ميركل تزور واشنطن وسط خلافات عميقة مع ترامب
واشنطن - تزور المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الجمعة البيت الأبيض لإجراء محادثات مع دونالد ترامب في محاولة لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني ومنع اندلاع حرب تجارية بين ضفتي الأطلسي وتحسين علاقتها مع الرئيس الأميركي.
ويخيّم على زيارة المستشارة استعراض "الإخوة" على مدى ثلاثة أيام هذا الأسبوع بين ترامب والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.
وقال مسؤولون إن الدبلوماسيين الألمان القلقين سعوا -- دون جدوى -- كي تحظى ميركل بحفاوة مماثلة في البيت الأبيض خلال زيارتها التي تستمر يومين، معولين على أن اللقاء وجها لوجه سيساعد في تلطيف العلاقات الصعبة.
وفي زيارتها الأخيرة للبيت الأبيض كان لميركل الحذرة لقاءات عدة محرجة مع مضيفها الأكثر تهورا -- فتصادما علنا بشأن الإنفاق الدفاعي والتجارة والهجرة.
وهذه المرة بالكاد اتسع الوقت لإزالة الأعلام الفرنسية قبيل زيارة المستشارة التي تتخذ شكل "زيارة عمل".
وتقول منى كريويل من جامعة كورنيل إن الفوارق في المظاهر بين زيارتي ماكرون وميركل "بارزة جدا". وتضيف إن تلك الفوارق تشير إلى "علاقة أكثر صعوبة بين ترامب وميركل".
وهذا تغير دراماتيكي بالنسبة للزعيمة الألمانية التي ولأكثر من عقد من الزمن اعتُبرت في واشنطن ليس فقط محاورا براغماتيا ومنطقيا، بل أيضا زعيمة لأوروبا بحكم الأمر الواقع.
وعلاقاتها مع الرئيس السابق باراك اوباما كانت وثيقة بشكل خاص، بحسب ما قاله مسؤولون من تلك الإدارة، إلى حد تشجيعه لها على الترشح لولاية رابعة.
وباتت شراكتهما -- مع الوسطيين الذين اعتبروها "الزعيمة الجديدة للعالم الحر" -- كأس مسمومة لبرلين في عهد ترامب.
وقبل ساعات على وصول المستشارة في ساعة متأخرة الخميس، بعد نحو 15 شهرا على تولي ترامب مهامه الرئاسية، أكد الكونغرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون تعيين سفير إلى ألمانيا.
وبعد وقت قصير على تعيينه، قال ريتشارد غرينيل -- المعروف بمواقفه المحافظة والمدافع الشرس عن سياسات ترامب "أميركا أولا إنه يقدر اختياره لمنصب كان يشغله جون كوينسي آدامز، متعهدا العمل بشكل جاد.
وقال "هناك مسؤولية خاصة تقع على عاتق على جميع المسؤولين الأميركيين وهي رفض السياسات الحزبية عند تولي وظائف حكومية".
حصر الأضرار
أكدت ميركل هذا الأسبوع إنه، رغم الاختلافات تريد المحافظة على الشراكة الإستراتيجية الراسخة.
وقالت "إن التحالف بين جانبي الأطلسي، وبالنظر إلى التطورات غير الديمقراطية في هذا العالم، كنز عظيم أريد بالتأكيد الحفاظ عليه ورعايته".
ورغم أسلوبها الأكثر رزانة، من غير المرجح أن تبتعد كثيرا عن أهداف ماكرون.
فسوف تحاول إقناع ترامب بالتخلي عن تهديداته المزدوجة بفرض رسوم جمركية على المعادن قد تؤدي إلى إثارة حرب تجارية على ضفتي الأطلسي، وسعيه إلغاء الاتفاق النووي الإيراني.
وأعلن ترامب الشهر الماضي عن فرض رسوم نسبتها 25 بالمئة على الواردات من الفولاذ و10 بالمئة على الالمنيوم، مشيرا إلى أن الواردات الأجنبية تضر بالأمن القومي الأميركي عبر تقويضها الإنتاج المحلي اللازم من أجل الجهوزية العسكرية.
ودفعت ردود فعل حلفاء واشنطن الغاضبة ترامب إلى منح شركاء رئيسيين كالاتحاد الأوروبي استثناء مؤقتا تنتهي مدته في الأول من أيار/مايو.
أما مدير المجلس الاقتصادي الوطني الأميركي لاري كودلو فقال لشبكة "سي ان بي سي" الخميس إن واشنطن ستواصل إعفاء القوى الاقتصادية الحليفة، بما فيها الاتحاد الأوروبي، في حال قدمت تنازلات على غرار "التعامل بشكل عادل في ما يتعلق (بقطاع) صناعة السيارات".
وعشية زيارة ميركل إلى واشنطن، تضاءلت آمال برلين بأن يتم إعفاء الاتحاد الأوروبي من الرسوم الجمركية التي تعهد ترامب باتخاذ إجراءات انتقامية لمواجهتها. وقال مصدر في الحكومة الألمانية "علينا أن نتوقع فرض الرسوم في الأول من أيار/مايو. ومن ثم سنرى كيف سنتعامل معها".
اتفاق منفصل
ويخيم على اللقاء موعد 12 أيار/مايو الذي حدده ترامب للدول الأوروبية لجعل الاتفاق النووي الموقع مع إيران عام 2015 أكثر تشددا.
ووصف ترامب الاتفاق الذي ساهمت ألمانيا في التفاوض عليه بأنه "أسوأ اتفاق على الإطلاق"، مطالبا بإصلاح "العيوب الكارثية" التي يتضمنها.
وتكهن ماكرون بعد اجتماعاته أن ينسحب ترامب من الاتفاق، لكن النقاش لا يزال قائما.
وأعلن وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس الخميس أنه لم يتم التوصل بعد إلى قرار بشأن ما إذا كانت واشنطن ستنسحب من الاتفاق النووي الإيراني، لكنه شدد على أن بعض نقاط الاتفاق يمكن تحسينها.
ولم يتضح بعد مدى تأثير تثبيت مايك بومبيو وزيرا للخارجية على نتيجة النقاش.
فرغم آرائه المتشددة إزاء إيران فإن انتقاده للاتفاق تراجع نوعا ما في النقاشات الداخلية، بحسب مسؤولين.
فبصفته مديرا لجهاز الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) مثلا، اعتمد على رأي مؤسسة الاستخبارات لتحديد ما إذا كانت إيران ملتزمة بشكل كبير بشروط الاتفاق، رغم تصريحات ترامب العلنية.
وشددت وزارة الخارجية الألمانية على أن "أهم الأولويات هي الحفاظ على الاتفاق النووي القائم" فيما قالت ميركل إن برنامج إيران للصواريخ البالستية "يدعو للقلق".