مخاوف أممية من تكرار سيناريو حلب في ادلب
بروكسل/دمشق – حث المبعوث الأممي إلى سوريا ستفان دي ميستورا الثلاثاء المجتمع الدولي على الحيلولة دون وقوع كارثة انسانية جديدة في منطقة ادلب التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة، ويرجح أن تكون الهدف المقبل للنظام السوري.
وقال في اجتماع للمانحين في بروكسل إن ادلب قد تواجه نفس مصير حلب التي سيطر عليها النظام في هجوم بدعم من روسيا أواخر 2016 والغوطة الشرقية التي استعادها مطلع أبريل/نيسان.
وتشهد سوريا تصعيدا من قبل القوات السورية وحلفائها على أكثر من جبهة في محاولة لتحقيق المزيد من المكاسب الميدانية والضغط على فصائل معارضة اما للاستسلام أو القبول باتفاق مصالحة على غرارا ما حدث بالغوطة الشرقية وقبلها في حلب.
وقال دي ميستورا "نحن كنا ولا نزال قلقين ازاء الجانب الانساني في ادلب، لأنها التحدي الكبير الجديد مع 2.5 مليون شخص".
وأضاف "بالطبع لن تصدقوا أن جميعهم ارهابيين، ففيهم النساء والأطفال والمدنيين لذا نأمل أن تكون هذه مناسبة لضمان أن لا تتحول ادلب إلى حلب جديدة أو الغوطة الشرقية الجديدة لأن الأبعاد مختلفة هنا تماما".
وبدأ الاتحاد الاوروبي والأمم المتحدة الثلاثاء مؤتمرا يستمر يومين لقطع وعود جديدة بالتبرع للمساعدات الانسانية لسوريا واحياء عملية جنيف للسلام المتعثرة مع دخول النزاع السوري عامه الثامن.
وقال الوسيط الاممي، إن الخلوة التي دعي إليها مجلس الأمن في مزرعة معزولة على الطرف الجنوبي للسويد في مسعى لتخطي الانقسامات العميقة بشأن كيفية انهاء الحرب في سوريا، خفضت "درجة الحرارة"، لكنها فشلت في التوصل إلى حل سياسي.
وتابع "بعد أسبوعين من اللقاءات المكثفة والمتوترة للغاية كانت هناك ضرورة مرة أخرى لخفض درجة الحرارة"، مضيفا "لكن هل أثمر ذلك عن حل الانقسام في مجلس الأمن ازاء سوريا أو تجنبه؟ لا. إنها أكبر مشكلة تواجهها الأمم المتحدة".
وأضاف "هل انخفضت درجة الحرارة وساد الفهم بأن هناك قضايا مشتركة نواجهها جميعا؟ نعم".
ودعت موغيريني وميستورا روسيا وايران وتركيا، القوى الثلاث المشاركة فيما يسمى بعملية استانا للسلام في سوريا، إلى بذل المزيد من الجهود للتوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وقالت موغيريني وزيرة خارجية ايطاليا السابقة في مؤتمر صحافي "الرسالة الرئيسية هي أن سوريا ليست رقعة شطرنج وليست لعبة جيوسياسية".
وتابعت "أعتقد أن عليهم (الدول الثلاث المشاركة في استانا) ليس فقط مسؤولية بلإ إن لهم كذلك مصلحة في انجاح وقف اطلاق النار".
ودعا الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة الثلاثاء إلى إجراء محادثات سياسية سريعة لإنهاء الحرب السورية المستمرة منذ فترة طويلة وأضافا أن المكاسب التي حققتها دمشق وحلفاؤها على الأرض لا تقرب البلاد من السلام.
وأشار دي ميستورا إلى ذلك في مؤتمر دولي للمانحين لسوريا يستضيفه الاتحاد الأوروبي في بروكسل سعيا لجمع أكثر من ستة ملايين دولار لمساعدة سوريا.
وقال خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني "نرى أنه في الأيام والأسابيع القليلة الماضية.. لم تؤد المكاسب العسكرية والمكاسب على الأرض والتصعيد العسكري لحل سياسي ولم تجلب أي تغيير.. ما حدث هو العكس".
وقالت موغيريني إن هناك حاجة "للعودة للعملية السياسية تحت إشراف الأمم المتحدة لبدء مفاوضات سلمية حقيقية وذات معنى والتي تعد السبيل الوحيد كي تنهض هذه البلاد".
وتصاعدت الحرب السورية من جديد في الأسابيع الأخيرة مع بدء عملية لسحق آخر معاقل للمعارضة في البلاد.
وتقاتل دمشق وروسيا وإيران مقاتلي المعارضة الذين يسعون للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد كما تنفذ تركيا والغرب عمليات في البلاد وأشاع إسلاميون متشددون الفوضى في الحرب السورية التي أودت بحياة نصف مليون شخص وشردت الملايين.
حمص بعد الغوطة
وقال علي حيدر وزير المصالحة الوطنية في الحكومة السورية الثلاثاء إن دمشق تخطط لاستعادة جيب خاضع لسيطرة المعارضة شمالي مدينة حمص قريبا بعدما تكمل اتفاقات استسلام مع جماعات مسلحة حول العاصمة.
وبعدما نجح الجيش السوري والقوات المتحالفة معه في استعادة الغوطة الشرقية، أكبر منطقة كانت خاضعة لسيطرة المعارضة بالقرب من دمشق في مطلع أبريل/نيسان، يقترب الآن من استعادة بضعة جيوب باقية حول العاصمة.
وتقصف قوات داعمة للحكومة جيبا يسيطر عليه متشددون في جنوب دمشق حيث يسيطر تنظيم الدولة الإسلامية على جيب مجاور للآخر الذي تسيطر عليه فصائل معارضة.
وفي الأيام القليلة الماضية أعلن مقاتلو المعارضة في جيبي الضمير والقلمون الشرقي في شمال شرقي دمشق استسلامهم ووافقوا على الانتقال بالحافلات إلى مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال سوريا.
واستخدم الجيش السوري وحلفاؤه على مدى أعوام أساليب الحصار والقصف ضد مقاتلي المعارضة لإجبارهم على تسليم الجيوب التي يسيطرون عليها والموافقة على الانتقال إلى مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال سوريا.
وقال حيدر إن الحكومة ستركز على استعادة جيب خاضع لسيطرة المعارضة شمالي مدينة حمص بعد تأمين المناطق المحيطة بالعاصمة دمشق.
وفي تطور آخر قتل 18 عنصرا على الأقل من قوات النظام السوري والمسلحين الموالين لها خلال 24 ساعة في المعارك الدائرة في جنوب دمشق ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الثلاثاء.
ويستهدف الجيش السوري منذ الخميس مواقع التنظيم المتطرف في جنوب دمشق وبينها مناطق سيطرته في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في اطار عملية عسكرية تهدف لطرد الجهاديين تماما من محيط العاصمة.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن الثلاثاء "قتل 18 مقاتلا على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها خلال الساعات الـ24 الماضية" لترتفع بذلك الحصيلة إلى 52 عنصرا خلال ستة أيام من المعارك، فيما تقل خلال الفترة ذاتها 35 جهاديا.
وتواصل المعارك العنيفة على محاور عدة في جنوب دمشق يرافقها قصف جوي ومدفعي، وقد حقق الجيش السوري تقدما في حيي القدم والحجر الأسود، وفق ما أفاد الاعلام الرسمي والمرصد السوري.
ويستهدف تنظيم الدولة الإسلامية بالقذائف أحياء قريبة في دمشق. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة 22 آخرين بجروح في قذيفة استهدفت سوقا شعبيا في حي نهر عيشة القريب.
ويسيطر التنظيم منذ 2015 على الجزء الأكبر من مخيم اليرموك، فضلا عن أجزاء من حيي الحجر الأسود والتضامن المحاذيين. كما تمكن الشهر الماضي من السيطرة على حي القدم المجاور.
ويُعد اليرموك أكبر المخيمات الفلسطينية في سوريا وكان يأوي قبل الحرب 160 ألف شخص بينهم سوريون.
وأعربت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (اونروا) في دمشق الأسبوع الماضي عن "قلقها الشديد إزاء مصير المدنيين" في اليرموك وقدرت وجود نحو ستة آلاف لاجئ فلسطيني داخله.
وتأتي العملية العسكرية الحالية في اطار سعي القوات الحكومية لاستعادة كامل العاصمة وتأمين محيطها بعدما سيطرت على الغوطة الشرقية التي بقيت لسنوات المعقل الأبرز لفصائل المعارضة قرب دمشق.