على وقع مفاوضات ماراثونية .. ولاية العبادي في عيون المراقبين
متابعة –عراق برس-1ايلول/ سبتمبر: خلال الفترة الماضية رجحت العديد من استطلاعات الرأي ومراكز الأبحاث فوز رئيس الوزراء حيدر العبادي بولاية ثانية؛ بعدما حققه من انتصار على تنظيم داعش وإحباط مشروع استقلال إقليم كردستان خلال فترته الأولى.
ولكن تلك الاستطلاعات، وفق متابعين، سرعان ما أصبحت تلك مجرد أحاديث تفتقر إلى المصداقية بعد نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة في يوم 12 من شهر آيار/مايو من عام 2018، والتي أظهرت حجم رئيس الحكومة المحرر للأراضي كما روج بذلك كثيرًا الجيش الإلكتروني التابع له، إذ أخفق في تصدر المشهد الانتخابي لينتزعه بذلك تحالف “سائرون” الذي يتزعمه رجل الدين مقتدى الصدر.
التنازلات ضرورة
ويرى الحقوقي والناشط المدني حسين الغرابي أنه “نظرًا لنتائج الانتخابات الأخيرة فإن أيًا من الكتل الفائزة لن تستطيع تقديم مرشح لرئاسة الوزراء بدون تقديم تنازلات للكتل الأخرى المنافسة”.
وتابع،، أن “كتلة رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي لم تحصل إلا على 43 مقعدًا، فسيكون العبادي أمام خيارين، إما أن يتحالف مع (سائرون والوطنية والحكمة، وجزء من المحور) وهو الأقرب للواقع وهنا سيكون الرجل مرشحًا لهذه الكتلة التاريخية والمدعومة من مبعوث الرئيس الأمريكي ماكورك، وعندها لن يكون مرشح حزب الدعوة، وهذا التنازل الذي رفضه العبادي سابقًا حين دعاه الصدر في تظاهرات عام 2015”.
وحول الخيار الآخر، بيّن الغرابي، أنه “إما أن يكون ضمن محور (الفتح، القانون، الكردستاني) والمدعوم من إيران وهذا المحور سيضطر العبادي إلى تنازلات كبيرة تتمثل باسترجاع الوضع لما هو عليه مع كردستان وسيعود لنظام المحاصصة القديم بكل تفاصيله الصغيرة والكبيرة”.
تحول العبادي
ويرى الكاتب والصحفي علاء كولي أنه “بعد عمليات التحرير، كنا نعتقد بأنه ولو بجزء بسيط أن يكون العبادي رجل دولة مقارنة بسلفه، لكنه تحول من رجل دولة إلى رجل يسعى بشكل حثيث للفوز بولاية ثانية، ولكن هذه المساعي كلفته الكثير وخسر أكثر، خسر حضوره الشعبي الذي اكتسبه بعد عمليات التحرير، الذي كان من الممكن أن يحافظ على توازنه، وأن يكون حاضرًا في كل المواقف السياسية والأمنية الأخرى”.
وتابع، أنه “حتى الفرق الإعلامية التي كانت داعمة له، فقد خلقت صورة نمطية للعبادي، وقامت الكثير من وسائل الإعلام بعملية تلميع صورة رئيس الوزراء التي بدت باهتة كثيرًا في الأشهر القليلة التي سبقت الانتخابات، والتي ظهر فيها بتحالفات هشة وبنيت على أساس رخو، وهو يكشف حجم وطريقة تفكير الفريق المفاوض له”.
وأضاف كولي: “إن مشكلة العبادي أنه لم يستطع إيقاف مسلسل الأزمات المتكررة التي حدثت خلال فترة حكمه، وربما المشاكل المالية أبرزها، فقد قدم العراق طلبًا للحصول على قروض مالية من البنك الدولي والذي وضع عليها شروطًا قاسية تتعلق بالوظائف والإيرادات واتباع سياسة تقشفية أثارت استياء العراقيين كثيرًا، وقللت من فرص حظوظه بأن يكون رجلًا ذا سمعة جيدة في إدارة الدولة”.
وفي مطلع شهر تموز الماضي، تحول سير الأحداث سريعًا وبشكل غير متوقع حينما حدثت تظاهرات في البصرة وقتل متظاهر من قبل شرطة حماية حقل غرب القرنة النفطي شمال المدينة، لتشتعل هذه المدينة بالتظاهرات في أكثر من منطقة، ويزداد حجم المطالبات بتوفير الخدمات وإيجاد فرص عمل للشباب في البصرة، إلا أن العبادي قد أخفق في التعامل مع أهالي البصرة حينما استخدم القوة المفرطة في تفريق التظاهرات لتتحول إلى مواجهات استمرت عدة أيام سقط فيها عدد من المتظاهرين وفي صفوف القوات الأمنية.
مفاوضات ماراثونية
وفي الوقت نفسه يخوض فريق العبادي مفاوضات ماراثونية من أجل الظفر بالولاية الثانية، لكنه واجه انتقادات حتى مع المتحالفين معه، إذ تشير تسريبات سياسية عن حصول مناكفات سياسية كثيرة، وانتقادات للعبادي بسبب طريقته بالتعامل مع أزمة البصرة لتكبر التظاهرات لاحقًا في مدن جنوب العراق ووسطه بشكل لافت، وهو ما جعل حظوظه في أن يكون رئيسًا للحكومة لولاية ثانية أمرًا مستبعدًا بحسب ما تحدث به خبراء ومتابعون في الشأن السياسي العراقي.
ومن جانبه قال النائب عن كتلة دولة القانون، عبد الهادي السعداوي، إن “هناك ضغوطًا أمريكية وخليجية على الأطراف الكردية والسنية، من أجل أن تحول إلى محور تحالف سائرون والحكمة، والمتبقي من كتلة النصر، من أجل ولاية ثانية”.
وأكد ، أن “هناك إصرارًا في أغلب الكتل بعدم تولي العبادي ولاية ثانية”.
وإلى الآن، رغم دعوة رئيس الجمهورية فؤاد معصوم إلى انعقاد جلسة البرلمان للدورة الرابعة في 3 أيلول/سبتمبر المقبل، لا تزال التحالفات لم تصل إلى نتيجة بسبب صعوبة إقناع الأطراف السنية والكردية بالانضمام لأي جهة دون تحقيق مطالبهم، والذي فشلت فيها الكتل على مدى الأيام الماضية، وكانت أبرزها اجتماع فندق بابل، والذي لم يحسم فيه اختيار رئيس وزراء والتي تشير التسريبات إلى ظهور أسماء منافسة للعبادي، أبرزها طارق نجم وفالح الفياض وهادي العامري ونوري المالكي.
أقل من أي وقت مضى
إلى ذلك قال عضو مجلس محافظة ذي قار رشيد السراي، إن “حظوظ العبادي أقل من أي وقت مضى، وإن كان هو الأقرب للرؤية الاقتصادية الأمريكية، ولكي يحصل على المنصب، عليه إقناع الأطراف الخارجية وتقديم تنازلات للأكراد، تنسف كل ما حصل عليه في نزاعه الأخير معهم.
ويرى المحلل السياسي محمود الهاشمي، أن “العبادي اعتقد أنه بمجرد وجوده في منصب رئيس الوزراء سيحصل على ولاية ثانية كونه يملك الآلة التنفيذية بيده، ومن حوله الكثير من المعاونين أو المستشارين الذين يتمنون بقاءه في المنصب وهم بالحقيقة منتفعون لا أكثر في الأزمة”.
وأوضح الهاشمي أن “الكتلة التي شكّلها رئيس الوزراء العبادي في الانتخابات الأخيرة، وهي ائتلاف النصر، كتلة غير متجانسة مثل بقية الكتل والائتلافات الأخرى الموجودة في الساحة، وفقدان التجانس بين أعضائها والكتل المنضوية تحتها جعل عملية إدارتها صعبة وهو أيضًا غير متفرغ لإدارتها، كما أن الشخصيات الموجودة معه داخل الائتلاف ليست من الخطوط الأولى التي يمكن الاعتماد عليها في إدارة الكتلة وتشكل ثقلًا في الساحة السياسية”.
وأضاف: “لذلك عاجلت كتلتا الفتح والقانون بتشكيل الكتلة الأكبر لإدارة الحكومة المقبلة بآليات هم سابقًا عملوا بها وخاصة دولة القانون، واستطاعت أن تستقدم شخصيات عديدة كما استطاعت أن تجذب أفرادًا وكتلًا من داخل ائتلاف النصر”.
وتابع الهاشمي حديثه أن “الوضع الحالي في البلد لا يمكّنْ أي كتلة من الانفراد بعملية تشكيل الحكومة المقبلة، لأن التحديات كبيرة ثم إنه لا توجد ثقافة اسمها المعارضة لدى الطبقة السياسية؛ كون هؤلاء السياسيون يعتقدون أن اللجوء إلى المعارضة يعني الخسارة والهزيمة لأنهم فشلوا في تشكيل الكتلة الأكبر”.
وفي السياق، قال المحلل السياسي عبدالحسين عبدالرضا، في حديث لـ”إرم نيوز”، إن “رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بدا في سلوكه في الأيام الأخيرة مصابًا بوعكة في سياسته، عين على واشنطن وأخرى على طهران، وهو بين هذه وتلك يراهن مرة على انتمائه الديني وأخرى على انضوائه السياسي، وهو بجانب ذلك في سباق مع نفسه ومع الآخرين في أن يصنع كتلته الأكبر لكي يضمن ولاية ثانية ربما هي أقرب منها للخيال”. انتهى (1)
شارك هذا الموضوع: