دعوة لاعلان البصرة "منكوبة".. تغير لون المياه واكتظاظ المستشفيات بالمصابين بالتسمم
(صور وفيديو)
تواجه مدينة البصرة العراقية(جنوب) فصلا جديدا من سلسلة "المآسي" التي حلت بها هذا العام، فبعد الارتفاع القياسي لدرجات الحرارة وانخفاض مستوى المياه وتردي الخدمات العامة، تواجه المدينة "كارثة إنسانية" متمثلة بتفشي حالات تسمم حيث تسببت المياه الملوثة ، بتسمم المئات من السكان الذين اكتظت بهم المستشفيات خلال الأيام الماضية.
ووصفت مفوضية حقوق الإنسان في البصرة الأوضاع في المحافظة بـ"الخطيرة"، بسبب ارتفاع نسبة الملوحة وزيادة التلوث، مشيرة إلى أن الحكومة لم تسجل أي فعل يوازي حجم الكارثة .
وقالت المفوضية في بيان "نظرا للأوضاع الخطيرة والدقيقة التي تمر بها محافظة البصرة هذه الأيام من ارتفاع اللسان الملحي، وزيادة التلوث، الذي أدى إلى إصابات لآلاف المواطنين، فأنه لم يتم تسجيل أي فعل حكومي يوازي حجم الكارثة".
ودعت المفوضية الحكومة المركزية ممثلة برئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، إلى "الانتقال مع وزراء الصحة والبيئة والموارد المائية للبصرة للوقوف على هذه الكارثة والاطمئنان على أهلها الذين يعدون الثروة الأعظم والذين يفتك بهم التلوث ونقص الادوية"، مطالبة رئاسة الوزراء بـ"إعلان البصرة مدينة منكوبة بكل المقاييس الإنسانية".
غضب شعبي ولقطات صادمة
ونشر رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو "صادمة" للأنهار في مناطق داخل وجوار البصرة، ومنها مدينة أبو الخصيب، التي تحول النهر فيها إلى اللون الأحمر، بسبب التشبع بالمواد الملوثة.
وانتشر وسم "البصرة تستغيث" و"البصرة تحتضر" على موقع تويتر، وسط غضب عارم من سكان المدينة وسكان العراق بشكل عام على تردي الأوضاع.
وانتشرت صور لمياه الأنهار في البصرة، ومياه الاستخدام اليومي، وهي ملوثة بشكل واضح، ظاهرة بلون يقارب البني.
كما أظهرت صور ومقاطع فيديو انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي اكتظاظ المستشفيات بالمواطنين المصابين بالتسمم، في وقت تعاني فيه تلك المستشفيات من نقص في الخدمات.
وبحسب البيانات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي ، وجه الناشطون نداءت استغاثة إلى كل دول العالم، وإلى كل السفارات والقنصليات في العراق، لما تشهده البصرة من اكتظاظ المستشفيات بالمرضى نتيجة التسمم بالماء المالح، ونفوق الماشية والأسماك في المحافظة.
تلوث "قياسي" وصمت الحكومة
وتعد البصرة من أغنى المحافظات العراقية بالموارد الطبيعية مثل النفط والغاز، كما تعتبر منفذ العراق البحري الوحيد.
وكشفت شعبة الرقابة الصحية في دائرة صحة البصرة عن ارتفاع نسبة التلوث بمياه الإسالة في المحافظة بشكل كبير جدا، وقالت إن "التلوث الكيميائي في مياه الإسالة بلغ نسبة 100 بالمئة، والتلوث الجرثومي إلى نسبة 50 بالمئة". هذا فضلاً عن التلوث البيئي بسبب الدخان والانبعاثات الغازية من آبار النفط .
من جهتها، أكدت النائبة السابقة عن محافظة البصرة، فاطمة الزركاني، "تلوث مياه المحافظة وامتناع السكان عن شربها"، داعية الحكومة إلى "الإسراع في إنقاذ السكان من هذه الكارثة".
وفي تصريحات صحفية ، كشف عضو مجلس محافظة البصرة، كريم شواك، في وقت سابق من هذا الأسبوع، عن إصابة أكثر من 4 آلاف مواطن بحالات الإسهال بسبب المياه الملوثة.
فيما أعلنت دائرة صحة البصرة تسمموا نتيجة شربهم مياهاً ملوثة تنقلها المركبات الحوضية التي وفرتها الحكومة لحل مشكلة المياه بالمحافظة.
وأضاف البيان المنسوب لدائرة الصحة بأن نسبة الكلور المعقم للمياه في معظم محطات التحلية هي صفر بالمئة.
وكان قد خرج الآلاف من أهالي محافظة البصرة منذ 14 من يوليو/تموز الماضي في مظاهرات للمطالبة بتحسين واقع الخدمات ومعالجة مشكلة ملوحة المياه
وكان مسؤول في وزارة الزراعة العراقية قد أكد مطلع هذا الشهر أن المساحات المزروعة في البلاد انخفضت إلى النصف، مقارنة بالعام الماضي، إثر موجة الجفاف وانخفاض منسوب نهري دجلة والفرات.
إيران وتركيا
ويعاني العراق الذي يطلق عليه "بلاد الرافدين" نسبة الى دجلة والفرات من شح المياه ، أثر انخفاض المنسوب بشكل كبير منذ سنوات.
وبعيدا عن قلة الأمطار، يبقى السبب الرئيسي للجفاف تحويل وقطع الأنهر التي تصب في دجلة والفرات من قبل تركيا وإيران، بحسب الخبراء.
كما باشرت تركيا مؤخرا بتشغيل سد اليسو على نهر دجلة، مما يشكل ضربة للزراعة في العراق، ستظهر تداعياتها في مختلف نواحي الحياة.