دزيكو "ماسة" البوسنة وأمل روما
الحب الذي يحظى به المعروف في بلاده بـ "الماسة" لا يقارن. وبحسب صديقه ياسمين ليغاتا، فالناس يحبون اللاعب البالغ من العمر 32 عاما "لأنه أثبت أنه من الممكن النجاح، حتى إذا كنت متحدرا من بلاد كبلادنا".
تشبه قصة دزيكو قصة عشرات الآلاف من أبناء جيله، فهو أحد "أبناء الحرب" في ساراييفو، الذين قاسوا ويلات البلقان التي امتدت عقودا.
غداة تسجيله هدفا مهما خارج ملعب فريقه في مرمى برشلونة في الدور ربع النهائي (1-4 ذهابا في كامب نو، 3-صفر إيابا في الملعب الأولمبي في العاصمة الإيطالية)، لجأ دزيكو إلى صفحته على موقع "فيسبوك".
المفاجئ أن ما نشره لم يكن يرتبط حصرا بالمباراة أو بالهدف الذي أثبت أنه كان حاسما في بلوغ روما نصف النهائي. استذكر دزيكو بدء حصار ساراييفو من قبل القوات الصربية في الخامس من نيسان/أبريل 1992، والذي امتد لنحو أربعة أعوام وراح ضحيته 11 ألف شخص على الأقل.
كتب اللاعب الفارع الطول (1,93 م) عن الحصار الذي بدأ وهو في السادسة من عمره، "في مدينة لم تكن تعرف ما إذا كنت ستتمكن من رؤية صديقك المفضل غدا، ما اذا كنت ستتمكن من معانقة والدك أو والدتك مجددا، ما إذا كنت ستتمكن من أن تفتح عينيك مجددا او تذهب للعب مع أصدقائك، أمضيت كل يوم من تلك الأيام الـ 1425 تحت الحصار".
"نجوت"
وتابع اللاعب "كنت محظوظا ونجوت، في حين أن العديد من أترابي جرحوا أو لم يعودوا معنا اليوم (...) إلى هؤلاء، إلى ذكراهم، أهدي هدفي ضد برشلونة في دوري أبطال أوروبا".
ولا يزال والدا دزيكو يقيمان في ساراييفو، المدينة التي لم تخرج عمليا بعد من آثار الحصار المدمر. ففي العاصمة البوسنية، افتُتح في 2010 نصب تذكاري للأطفال الذين قضوا خلال فترة الحصار (يقدر عددهم بما بين 1500 و1600 طفل)، إضافة إلى متحف مخصص لهؤلاء العام الماضي.
لكن ظروف الحصار والحرب القاسية لم تمنع الطفل ادين، من الخروج من منزل ذويه في حي أوتوكا للعب كرة القدم مع أصدقائه.
وفي تصريحات سابقة، استعادت والدته بيلما ذكريات تلك المرحلة، وقالت "عندما كان يخرج للعب كرة القدم (...) كان الخوف يتملكني".
أضافت "لم أكن أرغب في منعه من اللعب، حتى وإن كان الأمر في حينها أقرب إلى ضرب من الجنون. كان يلعب (كرة القدم) طوال الوقت. لم تعن له الحرب شيئا".
إلا أنها اضطرت في إحدى المرات لمنعه، بعد سقوط قذيفة على المكان نفسه الذي كان يلعب فيه عادة، ما أدى إلى مقتل عدد من أترابه واصابة آخرين. ماذا كان رد فعل الطفل؟ "بكى، وآلمني ذلك بشدة".
وعلى الرغم من أنه دافع عن ألوان أندية أوروبية بارزة مثل مانشستر سيتي الإنكليزي، لكن دزيكو لم يتنكر لبداياته المتواضعة.
ويقول عنه صديقه ليغاتا "ادين كان موجودا في غالبية الأوقات التي كنا في حاجة ماسة إليه".
"اللحظات الكبرى"
ليغاتا ليس صديقا للاعب فحسب، بل هو يعمل كمستشار في الصحافة الرياضية، ويفتخر بالمحطات التي كان فيها صديقه على قدر الآمال على أرض الملعب: هدف تعادل في الدقيقة 92 ضد كوينز بارك رينجرز في 2012 ساهم في فوز مانشستر سيتي 3-2 ومنحه لقبه الأول في الدوري الإنكليزي الممتاز منذ 1968، 26 هدفا في موسم 2008-2009 ساهمت في منح فولفسبورغ لقبه الأول في "البوندسليغا" الالمانية.
وعلى الرغم من أن نجومية دزيكو قد توازي تلك التي يتمتع بها نجوم "الصف الأول" في الأندية الأوروبية الكبرى، لكن ليغاتا يرى أن "اللحظات الكبرى هي قدره نوعا ما".
أكبر اللحظات هذا الموسم كانت ضد برشلونة في ربع النهائي. بعد هدفه في الدقيقة 80 على ملعب كامب نو، كان دزيكو حاضرا أيضا في الملعب الأولمبي، وسجل هدف الافتتاح لفريقه في الدقيقة السادسة، قبل أن يكمل دانييلي دي روسي (بركلة جزاء نالها دزيكو) واليوناني كوستاس مانولاس الثلاثية التي أقصت الأرجنتيني ليونيل ميسي وزملاءه بشكل مفاجئ.
في نادي زالنييتشار حيث نشأ في ساراييفو، لا يزال توقيع دزيكو موجودا على أحد الجدران، واسمه على أحد المقاعد، في تقدير من النادي لما قدمه له لاعبه السابق، أكان في الميدان أم لجهة التبرعات لإعادة تأهيل ملعبه، الواقع على خطوط التماس القديمة في العاصمة البوسنية.
ويقول مدربه الأول يوسف سيهوفيتش إن دزيكو "كان فتى يهتم فقط بالانطلاق نحو المرمى... كان يطالب دائما بالحصول على الكرة"، وكان مدفوعا "بإرادة العمل وطموح النجاح".
يستذكر صديقه ميزا تربونيا عام 2005، عندما أوصل دزيكو إلى المطار تحضيرا للسفر إلى الجمهورية التشيكية والانضمام إلى نادي تيبلسته.
ويقول تربونيا "كان في ذاك اليوم، الشخص نفسه الذي هو عليه اليوم".
الفارق الوحيد؟ "عندما يأتي (إلى ساراييفو)، تحتاج إلى حبل لتتمكن من انتزاع عشر دقائق معه (...) عندما يطلب منه أحدهم (المشجعين) صورة أو توقيعا، لا يرفض على الإطلاق".