبة ساهم بتقديم صورة ايجابية وهذا امر يسعدني ويضعني في موقع مسؤولية وتحدي في نفس الوقت. احب ان اضيف اني اسعي لتقديم نموذج في العمل السياسي في لبنان قائم علي اعتبار الموقع في الشأن العام هو موقع لخدمة الناس انسجاما مع كلام الامام علي عليه السلام سيد القوم خادمهم. للاسف فان الاداء السياسي في لبنان لمعظم السياسيين يفتقد لهذا المعني. السياسة لدي الكثير من الافرقاء هي نوع من التشريف الاجتماعي. طبعا انا لا اعمم هناك استثناءات. وارغب بان اكون من هذه الاستثناءات وهو ما يتناسب مع انتمائي العقائدي كملتزمة دينيا وانتمائي السياسي لحركة امل وهي حركة المحرومين.
*ارنا: هل يمكن اعطاؤنا صورة عن اوضاع المرأة في لبنان لناحية الحقوق السياسية والوضع القانوني والاجتماعي؟
**عزالدين: بداية اود ان اشير الي ان وضع النساء الاجتماعي لناحية حضور المرأة في المجتمع وفي سوق العمل متقدم علي الوضع القانوني والسياسي. فالنساء في لبنان فاعلات الي حد كبير في الحياة الاجتماعية والعلمية والعملية. ففي لبنان نسبة جيدة من الطبيبات والاعلاميات والمهندسات والمعلمات والمحاميات والقاضيات .المرأة موجودة في كل مجالات العمل تقريبا.
ولكنهن لا يصلن الي مواقع القرار بما يتناسب مع حجم انخراطهن في القطاعات المختلفة. بدأنا مؤخرا نشهد تطور خاصة في المجالات الامنية فقد وصلت بعض النساء الي مواقع قيادية واثبتن كفاءة عالية. تبقي المشكلة الكبيرة في التمثيل السياسي . علي الرغم من كون لبنان من اوائل البلدان في العالم العربي الذي اعطي النساء حق الترشح والانتخاب وذلك في العام 1953 الا ان عدد الوزيرات منذ ذلك الوقت لم يتخط الثمانية وعدد من وصلن الي مجلس النواب لم يتخط العشر سيدات وهذا عدد قليل جدا . من هنا كانت مطالبتنا بان يتضمن القانون الانتخابي الجديد الكوتا النسائية في مجلس النواب ولكن للاسف لم يتم الاخذ بهذا المطلب .وهذا يتطلب من النساء اللبنانيات بذل المزيد من الضغوط لتحقيق مطالبهن واعتقد ان البداية يجب ان تكون من العملية التربوية ومن الاحزاب السياسية التي يفترض ان تعزز النساء داخل التنظيم كمقدمة لاداء الادوار النيابية والوزارية
*ارنا: تحدثتي معالي الوزيرة عز الدين عن العدد القليل للنساء في مواقع القرار السياسي ما هو تفسيرك لهذا الامر؟ و هل تعتقدين ان القانون الانتخابي الجديد يمكن ان يساهم بوصول عدد اكبر من النساء الي الندوة البرلمانية ؟
**عزالدين: كما ذكرت قبل قليل السبب الرئيسي ثقافي . للاسف حتي ايامنا هذه تنعدم ثقافة ترشيح النساء وانتخابهن . اصرارنا علي الكوتا ينطلق من ايماننا بان القوانين تغير سلوك الناس والكوتا يمكن ان تغير سلوك الناخب فيعتاد علي ترشح النساء وانتخابهن .هناك ايضا دور الاحزاب التي يفترض ان يكون وصول النساء الي مواقع القرار فيها جزء من برامجهم الانتخابية .
اما القانون الجديد فنحن متفائلون به لانه يعتمد النسبية للمرة الاولي في تاريخ لبنان . والنسبية تؤمن عدالة التمثيل علي مختلف المستويات السياسية والاجتماعية
*ارنا: مؤخرا تم ترشيحك من قبل الرئيس بري علي لوائح الثنائية الشيعية وكان ترشيحك هو الاول الصادر عن حزب سياسي في هذه الانتخابات . هل ترين ان الاحزاب الاخري يمكن ان تصاب بعدوي وان نشهد ترشيحات نسائية اكثر؟
**عزالدين: اولا انا اعتز بالثقة التي منحني اياها الرئيس بري وقيادة حركة امل واتمني ان اكون علي قدر طموحات الناس وتوقعاتهم . ما احب ان اشير اليه ان حركة امل الي الان هي الحزب الوحيد الذي وفي بما تعهد به وانسجم مع نفسه . نحن في حركة امل مؤيدون للكوتا وتوزيري ثم ترشيحي للمجلس النيابي اكد ان الموضوع ليس مجرد تنظير بل هناك رغبة بالتطبيق . اما بالنسبة للعدوي فانا اتمني ان تفي الاحزاب بما وعدت به وان يصل اكبر عدد من النساء الي الندوة البرلمانية .
*ارنا: اذا حالفك الحظ ستكونين اول سيدة لبنانية من الطائفة الشيعية التي تصل الي مجلس النواب اللبناني منذ تأسيسه حتي الان ؟
**عزالدين: اولا انا افتخر بانتمائي لهذا المكون الكبير والمهم في لبنان وبما ان المقاعد النيابية في لبنان موزعة طائفيا ففي حال توفقت ووصلت الي البرلمان فسأتبوأ احد المقاعد النيابية الشيعية وهذا يشرفني لكني في نفس الوقت سامثل كل الامة وكل اللبنانيين من مختلف الطوائف ورجالا ونساء
*ارنا: ما هو مشروعك الانتخابي ؟
**عزالدين: مشروعي هو مشروع حركة امل الذي اعلنه الرئيس بري وهو مشروع شامل بابعاد سياسية واجتماعية واقتصادية وطبعا التأكيد علي حق لبنان في الدفاع عن نفسه في وجه العدو الاسرائيلي من خلال ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة خاصة في ظل التهديدات الاسرائيلية للثروة النفطية الواعدة في لبنان
*ارنا: هل ترين تطورا لوضع المراة في العالمين العربي والاسلامي؟ البعض يدعي بان الاسلام هو المانع الكبير لحضور المراة في المجتمع؟ ما هو رايك؟
**عزالدين: لا يمكن فصل وضع المراة عن مجمل المشهد العام . وكما هو واضح فان العالمين العربي والاسلامي يعيشان حالة من التردي السياسي والاجتماعي والثقافي ومن الطبيعي ان ينعكس هذا الواقع علي اوضاع النساء . والوضع ازداد سوءا مع ظهور الحركات التكفيرية التي اساءت لصورة الاسلام بشكل عام ولصورة المرأة بشكل خاص . اظهر التكفيريون المرأة كسلعة تباع وتشتري واعتقد اننا نحتاج لوقت طويل لتغيير هذه الصورة .
اما الادعاء بان الاسلام يمنع حضور المرأة فهذا كلام مناقض للمفاهيم الاسلامية وللتجربة الاسلامية وتحديدا في زمن رسول الله (ص) حين حضرت النساء في مختلف جوانب الحياة في السنوات الاولي للاسلام وبرعاية ومباركة من الرسول (ص).
كما ان اطلالة سريعة علي ابرز المفكرين الاسلاميين في عصرنا الحديث تؤكد علي دور المرأة في الاسلام . كلنا يعلم المكانة الكبيرة التي اعطاها الامام الخميني للمرأة سواء علي المستوي التتظيري او العملي .وصل الامر الي حد تشبيهه للمرأة بالقرآن ونحن نعرف قدسية القرآ ن في الاسلام . ايضا الامام موسي الصدر كان حريص في فكره وفي ممارسته علي اهمية دور المرأة ومركزيته في تطوير المجتمع واصلاحه .
واعتقد ان تجربة المرأة في الجمهورية الاسلامية الايرانية دليل علي مدي احترام الاسلام للمرأة وعلي المكانة الهامة والمحترمة للنساء في الاسلام .
*ارنا: بما انكم اتيتم علي ذكر المرأة في ايران ، كيف تقيمين وضع المرأة الايرانية وهل ترين ان هذا الوضع يمكن ان يشكل نموذج يساعد النساء المسلمات علي تحسين اوضاعهن ؟
**عزالدين: بالتأكيد ان وضع المرأة الايرانية نموذج هام لتوضيح موقع المرأة في الاسلام . اعتقد ان النموذج الايراني هو نقيض النموذج التكفيري علي مختلف المستويات وخاصة في موضوع المرأة . نحن نعلم ان الحروب الناعمة التي تشن في عصرنا الحالي تتخذ من قضايا المرأة عنوانا بارزا . وقد استطاعت الجمهورية الاسلامية الايرانية ان تقدم تجربة عملية لمواجهة هذه الحرب الناعمة . المرأة في ايران تتولي مواقع قيادية علي مستوي القرار السياسي . هناك وزيرات ومستشارات للرئيس وممثلات للشعب في مجلس الشوري .لا ننسي ان المرأة الايرانية لديها موقع قوي في البنية الاجتماعية وهذا عامل ضروري واساسي لتطوير وضع المرأة في اي مجتمع من المجتمعات . في الحقيقة ان لدي قناعة بان التطور الذي وصلت اليه الجمهورية الاسلامية الايرانية يدين بشكل كبير لوضع المرأة المتقدم . بعبارة اخري انا اعتقد ان احد اهم شروط تقدم اي مجتمع هو احترام المرأة وتعزيز مكانتها .
*ارنا: ماذا عن العلاقات اللبنانية الايرانية ؟
**عزالدين: العلاقات اللبنانية الايرانية هي علاقات قديمة وتاريخية . وهي وصلت الي ذروتها من خلال الدعم الكبير الذي قدمته الجمهورية الاسلامية الايرانية للبنان من اجل تحرير اراضيه من الاحتلال الاسرائيلي وتحقيقه اول انتصار عربي علي العدو الاسرائيلي . فيما بعد ابدت الجمهورية الاسلامية الايرانية استعدادها لتسليح الجيش اللبناني وللمساعدة في حل مشكلة الكهرباء . هذا الواقع كرس مكانة ايران لدي عدد كبير من الشعب اللبناني واعتقد ان المستوي الرسمي معني بتعزيز العلاقات ورفعها الي مستوي اعلي .
*ارنا: هل من امكانية للتعاون في مجال التنمية الادارية بين البلدين ؟
**عزالدين: في فترة سابقة زارني مساعد وزير التنمية الادارية افي الحكومة الايرانية وتحدثنا عن مجالات التعاون وتبادل الخبرات ويبدو ان هناك الكثير من الملفات والعناوين التي يمكن تبادل الخبرات حولها .اتمني استكمال المباحثات لتحديد اليات للتعاون بيننا
*ارنا: ماذا عن العلاقات اللبنانية السورية؟ هل حان الوقت لتوسيع العلاقات بين البلدين؟
**عزالدين: بالتأكيد هذا الامر يجب ان يكون من الاولويات اللبنانية ودولة رئيس مجلس النواب نبيه بري كان السباق في الدعوة الي ضرورة التنسيق بين حكومتي البلدين لان المصلحة اللبنانية تقتضي هذا .
سوريا هي جارنا الوحيد ومنفذنا الي العالم العربي والممر الضروري لبضائعنا الزراعية والصناعية . كما ان قضية النزوح اصبحت عبئا يفوق قدرة لبنان علي التحمل . من هنا ضرورة التنسيق بين البلدين وعلي اعلي المستويات لتأمين المصالح المتبادلة .
*ارنا: يشهد لبنان استقرارا امنيا وسياسيا في الوقت الذي يعيش فيه المحيط توترا كبيرا الي حد الاشتعال . هل ترين ان مقومات استمرار هذا الاستقرار متوفرة علي المدي المنظور ؟
**عزالدين: بالفعل نجح لبنان في تحقيق استقرار امني وسياسي الي حد مقبول . واعتقد ان كل الاطراف لديها رغبة في استمرار هذا الاستقرار كما ان خوف الدول الغربية من توجه النازحين السوريين الي بلادهم في حال اهتزاز الاستقرار الامني في لبنان انعكس حرصاً من هذه الدول علي استمرار الاستقرار .
انتهي**2054** 2344