سلامة التمثيل
محمد عبد الجبار الشبوط
الاصل في الديمقراطية انها مباشرة، بمعنى ان يحكم الانسان نفسه بنفسه بدون وسيط او وكيل او نائب او ممثل. حيث لاسيادة لبشر على بشر اخر. الديمقراطية ان يحكم الشعب نفسه بنفسه.
ولما كان الشعب مؤلفا من عدد كبير من الافراد ما جعل “حكم الشعب نفسه بنفسه” امرا متعذرا او بالغ الصعوبة، فقد اضطرت البشرية الى سلوك طريق غير مباشر وهو ان يقوم الشعب باختيار من يقوم بالتشريع والحكم نيابة عنه. وهكذا انتقلنا من “الديمقراطية المباشرة” الى “الديمقراطية التمثيلية” القائمة على اساس الانتخاب الدوري. ومن بين عدد كبير من المسائل التي قد تواجهها الديمقراطية التمثيلية، او الانتخاب، فان “سلامة التمثيل” هي المسالة الاكثر الحاحا وخطورة واهمية، لان ما يقدح بسلامة الديمقراطية ويخدج سيادة الشعب واصالة سيادة الانسان ان يكون التمثيل مخروما ومطعونا بسلامته. ولذا تحرص الدول الديمقراطية العريقة على تحري افضل السبل والانظمة لضمان سلامة التمثيل في اختيار من يمارس التشريع او التنفيذ باسم الشعب ونيابة عنه. ولا يخلو نظام انتخابي من سلبيات بطبيعة الحال، لذا تلجأ الدول الديمقراطية الى اختيار اقل الانظمة الانتخابية سلبيةً واكثرها ايجابيةً، بالمقارنة بين نظام انتخابي واخر.
ومن بين الانظمة الانتخابية المختلفة، فان النظام الفردي بالترشيح والتصويت هو الاكثر من حيث الابجابيات والاقل من حيث السلبيات لانه يضمن حصول الشخص الاكثر اصواتا على حق التمثيل او التنفيذ نيابة عن الشعب. يذكر بعض النقاد سلبيات يتصف بها نظام الانتخاب الفردي، لكنها سلبيات جانبية لا تتعلق باصل سلامة التمثيل الذي هو المعيار الاساسي للحكم والتقييم. وهي سلبيات اقل ضررا من سلبيات الانظمة الانتخابية الاخرى، مثل نظام الانتخاب بالقائمة الذي يسمح بوصول اشخاص حازوا اصواتا اقل من اشخاص اخرين لم يسمح لهم النظام بالحصول على التخويل والحق بالتمثيل. وهذا يضرب قاعدة سلامة التمثيل بالصميم. وحين ندعو الى اعتماد الانتخاب الفردي في انتخابات عام ٢٠٢٢ فاننا نسعى في حقيقة الامر الى تصحيح المسار الديمقراطي وتعديل اعوجاجه بسبب اجراء الانتخابات باسلوب القائمة الذي انشأ برلمانات تعوزها سلامة التمثيل.
#الانتخاب_الفردي