"الليثيوم".. المعدن الذي قد يُنهي عصر النفط
من - سالي إسماعيل:
مباشر: من معدن مغمور إلى عنصر أساسي في اقتصاد اليوم المعتمد على التكنولوجيا بشكل كبير، وخاصة الهواتف الذكية، ليصبح في نهاية المطاف المعدن الأكثر طلباً مع تحول الأنظار تجاه السيارات الكهربية.
"الليثيوم" أو "النفط" الأبيض كما يطلق عليه، هو المعدن الذي أثار العديد من التساؤلات منذ بداية هذا العام، البعض يطرح احتمالية أن يحل بدلاً من النفط ويقلص الطلب على الوقود الأحفوري، وآخر يرى مستقبل مليء بمزيد من الطلب المتسارع وفريق ثالث يؤكد أن انتعاشة مؤكدة في انتظاره.
ومع زيادة مطردة في الطلب داخل أسواق الليثيوم العالمية، من المحتمل أن تواجه الصناعة عجزاً سنوياً قدره 100 ألف طن بحلول عام 2025، وفقاً لتوقعات صادرة عن شركة "مورنينج ستار".
أسباب الإقبال
وبحسب هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، فإن التقرير السنوي لعام 2017 يؤكد أن الولايات المتحدة تمتلك ثروة تقدر بـ6.8 مليون طن من الليثيوم.
في حين تتوزع باقي المصادر البالغة 47 مليون طن على عدد من الدول الأخرى في كافة أنحاء العالم من بينهما الأرجنتين وبوليفيا واللذان يبلغ ثروتهم 9.8 و9 مليون طن على الترتيب إضافة إلى ثروة قدرها 8.4 مليون طن من شيلي و7 ملايين طن من الصين أما ثروات أستراليا وكندا فتمثل 5 ملايين طن و1.9 مليون طن.
ويؤكد تقرير الهيئة الأمريكية أن الليثيوم يستخدم عالمياً بنسبة 46% في البطاريات و27% في صناعة السيراميك والزجاج و7% في شحوم التزييت و5% في إنتاج البوليمر و4% في تدفق قوالب الصب و2% في معالجة الهواء إضافة إلى 9% في استخدامات أخرى.
وترجع الزيادة في الطلب على الليثيوم إلى استخدامه في البطاريات بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة كون بطاريات الليثيوم القابلة لإعادة الشحن تستخدم على نطاق واسع في سوق الأجهزة الإلكترونية المحمولة والمتنامية بشكل مطرد كما تستخدم بشكل متزايد في الأدوات الكهربائية إضافة إلى سوق المركبات الكهربية.
وتشير البيانات الرسمية إلى صعود إنتاج الليثيوم على مستوى العالم خلال العام الماضي من36.7 ألف طن إلى 43 ألف طن وهو ما يمثل ارتفاعاً قدره 13% مقارنة بعام 2016 وذلك بفضل زيادة الطلب لصالح تطبيقات البطاريات.
وكانت توقعات المحللين تشير إلى أن إنتاج الليثيوم سوف يبلغ 41.5 ألف طن خلال عام 2017.
أسعار الليثيوم
من جهة أخرى، شهدت أسعار الليثيوم ارتفاعاً ملحوظاً خلال العام الماضي ليصعد بنسبة 61% مقابل عام 2016، وهو ما يرجع بطبيعة الحال إلى الطلب القوي بشأن الهواتف الذكية والسيارات الكهربية
ويشهد الليثيوم إقبال غير مسبوق، فمنذ عام 2015 ارتفع سعر الطن من 6500 دولار إلى أكثر من 16.5 ألف دولار، ومن المرجح أن يسجل مزيداً من الارتفاع.
ومع اتجاه العالم نحو الليثوم والطفرة التي يشهدها المعدن، أعلنت شركة "سوفت بنك" اليابانية في بداية العام الحالي أنها سوف تستثمر ما يصل إلى 99.1 مليون دولار كندي في شركة "نيماسكا ليثيوم" الكندية لتحصل على 9.9% من الشركة، كما تستعد شركة "باور ميتالز" الكندية كذلك لتدشين مزيد من الاستثمارات.
وتًعد شركة "نيماسكا ليثيوم" رابحاً كبيراً في سوق المعدن، حيث تصل قيمة إحدى استكشافاتها في "وهابوشي" حوالي 1.9 مليار دولار.
وفي الوقت نفسه، تحركت الصين والتي تنتج غالبية بطاريات الليثيوم حول العالم، بقوة من أجل تأمين إمدادات مستقرة، حيث تملك الشركات الصينية حالياً حصصاً في العديد من مناجم الليثيوم في أمريكا الجنوبية، حيث يتم إنتاج معظم الليثيوم حول العالم.
وتتوقع الصين أن يرتفع الطلب على بطاريات الليثيوم خلال السنوات المقبلة، وهو ما يرجع إلى اعتقادهم بأن الطلب على السيارات الكهربية سوف يتجاوز الطلب على السيارات التي تعمل بالغاز بحلول عام 2030.
وفي الوقت نفسه تستخدم أوربا حوالي 25% من معدن الليثيوم حول العالم.
أساس الاقتصاد
في الوقت نفسه يميل البعض الآخر إلى اعتبار الليثيوم كونه سيصبح أساس الاقتصاد العالمي في النصف الثاني من القرن الحادي والعشرين، مع التحول من اقتصاد يرتكز على الكربون إلى اقتصاد يعتمد على الليثيوم.
وتمثل "تسلا" ركيزة أساسية في زيادة الطلب على الليثيوم إلى جانب الهواتف الذكية، حيث تخطى إجمالي إنتاجها منذ إنشائها حوالي 300 ألف سيارة، مع خطط مستقبلية تشير إلى إنتاج 500 ألف وحدة سنوياً بالتزامن مع وجود 12 مصنع رئيسي آخر للسيارات الكهربية.
وبحسب بيانات رسمية صادرة عن الشركة الأمريكية العاملة في تصنيع السيارات الكهربية، فإن إنتاجها صعد لمستوى قياسي خلال الربع الأول من العام الجاري بعدما أنتجت 34.49 ألف سيارة بزيادة قدرها 40% عن الربع الرابع من عام 2017.
كما تتوقع "تسلا" زيادة إنتاجها من سيارات "موديل 3" بشكل سريع خلال الربع الثاني من 2018.
من جانبها تتوقع شركة "توتال" زيادة مبيعات السيارات الكهربية إلى 20 مليون وحدة بحلول عام 2030، وهو ما قد يحتاج من 1 إلى 1.2 مليون طن من الليثيوم أو ما يعادل 6 أمثال الإنتاج العالمي الحالي.
ويرى تحليل نشره موقع "أويل برايس" إن الاستهلاك العالمي لليثيوم سوف يتضاعف بحلول عام 2025 ليرتفع إلى 422 ألف طن متري بقيمة تبلغ 8.4 مليار دولار.