عروسة الإيزيدية تستعيد بعض البهجة بعد سنوات من السبي
2018-05-06 00:00:00 - المصدر: الموقف العراقي
عروسة الإيزيدية تستعيد بعض البهجة بعد سنوات من السبي
6 مايو, 2018 | 11:25 ص - عدد القراءات: 26 مشاهدة
شبكة الموقف العراقي
بقلم : ياسن طه.
بعد أربع سنوات من التشرد والنزوح عادت بعض أجواء الفرح والاحتفالات إلى المجتمع الإيزيدي ومناطق سكنهم في عيدهم الأكبر المعروف برأس السنة (سه رسال) الذي يصادف منتصف أبريل/ نيسان من كل عام ويتوافق مع أول أربعاء من شهر نيسان الشمسي أو الشرقي الذي يسبق التقويم الغربي الميلادي بـ13 يوماً وهو معروف بـ”الأربعاء الأحمر” في الأدبيات الإيزيدية.
واحتفالاً بهذا العيد الموغل في القدم وأكثرها ارتباطاً بالإيزيديين كونه عيد الخليقة والتكوين الذي يرمز إلى تجدد الحياة والطبيعة مع حلول الربيع وتلون الأرض بالزهور، اجتمع آلاف الإيزيديين في معبدهم وقبلتهم الروحية في لالش (60 كلم شمال الموصل) مساء الثلاثاء، لإحياء مراسيم خاصة على وقع صوت الموسيقى الذي يرافقه الدف، شملت إشعال 365 شمعة، بعدد أيام السنة في وادي لالش المقدس عند الإيزيدية وبجانب قبر الشيخ عدي بن مسافر المقدس لدى أتباع الديانة، إيذاناً بحلول عام ايزيدي جديد ونهاية الشتاء الذي كان صعباً وقاسياً على سكان المناطق الجبلية الوعرة في الأزمنة السابقة.
المراسيم الإيزيدية التي توجت بجمع الورود الحمراء الطبيعية من قبل الشباب والشابات الإيزديين وتنظيف البيت وتبديل اثاثه كلٌ وفق قدرته، وتوزيع اطعمة خاصة، تقتضي الإحجام عن الزواج في هذا الشهر (نيسان) باعتباره عروسة العام وأجمل الأشهر على الإطلاق، ولا ترضى الإيزيدية ب عروسة غيرها بحسب التقاليد المتوارثة عن الأجيال السابقة.
مظاهر الفرح والابتهاج في كل من لالش وسنجار المدمرة والمستعادة من قبضة “داعش” والمعرضة للتهديدات التركية حالياً، تخللتها أخبار عن تحرير ست فتيات وطفل من قبضة “داعش” في سوريا منذ مطلع نيسان بالتعاون مع جهات غير معروفة لتنكأ مجدداً جرح الحسرة والألم على مصير مئات المختطفات الإيزيديات اللواتي ما زال مصيرهن مجهولاً من مجموع 6417 مختطفاً ومختطفة احتجزوا سبايا وعبيداً من قبل “داعش” في أغسطس آب 2014.
واقع الإيزيديين المرير لا يقتصر على محنة النزوح والخطف، بل يتفاقم إلى مخاطر الاندثار والانقراض في موطنهم الأصلي والتاريخي الكائن في أطراف شمال العراق وسهل نينوى بسبب الهجرة المستمرة لأبناء الطائفة التي تنجم عادة عن الإحباط وضبابية مستقبل هذه الأقلية التي تعرضت لعشرات المجازر التي استهدفت اقتلاعها من الجذور على مر التاريخ وفق المرويات الإيزيدية.
وفضلاً عن الهاجس الأمني فإن المجتمع الإيزيدي تعرض لانشطار سياسي وديني كبير، مما فتح أبواب الجدال حول الهوية والكينونة والانتماء في سابقة جديدة على هذه الطائفة غير التبشيرية التي كانت منطوية على نفسها وتحتمي في مرتفعات شيخان وسنجار منذ مئات السنين وتواجه تمدد الأكثرية والظروف العصيبة التي عصفت بالمنطقة قبل الخروج إلى النور من بوابة المأساة والابادة الجماعية.
ففي وقت يتمسك الإيزيديون الموالون لمعبد لالش وللمجلس الروحاني بالأصول الدينية ذات الطابع الكردي للطائفة، تعلو أصوات شبابية وطروحات ثقافية لنفي صفة الدين عن الإيزيدية وحصرها بالفكر والفلسفة المكتسبة من الطبيعة على غرار الأديان القديمة المنتشرة في وادي الرافدين التي كانت مهداً للكثير من الحضارات والأديان القديمة. وهذا الطرح بطبيعة الحال يضع الإيزيدية في مواجهة الديانات السماوية الإبراهيمية التي تتبع شرائع تستند إلى عقيدة الإيمان بالإله الواحد.
الخلاف على الهوية عند الإيزيديين ظهر إلى السطح بعد المجازر التي حلت بهم وتركهم مناطقهم الأصلية، ثم تشعب وامتد إلى الولاءات والمراجع السياسية في هذه الطائفة، كما قسمت الإيزيدية إلى موالين لفكر الزعيم الماركسي عبدالله اوجلان المعتقل في جريرة نائية من قبل السلطات التركية ومنخرطين في مشروع زعامة بارزاني الكردية، وطرف ثالث يفضل البقاء في إطار الدولة العراقية الجامعة والاحتفاظ بالهوية المستقلة للإيزيدية كملّة مستقلة فضلاً عن اتجاهات أخرى، وسط ترقب لما ستفرزه نتائج الانتخابات المقررة في الـ12 من مايو/أيار المقبل، التي يخوضها أكثر من 50 مرشحاً إيزيدياً من مختلف الأحزاب والتيارات من أجل الفوز بتمثيل نحو ربع مليون ناخب إيزيدي حدد لهم قانون الانتخابات مقعداً واحداً فقط، وفق نظام الكوتا، على رغم تأكيدات المحكمة الاتحادية إنصافهم بناء على تعدادهم السكاني.
ويرى مراقبون أن الفائز بالمقعد وكذلك الوجوه والقيادات الإيزيدية الذين يصعدون عبر قوائم الأحزاب الكردية أو الإيزيدية خارج الكوتا، سيكون لهم الدور في إعادة ترسيم ملامح الطائفة من الناحية السياسية، استناداً إلى التفويض الجماهيري والمكوناتي الذي يحصلون عليه وسط ترقب وحديث عن احتمال حدوث مفاجآت بصعود وجوه شابة وجديدة خارج الأطر التقليدية الإيزيدية المعهودة.