اخبار العراق الان

رغم ارتفاع أسعاره… إقبال على الجبن الكردي في أسواق كردستان

رغم ارتفاع أسعاره… إقبال على الجبن الكردي في أسواق كردستان
رغم ارتفاع أسعاره… إقبال على الجبن الكردي في أسواق كردستان

2018-08-15 00:00:00 - المصدر: وكالة الانباء العراقية


هذه الصناعة تستخدم فيها آلة بسيطة تتكون من الخشب وجلود الحيوانات وبعض من الحبال لربط هذه الادوات البدائية، إذ يسكب حليب الماعز أو البقر داخل كيس منتفخ مصنوع من جلود الحيوانات والذي يسمى بالكردي “مه شكه” ويحتوي على فتحة مثل الصمام، وتقوم النساء الريفيات بهزه يميناً ويساراً لأكثر من نصف ساعة إلى أن يطفو دسم الحليب ويشكل طبقة رقيقة من الزبدة في الأعلى، بعدها تقوم النساء بتصفية وعزل الحليب السائل عن طبقة الزبدة المتكونة على سطح الحليب الذي يمر بعد ذلك خلال مصفاة خاصة لتخلف وراءها قطعاً من الجبن والذي يسمى “ژاژيك” وهو نوع من أنواع الجبن الحامض يؤكل مع الخبز والشاي

  • الجبن الكردي التقليدي له أفضلية على الأنواع الأخرى لما يمتاز به من خمائر وعناصر طبيعية لا تتوافر في الأجبان المحضّرة صناعياً والتي تضاف إليها نكهات ومثبتات وألوان صناعية فضلاً عن المواد الحافظة

اربیل/ صباح كوردستان

 تعد صناعة الجبن من الحرف العريقة وواسعة الانتشار في قرى وأرياف إقليم كردستان والتي ما تزال حاضرة حتى يومنا هذا نظراً لكثرة الطلب على الجبن الكردي داخل وخارج الإقليم لطعمه المميز والمختلف عن كل الأجبان المعروضة في الاسواق، ولامكانية حفظه لمدة طويلة دون أن يتعرض للتلف.

وفي وقت صارت الأجبان المستوردة تشكل منافساً قوياً للمنتوج الكردي وأثّرت بشكل مباشر على مبيعاته، يرى مواطنون أن الجبن الكردي له أفضلية لمذاقه الخاص الذي لا يمكن للأجبان الأخرى مجاراته على الرغم من رخص ثمنها وغلاء الجبن الكردي.

يقول سليمان عبد الرزاق وهو صاحب محل لبيع الأجبان في سوق الجبن قرب قلعة أربيل إن “الجبن الكردي أو (به نير ژاژيك) يعد من أغلى أنواع الجبن، لصعوبة صنعه حيث يتطلب الكثير من الوقت والصبر ومجهود يدوي كبير”، مبيّناً أن “صناعة الأجبان تعتبر من الحرف الكردية والتي تتطلب اتقانها التدريب الطويل على أيدي الصناع المهرة من الحرفيين”.

ويضيف ان هذه الصنعة “يتم توارثها عبر الأجيال لوجود طلب كبير على الجبن الكردي بدليل وجود أسواق متخصصة لبيع ذلك الجبن في جميع أنحاء كردستان”.

ويتابع عبد الرزاق أن “الإقبال على شراء الجبن الكردي لا يقتصر على المواطنين الكرد فقط بل هناك العديد من زوار أربيل القادمين من وسط وجنوب العراق يقصدون سوق الجبن لشراء أنواع عديدة من الجبن الكردي والعسل الجبلي والمكسرات فضلاً عن الحلويات كالحلقوم ومن السما للاستهلاك الشخصي أو أحياناً  لتقديمها كهدايا لأصدقائهم وأحبائهم”.

ويشير إلى أن “بعض تجار الجبن في بغداد لديهم محال متخصصة لبيع الجبن الكردي وخاصة في مناطق الكرادة والفضل والكفاح والبنوك وشارع فلسطين وهم يقبلون على شراء الجبن بالجملة وبكميات كبيرة خاصة في فصل الشتاء”.

وعن خطوات صناعة الجبن يقول مام شوقي، وهو صاحب محل لبيع الجبن في منطقة شارع 60 وسط أربيل إن “هذه الصناعة تستخدم فيها آلة بسيطة تتكون من الخشب وجلود الحيوانات وبعض من الحبال لربط هذه الادوات البدائية، إذ يسكب حليب الماعز أو البقر داخل كيس منتفخ مصنوع من جلود الحيوانات والذي يسمى بالكردي “مه شكه” ويحتوي على فتحة مثل الصمام، وتقوم النساء الريفيات بهزه يميناً ويساراً لأكثر من نصف ساعة إلى أن يطفو دسم الحليب ويشكل طبقة رقيقة من الزبدة في الأعلى، بعدها تقوم النساء بتصفية وعزل الحليب السائل عن طبقة الزبدة المتكونة على سطح الحليب الذي يمر بعد ذلك خلال مصفاة خاصة لتخلف وراءها قطعاً من الجبن والذي يسمى “ژاژيك” وهو نوع من أنواع الجبن الحامض يؤكل مع الخبز والشاي”.

تطورت هذه الصناعة بمرور الزمن حيث بدأت الريفيات باستخدام القناني المعدنية عوضاً عن كيس جلود الحيوانات وذلك لسهولة تنظيفها وتعقيمها وتحتوي هذه الأواني على صمام محكم يمكن فتحه وغلقه بسهولة ويكون محكماً ليمنع الأتربة والأوساخ من الدخول داخل الأسطوانة التي تحتوي على الحليب.

ويقول الشاب سالار عصمت الذي يعمل في محل والده لبيع الأجبان الكردية والعسل الجبلي والذي ورثه الوالد بدوره عن أجداده منذ قرابة المئة عام إن “جد والده افتتح هذا المحل منذ 100 عام في سوق أربيل الكبير وكان يقدم لزواره انواعاً عديدة من الجبن والقيمر واللبن والعسل الطبيعي الجبلي الذي يقبل الناس على شراء أنواع متعددة منه لمعالجة أمراض سوء التغذية فضلاً عن عدد من الأمراض المستعصية بعد خلطه بالأعشاب الطبية”.

ويوضح أن “لكل نوع من أنواع العسل طعم وفوائد تختلف بحسب غذاء النحل، وتتباين ألوانه ويتغير مذاقه بحسب مصدره فهناك عسل القداح وعسل البابونج وعسل البرسيم وغيرها من الأنواع التي يقبل الناس على شرائها من داخل كردستان ومن محافظات العراق المختلفة عندما يتوافدون إلى أربيل لزيارة محل الحاج عصمت لثقتهم بنوعية العسل والأجبان التي نبيعها من حيث النقاوة والمذاق المميز”.

ويقول عصمت وهو يلتقط قطعة جبن كبيرة “كانت الاجبان تأتينا من المناطق الجبلية التي تسكنها عشائر الهركية والسورجية ومنتك وكان الجبن الابيض يبدأ موسمه مع بداية الربيع حيث وفرة وكثرة لبن الغنم ويستمر الموسم حتى شهر حزيران، وكان الاربيليون ذوي الاختصاص ببيع وتجارة الاجبان يذهبون الى المناطق الجبلية لشراء الاجبان التي كانت تتميز بالنقاء ومنها جبن بيزا أو أوشاري التي توضع تحت التراب فتتميز بمذاق طيب”.

ويضيف أن عم والده واسمه جليل، كان قد سافر إلى بغداد في سبعينيات القرن الماضي واستقر هناك وكان يعمل في ذات المهنة حيث يبيع الأجبان واللبن ومن بعده اولاده مولود وجمال وهذا الاخير كان يبيع الجبن في بغداد في منطقة الشورجة القديمة التي كانت تسمى (علاوي التمن) الى جانب بيع العسل الطبيعي الجبلي والاصواف والتي كانت تأتي من مناطق حاج عمران، جبال قنديل، وجومان وجبال حصاروست، وكانت تنقل إلى بغداد بكميات كبيرة تصل إلى عشرات الأطنان بواسطة سيارات الحمل الكبيرة”.

وعن أنواع الجبن الكردي وأسعاره التي تعتبر مرتفعة نسبياً مقارنة بالأجبان المستوردة، تقول السيدة سميرة عباس التي جاءت لزيارة أربيل مع عائلتها مع بدء العطلة الصيفية إن “زيارتي السنوية لأربيل لا تكتمل إلا بجولتي في سوق الجبن لأنني من عشاق الجبن الكردي وأفضلّه على الأجبان الغربية كالبارميزان والموزاريلا في صناعة بعض الأطباق كالبيتزا والكنافة لأن طعم الجبن الكردي غني ومميز على عكس الأجبان التقليدية التي تباع في الأسواق”.

وتشير إلى أن “الأسعار تأخذ بالارتفاع تدريجياً في كل عام حيث كانت تشتري الكيلوغرام الواحد في عام 2010 بخمسة عشر الف دينار بينما تصل أسعار بعض أنواع الجبن الآن إلى أكثر من 25 ألف دينار، لكنها برغم ذلك لا تستطيع مقاومة المذاق المميز للجبن الكردي”.

وكان موقع (الديلي ميل) قد نشر مؤخراً دراسة أجراها باحثون بريطانيون عن الفوائد الصحية للجبن بينّت أن تناول الأجبان لا يزيد من خطر التعرض لأزمة قلبية أو السكتة الدماغية. وأكدت الدراسة أنه حتى الجبن كامل الدسم والحليب والزبادي لا تزيد من خطر التعرض لأمراض القلب.

وأوضحت الدراسة أن هناك اعتقاد خاطئ بين الناس أن منتجات الألبان بشكل عام يمكن أن تكون سيئة على الصحة، ويعتبر هذا الأمر الشائع سوء فهم خطير.

ومن أبرز فوائد الجبن بحسب الدراسة أنه يحتوي على حمض اللينوليك الذي يساعد على الوقاية من الإصابة بالسرطان، بالإضافة إلى فيتامين B الذي يساعد على حماية الجسم من الأمراض المختلفة.

ويقول الدكتور عزيز سليمان أخصائي الصحة العامة وطب الأسرة في أربيل إن “تناول الجبن يومياً يساعد على زيادة الوزن سواء كانت هذه الزيادة في العضلات أو كثافة العظام ويفضل اختيار الجبن المعبأ بطرق صحية، فالدهون والبروتين والكالسيوم التي يحتويها الجبن تحافظ على العضلات وتعمل على تقوية العظام”.

ويشير الى ان الجبن الكردي التقليدي له “أفضلية على الأنواع الأخرى لما يمتاز به من خمائر وعناصر طبيعية لا تتوافر في الأجبان المحضّرة صناعياً والتي تضاف إليها نكهات ومثبتات وألوان صناعية فضلاً عن المواد الحافظة التي يمكن أن تؤثر سلبياً على الجهاز الهضمي”.

وأوضح سليمان أن “الإكثار من تناول الجبن الكردي يمكن أن يكون ضاراً بالنسبة لمرضى القلب والشرايين والسكري وارتفاع ضغط الدم لما يمتاز به هذا الجبن من كثرة الأملاح والدهون الحيوانية، فتناول هذه الأجبان بشكل معتدل يفيد للجسم بينما الإسراف في تناولها قد يؤدي إلى مشاكل صحية خاصة لأولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة والذين يفضل أن يتناولوا الأجبان قليلة الدسم والملوحة حفاظاً على صحتهم”.

وعن أضرار الأجبان المصنعة يضيف سليمان أن الأجبان المنتشرة في الأسواق كجبنة المثلثات والجبن السائل “يضاف إليها زيوت نباتية تحتوي على دهون مشبعة تسبب الإصابة بأمراض بالأوعية الدموية ومرض السكري والأمراض القلبية، ويجب الحذر من إضافتها للأطباق الرئيسية؛ كالمعكرونة، والبيرغر، والبيتزا، لأنها تحتوي على ملونات صناعية؛ كالتارتازين الأصفر الذي يعزز نمو الأورام في الكلى والغدد الكظرية، كما تحتوي على نسبة مرتفعة من الدهون النشطة كالأحماض الدهنية غير المشبعة، وأوميغا 6، وتؤدي زيادتها في أغشية خلايا الجسم لردود أفعال ضارة، كما تسبب الإصابة بالتهابات وخلل في أداء وظائف الجسم، وخاصة في جهاز المناعة”.

تجدر الإشارة إلى أن صناعة الجبن تعود إلى 4000 سنة قبل الميلاد وانتشرت في مراعي الصحراء الكبرى. فيحتمل أن الجبن، باعتباره الشكل الوحيد لحفظ اللبن في المناخ الحار، قد ارتبط بعملية التجبين من البداية. ونظرًا لاستخدام جلود الحيوانات وأعضائها الداخلية المنفوخة كأوعية لتخزين عدد من المواد الغذائية منذ الأزمنة القديمة، فمن المحتمل أن عملية صناعة الجبن قد تم اكتشافها على سبيل المصادفة عندما تم تخزين اللبن في وعاء مصنوع من معدة حيوان مجتر مما أدى إلى تحول اللبن إلى مصل اللبن بفعل المنفحة المترسبة في المعدة.

وتحمل بعض نصوص الكتابة المسمارية لـ السومريين من سلالة أور الثالثة التي ترجع إلى أوائل الألفية الثانية قبل الميلاد، دليلا على وجود الجبن، كما تم العثور على أدلة مصورة على صناعة الجبن المصري على جداريات المقابر الفرعونية والتي يرجع تاريخها إلى ما يقرب من ألفي عام قبل الميلاد.

ا/ ع.ع

ت/ س ن

ina.iq/wp-content/uploads/2018/08/05-300x181