اخبار العراق الان

واعرباه!

واعرباه!
واعرباه!

2018-03-20 00:00:00 - المصدر: قناة التغيير


تواجه الأمة العربية منذ سنوات حالة من فقدان المناعة العصيّة على العلاج، ما جعلها تصاب بالشلل والزهايمر السياسي الذي جعلها عاجزة وغير قادرة على الوقوف في مواجهة ما تتعرض له من مخاطر وجودية، وامتد هذا المرض الخبيث إلى النظام العربي ومؤسساته، وأفقده القدرة على السمع والبصر والحس بما يجري فيه ومن حوله، وكأن الأمة صارت عبئاً على نفسها، والجامعة التي تجمعها تحوّلت إلى كيان وهمي، أو اسم على غير مسمى.
اشتد المرض على الأمة منذ ثماني سنوات، أي منذ انطلاق ما يسمى «الربيع العربي»، فدخلت في حالة من الغيبوبة، فيما هي تنزف دماً من كل جوانبها، وتقتحم خلاياها أمراض وأوبئة من داخلها وخارجها، ولا من يقدّم لها الدواء الشافي، أو الوصفة التي تعينها على الوقوف.
صار الأمن العربي في خبر كان، والأرض العربية مشاعاً لكل طامح وطامع. هنا في الجوار هناك من يقتحم الحدود من دون استئذان، ويحتل الأرض والقرى والمدن. وهناك من يغتصب ويعربد ويمارس الإرهاب والعنصرية وينتهك المقدسات ويفرض الأمر الواقع. وهناك من يأتي من أقاصي الأرض بجيوشه وأساطيله ويحتل ويرتكب الجرائم، ويدّعي أنه يدافع عن الحرية وحقوق الإنسان، ويتبجح بأنه سوف يبقى لأن له حقاً في الثروات العربية. وهناك من أتى للدفاع عن مصالحه وأمنه من عندنا، لأننا تركنا أبوابنا مشرعة، وتخلينا عن السقف الذي كان يحمينا.
وماذا بعد؟ كأننا أمة باتت في عراء التاريخ، فقدت كل ما كان يجمعها ويلملم دولها وشعوبها، ويحمي وجودها..لا غطاء ولا سقف ولا نوافذ. العواصف تضربها من كل جانب، لا حاجز ولا مصدّ ولا دفاع. أليست هذه حالنا اليوم؟ دواشر الأرض وقوارض الزمان تتطاول علينا وتسرح وتمرح، ونحن نتفرج على مقتلتنا ومقبرتنا التي تتسع، وعلى دمنا المسفوح هنا وهناك وهنالك.
نتطلع مثلاً إلى ما يجري في سوريا، حيث تنزّ الشاشات دماً وأشلاء من جهاتها الأربع، إضافة إلى السماء، ولا نسمع إلا العويل والبكاء والأنين وصدى المدافع وأزيز الطائرات، ولا نرى إلا الجثث المحترقة والأبنية التي تحوّلت إلى ركام أو مقابر، والجيوش الجرارة التي تعبر الحدود بلا استئذان وتجبر مئات آلاف البشر على الفرار كالجرذان في كل الاتجاهات، بحثاً عن ملاذ تلجأ إليه قبل أن يداهمها الموت.
ثم نتطلع من حولنا، فلا نجد إلا صمت القبور والأصوات المبحوحة التي تدين أو تستنكر على حياء، وكأن سوريا ليست بلداً عربياً كان صانعاً لتاريخ مجيد وموئل حضارة، شواهدها ممتدة من الساحل إلى الجبل إلى قلب الصحراء والبادية.
لا جامعة عربية تتحرك، ولا قمة أو اجتماعاً على مستوى وزراء الخارجية، ولا على أي مستوى، وكأن سوريا بلد منسي متروك لقدره، وعليه أن يتحمّل مسؤولية ما جناه على نفسه، وليس ما جناه غيره عليه.
سوريا تستغيث.. واعرباه، لكن الخليفة المعتصم مات منذ أمد بعيد، فلا معين ولا مغيث.

نقلا عن الخليج

شارك هذا الموضوع: