سوق الثيران يتواصل..كيف حققت "وول ستريت" أطول مكاسب في تاريخها؟
من – نهى النحاس:
مباشر: يعيش سوق الأسهم الأمريكي الآن أطول موجة ارتفاع في تاريخه الحديث بدأها منذ 9 مارس في عام 2009 ولاتزال مستمرة.
وتمكنت بورصة "وول ستريت" من كسر الرقم القياسي بنهاية جلسة تداول الأربعاء 22 أغسطس حيث أتم مؤشر "ستاندنرد آند بورز" بنهاية تلك الجلسة 3453 يوماً بسوق الثيران.
وبذلك فإن المؤشر تمكن من كسر الرقم القياسي المُسجل في سبتمبر 2002، حينما بقي في سوق الثيران لمدة 3452 يوماً.
وتُحسب موجة المكاسب بأن يتمكن المؤشر من تجنب تراجعاً يصل نسبته إلى 20% أو يزيد عن ذلك.
وبالفعل على مدار 9 سنوات ونصف تمكن مؤشر "ستاندرد آند بورز" من الارتفاع بنحو 323%، أما مؤشر "ناسداك" فزاد بنسبة 611% خلال نفس الفترة.
أما مؤشر "داو جونز" الصناعي فكان أقل المؤشرات ارتفاعاً بنحو 300%.
وفي فبراير شهد مؤشر "داو جونز" الصناعي أكبر انخفاض في يوم واحد في تاريخه عندما تراجع بمقدار 1175 نقطة أو 4.6%.
كيف حدث ذلك؟
قد يكون الوتد الذي ارتكزت عليه أسواق الأسهم الأمريكية في إطالة مسيرة مكاسبها هي الإصلاح الضريبي للرئيس دونالد ترامب.
وفي ديسمبر الماضي وقع ترامب الإصلاح الضريبي الذي خفض معدل الضريبة على الشركات إلى 21% من 35%، كما خفض مشروع القانون معدلات الضرائب المفروضة على الأفراد في جميع المجالات.
ونتج عن ذلك نموا اقتصاديا متسارعا وعائد شركات مزدهر، تزامن مع الزيادة التدريجية لمعدل الفائدة.
وبالفعل فإن الولايات المتحدة تمكنت من تسجيل نمواً اقتصادي في الربع الثاني هو الأسرع في 4 سنوات بنحو 4.1%، وفي الوقت نفسه فإن النمو الذي سجلته منطقة اليورو في الفترة نفسها 1.4% وهو الأقل منذ 2016.
وتعد شركة "وول مارت" هي أبرز الأدلة على صحة الوضع الاقتصادي الأمريكي، فهي أعلنت في الأسبوع الماضي تسجيل أعلى نمو مبيعات في تاريخها.
كما استفاد سوق الأسهم الأمريكي من ضخ البنوك المركزية في عدة اقتصادات متقدمة ومنها الاحتياطي الفيدرالي نفسه مليارات الدولارات على مدار السنوات الماضية وهو ما عُرف بالتيسير الكمي.
أي القطاعات أكثر استفادة؟
عزز صعود شركات التكنولوجيا القيمة الإجمالية لسوق الأسهم الأمريكية عبر شركات الخمسة الكبار وهي "أمازون" و"آبل" و"نتفلكس" و"جوجل" و"فيسبوك".
ووصلت قيمة الشركات الخمسة مجمعة إلى 3 تريليونات دولار، ما يجعلها أكثر قيمة من مؤشرات رئيسية في بعض البورصات العالمية كمؤشر "فوتسي البريطاني".
ويستحوذ قطاع التكنولوجيا في الوقت الحالي على 26% من قيمة السوق الأمريكية وهي نسبة أكثر بكثير عن وضعها قبل الأزمة العالمية عند 16%.
وفي مقال نشرته صحيفة "يو.إس.إيه توداي" أشار إلى أن أبرز الشركات التي يجب أن يتجه إليها المستثمرون في الوقت الحالي.
ويرى إنه في الوقت الذي دفع فيه ارتفاع أسهم شركات مثل "نتفلكس" و"أمازون" البورصة الأمريكية لمواصلة مكاسبها، "فإن بعض الأسهم المنسية أصبحت أكثر جاذبية".
وتشمل تلك الأسهم البنوك الكبيرة مثل "جي.بي.مورجان" و"إكسون موبيل" وبعض الشركات التي تبيع منتجات كبيرة مثل "كوكاكولا" و"بوركتر آند جامبل".
كما ينصح بشراء أسهم الجيل الجديد في القطاع التكنولوجي مثل "روكا" والعاملة في تصنيع أداوت الإعلام التكنولوجية.
وتعد أيضاً الشركات ذات مشكلات قصير المدى وإمكانية طويلة الآجل من الأسهم المناسبة للشراء.
تحذيرات ونصائح
شدد "ديفيد نيلسون" كبير الاستراتيجيين في شركة "بيلبوينت" على ضرورة تجاهل المستثمرين للمشككين الذين قد يستخدموا هذا الإنجاز الكبير ويتخارجون من سوق الأسهم.
وتابع في تصريحات لمحطة "سي.إن.بي.سي" الأمريكية أن البيانات لاتزال تشير إلى أن أسواق الأسهم الأمريكية هي أفضل فئة أصول.
كما أن هناك آراء أخرى متفائلة، حيث يرى " توني دريك" محلل لدى شركة "دريك آند أسوشيتس" أن أحد الأسباب القوية التي تتوقع استمرار السوق الصاعد هي أن تلك الدورة بدأت من تراجع كبير، حيث كانت الأسهم فقدت أكثر من 50% من قيمتها في 2009 أعقاب الأزمة العالمية.
وتابع:"وهذا يعني أن سوق الأوراق المالية لديها مجال كبير للنمو وعلى الرغم من تجاوز مستويات ما قبل الركود فإنه لايزال هناك مجال للنمو".
على الجانب الآخر فإن التحفيز المالي من زيادة معدلات الضرائب والإنفاق قد تؤدي إلى بداية النهاية بالنسبة لمكاسب أسواق الأسهم.
وفي شهر يونيو حذررئيس الفيردالي الأسبق "بين برنانكي" من أن إصلاح نظام ترامب الضريبي قد يؤدي إلى صعوبات في غضون عامين.
فيما نوه محلل بشركة "يارديني"بأن المهم هو النمو القوي للاقتصاد وليس طول المسيرة، "أسواق الثيران لاتنتهي بسبب استمرارها فترة طويلة بينما ما يقتلها هو الركود".
وفي الوقت نفس توقع استمرار السوق الصعودي، "أعتقد إننا سنشهد توسعاً طويلاً".
ولرئيس بنك "جي.بي.مورجان" آراءً مماثلة، حيث صرح في مطلع الشهرالجاري بأن حالة الاقتصاد هي المحرك الرئيسي للسوق، "حالة السوق الحالية يمكنها الاستمرار فعلياً لعامين أو ثلاثة أعوام أخرى".
ومن جانبه، قال "فيكرام مانهاراماني"كاتب اقتصادي إن الاستقرار يولد عدم استقرار، "فهي تجعل الأفراد يندمجون في توقعات بأن العوائد مستقرة والمخاطر منخفضة "حتى يغرقوا في انعكاس كلي".
وتابع بأن السوق المالية ليست هي الاقتصاد،" لذلك حتى لو كان الاقتصاد في وضع جيد فأن ذلك لايعني أن سوق الأسهم تحذوا حذوها".
وبخلاف ذلك كله توجد أيضاً مخاوف متعلقة بالتعريفات الجمركية ومعارك العملات وارتفاع أسعار الفائدة والاضطرابات السياسة في إدارة ترامب.