اخبار العراق الان

عاجل

الناقد الجزائري حمزة قريرة: الثقافة المغاربية لم تأخذ حظها في الإعلام العربي

الناقد الجزائري حمزة قريرة: الثقافة المغاربية لم تأخذ حظها في الإعلام العربي
الناقد الجزائري حمزة قريرة: الثقافة المغاربية لم تأخذ حظها في الإعلام العربي

2018-04-09 00:00:00 - المصدر: ميدل ايست


الجزائر - يتابع الناقد والكاتب الجزائري د.حمزة قريرة مكوّنات الفضاء الإبداعي الجزائري، حيث يحضر بقوة سواء من خلال قراءاته النقدية للأعمال الروائية أو الشعرية أو المسرحية التي يحفل بها المشهد الإبداعي أو مشاركته في المؤتمرات والملتقيات النقدية والندوات، فضلا عن كتاباته في الشعر والمسرح والرواية، حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الأدب العربي المعاصر.

ويعمل أستاذا محاضرا في قسم اللغة والأدب العربي، كلية الآداب واللغات بجامعة قاصدي مرباح بورقلة، ومن أعماله في المجال الإبداعي رواية "جوكاستا"، مسرحية "الأستاذ"، مسرحية تفاعلية "بلا نظارات الحيات أفضل"، رواية تفاعلية "الزنزانة"، قصيدة تفاعلية "الحب يتكلم كل اللغات" وفي المجال النقدي كتاب "بنية الفضاء في الخطاب الروائي لأمين الزاوي"، فضلا عن عشرات الدراسات النقدية التنظيرية والتطبيقية.

وفي هذا الحوار معه نلقي الضوء على المشهد الإبداعي والنقدي في الجزائر وما يتميز من ملامح وخصوصياته وأبرز أسمائه، وما يملكه من ثراء على مستوى الموضوع والمعالجة.

المشهد السردي

بداية أكد د.حمزة قريرة أنه مع بداية الألفية الثالثة بدأ المشهد السردي في الجزائر بشكل عام في الانفتاح على عدة مستويات من الناحية البنائية النصية بدأ التداخل النصي والأجناسي، كما وصل التجريب أوجه مع ظهور جيل جديد من الكتاب حاولوا بنائيا تخطي الأساليب التقليدية في الكتابة فلم يعد خط سير السرد منتظما ولا على هدى فنعثر على تشكيلات نصية غاية في التجريب والانعتاق من قبضة النموذج، ونمثّل لذلك بعدة أسماء وأعمال وهي على سبيل الاستشهاد لا الحصر فالمقام النصي لا يسعها جميعا، "أهداب الخشية عزفاً على أشواق افتراضية" للروائية منى بشلم وهي رواية تتداخل فيها الجناس بشكل ملفت حيث تظهر لغتها الشعرية المحلّقة والدفقة العاطفية الواضحة والمسيطرة على الشخوص، كما عمل التجريب البنائي عمله في تقديم الرواية بشكل مختلف.

ومن الروايات أيضا نذكر رواية "وصيّة المعتوه" كتاب الموتى ضد الأحياء لإسماعيل يبرير حيث تنكسر مسارات السرد ويتم تجريب الجنون وعدم منطقيته في تقديم الأحداث الأكثر اضطرابا، كما نقدّم عددا من الأسماء التي شغلت الساحة الإبداعية سواء على مستوى الرواية أو القصة، كالروائي سمير قسيمي في نصوصه المثيرة قرائيا... وفيصل الأحمر وعز الدين جلاوجي.. وسعيد موفقي.. إضافة إلى البناء العام نلاحظ تحوّلات مهمة على مستوى اللغة السردية التي عمّقت قربها من اللغة الشعرية، كما ظهر بوضوح في الكثير من التجارب التأثر بلغة مواقع التواص الاجتماعي التي أصبح لها حضور ودور كبير في تشكيل لغة النصوص بل وعمليات التصوير لدى الكتّاب، مما جعل النصوص تفقد في عدد من أجزائها روح الخطية وثنائية البعْد إلى شكل آخر يصوّر وفق طرائق جديدة لا نجدها إلا في مواقع التواصل.

كما نشير إلى مستوى آخر طبع التجارب السردية في هذه المرحلة وهو مستوى الموضوعات (التيمات) فقد انعكس نبض التشظي على الكتّاب وهذا نابع من واقعهم الحرج، فبعد فترة العشرية السوداء وما نتج عنها من تحوّلات في الرؤية وانعكاسات على الحياة الاجتماعية والثقافية، كذلك انفتاح الكتّاب على التجارب العربية والعالمية جعل من نصوصهم تبدو أكثر قربا من الفوضى الموضوعاتية والاغراق في الذاتية والتجارب الخاصة. وبعيدا عن الأحكام القيمية تظل هذه التجارب تمثّل مرحلة مهمة في الانتقال من الألفية الثانية إلى الثالثة بما تحمل من قيم ومعايير مختلفة، يحاول خلالها الكتاب تلمّس طريقهم في عالم جد متسارع.

الحضور الجزائري العربي

وحول محدودية الأسماء الروائية الجزائرية المشهورة على النطاق العربي خاصة وهل السبب دورالإعلام وضعف تعامل الروائيين الجزائرين معه أو بالأحرى تقصيرهم، أم بسبب قلة سيطرة هذه الأسماء على المشهد، قال د.حمزة قريرة "الأزمة أزمة مقروئية بالدرجة الأولى وهي موجودة على مختلف الأصعدة القرائية وليست خاصة بالسرد، كما هي ظاهرة عربية بدرجات متفاوتة، فالكتاب الورقي لم يحقق القدر الكافي من الانتشار، ومن ناحية أخرى لم يحظ الكثير من الكتاب بالتغطية والتأطير المؤسساتي الكافي كي تصل نصوصهم للعالم العربي، وهناك سبب آخر أراه مهما للغاية في التعريف بالكتاب وهو رقمنة الإنتاج السردي، وهو ما نفتقره فعلا، فعلى مؤسسات النشر رقمنة كل ما تطبعه على الأقل بعد مرور سنة من نشر الورقي، كي يصبح العمل السردي متاحا للمتلقي العربي على اختلاف مستوياته، وهنا المسؤولية تقع على الكتاب أيضا، فعليهم رقمنة أعمالهم خصوصا أن حقوق النشر لهم في الغالب، ونتاجهم ليس تجاريا، أما مسألة الأفضلية في الساحة فالحكم القيمي لا يعبّر عن الحقيقة ويبقى الحكم على النص الأفضل بيد المتلقي ومدى بقائه حيا قرائيا، ففي تصوّري الساحة تسع الجميع والنص الأقوى سيفرض نفسه خصوصا مع عصر المعلوماتية فاحتكار الساحة أصبح من الماضي، كما أشير في هذا المقام إلى مسألة أراه مهمة في التعريف بالكتّاب وهي الصحافة الثقافية والمختصة فعددها قليل لا يلبي حاجة الكتّاب وعددهم المتزايد، فنحتاج إلى دور مؤسساتي حقيقي في خلْق منابر إعلامية ثقافية للتعريف بالنصوص السردية ومنح فرصة للكتاب الجدد للظهور، كما تعمل هذه المنابر على تقديم هذا الأدب على المستوى العربي والعالمي. بهذا فالأسباب متعددة لا تقتصر عن طرف دون آخر ويجب على كل طرف العمل من أجل تقديم الأفضل نصا ونقدا وتعريفا.

الحركة النقدية

ورأى قريرة أن هناك حركة نقدية جزائرية في مجال السرد لكنها غير كافية لتحتضن الكم الهائل من النصوص، وأغلب هذه النقود أكاديمية، حيث نجدها مقيّدة بمناهج يصعب معها قول الكثير حول النص، لهذا فنحن في حاجة إلى نقد أكثر حيوية وتحررا من قبضة وصرامة المنهج التي قد تكبح جموح الناقد.

وأوضح "هذه الحركة كما تقدّم أكاديمية بالدرجة الأولى ويمكن رصدها في تمظهرات كثيرة كالمقالات النقدية التي تغطي الجانب الأكبر من المجلات والدوريات المحكّمة التي تصدر عن الجامعات أو المؤسسات الثقافية والمتتبع لها سيلاحظ الكم الهائل من المقالات النقدية حول السرد عموما، والجيّد في هذه المجلات وجودها مرقمنة على النت مما يسهل على الباحث العثور عليها بيسر من أي قطر عربي، إضافة للمجلات نجد رسائل التخرّج والتي تغطي حيزا مهما في تتبع النصوص السردية، وهي الأخرى في الجزائر متاحة ومجانية للباحثين يكفي الدخول لأي موقع من مواقع الجامعات الجزائرية وزيارة المكتبة وتحميل أي أطروحة بالمجان، وهذا أمر مهم نقديا للتعرف على النصوص وقراءتها".

وأضاف كما "نشير إلى حركة التأليف النقدي في مجال السرد حيث نرصد الكثير من الدراسات سنويا تتناول عددا من النصوص، وقد زادت هذه الدراسات انتشارا خصوصا مع تشجيع الدولة النشر، بل جعلته مجانيا على مستوى مختلف مديريات الثقافة في كل ولاية، مما شجّع الباحثين أكثر. لكن كما ذكرت سابقا تظل العملية لا تساير الإبداع ولا طموح النخبة، إلا أنها خطوة نحو الأفضل".

وقال "طبيعي أن نجد الأكاديميين هم الغالب على الحركة النقدية لأن الأمر مرتبط بطبيعة عملهم وتخصصهم، لكن هذا لم يمنع النقاد الآخرين من تقديم أطروحاتهم النقدية، لكنه تظل محدودة لأن عددهم أقل بحكم التخصص، إضافة على هذا فمختلف المنابر تستقبل الأكاديميين أكثر وفي الأمر اجحاف في حق بعض النقاد، لكن يظل النص النقدي الأفضل والذي يُثبت جدارته في الساحة هو الأقدر على البقاء والظهور ولو بعد حين".

الحركة الثقافية

وحول مشهد الحركة الثقافية في الجزائر وطبيعة التواصل بين مثقفيها ومبدعيها وكتابها خاصة أن المتابع لها من بعيد يحس أنها أشبه بكنتونات معزولة أو جزر معزولة لا يوحدها شيء، وأكد قريرة أن "الحركة الثقافية الجزائرية تشهد حوارية وتشاركا كبيرا وما يظهر من عزلة فهو مجرد أحكام فردية، ويمكن ببساطة ملاحظة هذه الحركية سواء على مستوى الجامعات أو المؤسسات الثقافية الموجودة على مستوى الوطن، فلا تتوقف الحركة طول السنة من ملتقيات وندوات وقراءات في أعمال فنية، وعلى مستوى وزارة الثقافة مثلا تم قبل سنوات استحداث طريقة الأسابيع الثقافية حيث يتم التعريف بمثقفي كل ناحية لأسبوع كامل في منطقة أخرى فكانت فرصة طيبة للتعرف على المثقفين في كل ربوع الوطن، أما على مستوى الجامعة فالنشاط الأكاديمي والإبداعي لا يتوقف طوال السنة، لهذا فالنظرة الأولى للمشهد ربما لا تعكس حقيقته، ويمكن للمتتبع الدخول لموقع وزارة الثقافة أو التعليم العالي وسيجد رزنامة ضخمة من النشاطات الثقافية والعلمية التي تجمع المثقفين على اختلافهم".

حضور بسيط

واعترف قريرة بأن الثقافة المغاربية بشكل عام حضورها بسيط في الإعلام العربي، أما التقصير فهو مزدوج، فالإعلام العربي يهتم بالأضواء وما يحقق له انتشارا مما يجعله يزهد أو يقلل الاهتمام بالحركة الثقافية المغاربية، ومن جهة أخرى هناك تقصير مغاربي في التعريف بمثقفيه لكل العرب، وهذا راجع لعدة أسباب كما تقدّم. لكن رغم ذلك إلا أننا نلاحظ خلال الفترة الأخيرة وجود توأمة جدية وعمل مشترك يسعى إلى تقديم المثقف المغاربي بشكل عام لكافة العرب ومن أمثلة ذلك ما يقوم به اتحاد الكتاب الجزائري والمصري.

المشروع النقدي

وردا على سؤال حول مشروعه النقدي قال قريرة "أحاول عدم التخندق والانعتاق التام من التصنيف أريد نقدا حرا إلا من المعايير العلمية، نقدا نصيا خالصا، يقدّمنا للآخر بحلة جميلة هي أصلنا، فالكلام اليوم أعمق من نص مغاربي يقدّم لكافة العرب، نحن أمام نص عربي يحاول تصحيح المسار والوقوف في وجه كل التيارات ليحافظ على هويّته العربية، كما يعمل كوثيقة مهمة تقدّم صورة طيبة عنا للآخر وتؤسس للبعْد الإنساني الذي يعوز الكثير من الكتابات للأسف الشديد، لهذا فطموحي أن نوحّد الصفوف النقدية بداية بتوحيد المصطلح بيننا وإنشاء هيئة علمية عربية ملزمة لكل المؤسسات بتطبيق جهاز مصطلحي نقدي عربي يتم الاجماع عنه، ومن ثمة وضع مناهج عربية مشتركة للمقاربة النصية تتوافق والخصوصية العربية. أما على مستوى الممارسة النقدية فأنا أحاول تطوير الأدوات الإجرائية في النقد التفاعلي الخاص بالأدب التفاعلي/الرقمي، وحاليا بصدد إطلاق موقع-مدونة خاصة بالأدب والنقد التفاعلي، تضم نصوص تجريبية كثيرة على المستوى الإبداعي ومحاولات نقدية نتمنى أن تثمر في المستقبل وتكون تشاركية بين مختلف المبدعين والنقاد العرب".

الناقد الجزائري حمزة قريرة: الثقافة المغاربية لم تأخذ حظها في الإعلام العربي