أساطير ملاعب الليجا (2): سان ماميس الجديد "كاتدرائية كرة القدم"
"سان ماميس" هو أكثر من مجرد ملعب كرة قدم! ولما لا فهو ملعب يخص أحد أكثر الفرق المميزة بفلسفةٍ خاصةٍ به هو فقط، لذلك يُعد أيقونةً لعشاق كرة القدم وليس مجرد ملعب فحسب.
على الرغم من أن الملعب الجديد لأتلتيك بلباو لم يمر على بنائه أكثر من 5 أعوام، إلا أن تاريخ الفريق وروحه لم تختلف عن الملعب القديم، فالبعض كان يعتقد أن الملعب الجديد لن يكون ساحرًا بتاريخه وإرثه مثل القديم الذي كان يطلق عليه لقب "الكاتدرائية".
أساطير ملاعب الليجا (1): سيوتات دي فالنسيا.. كم هو عظيم أن تكون صغيراً!
ولكن يبقى السؤال، ما الذي جعل هذا الفريق وجماهيره والمدينة بأكملها مختلفين عن كل مدن إسبانيا التي تحظى بوجود أندية كرة قدم شعبية على غرار أتلتيك بلباو.
الروخيبلانكوس هو الفريق المحترف الوحيد طوال تاريخه - المُقدر بـ 120 عامًا - الذي يضم لاعبين من إقليمٍ واحدٍ فقط هو إقليم الباسك، وهو الأمر الذي يجعل جماهير الفريق تشعر بالولاء الشديد للنادي، فأغلب لاعبيه هم خريجين أكاديمية الناشئين الخاصة به "ليزاما"، والتي تُخرج الـ "كوبز" أي الأشبال باللغة الإسبانية، قبل أن يترقى منهم "الأسود" للفريق الأول، لذلك فإن هذا الفريق يتمتع بهويةٍ خاصةٍ قد لا تجدها في أي فريقٍ آخر في العالم، بإمكانك أن ترى هذه الهوية المميزة بوضوح عند رؤيتك للملعب، هو شيء يشبه الـ DNA المشترك بين لاعبي الفريق.
ملعب سان ماميس الجديد وتصميمه الرائع مثل حبة الكرز التي تزين الكعكة، فهو يقع في واحدةٍ من أكثر المدن الأوروبية ثراءً على المستوى الثقافي.
Así vivimos el #AthleticRealMadrid en la catedral #AthleticClub ???? pic.twitter.com/MOxJMT0SxC — Athletic Club (@AthleticClub) September 17, 2018
مدينة بلباو حاليًا يُنظر إليها على أنها واجهة العصر الجديد في إسبانيا، عصر النهضة العمرانية الذي يتجلى في تصميم متحف غوغنهايم الذي بناه المعماري الفرنسي فرانك جيري وبرج إبيردولا، وآخر هذه الإنجازات العمرانية للمدينة هو ملعب الفريق الأبيض والأحمر بتصميمه الجديد الذي يزين النهضة الصناعية والعمرانية التي بدأتها إسبانيا في تسعينيات القرن الماضي، ليصبح سان ماميس الجديد أحد أهم معالم مدينة بيلباو.
الملعب الجديد يقع على ضفاف نهر المدينة، وعلى الرغم من تصميمه الحديث، إلا أن الجماهير مازالت تحرص على إضفاء الروح الخاصة بالفريق والتي كانت متبعةً في الملعب القديم، فمازال قائد الفريق يقدم الورود لتمثال يُخلد المهاجم التاريخي للنادي "بيتشيتشي" هداف الدوري الإسباني في العقد الأول من القرن العشرين، هذا التقليد يقام قبل كل مباراة من قائد الفريق وسط صيحات جنونية من مشجعي النادي "أتلتييييييك، أتلتيييييك".
اسم "بيتشيتشي" حاليًا مازال مخلدًا في تاريخ الليجا للأبد وليست مدينة بلباو فحسب، فأصبح كل من يتوج بلقب هداف المسابقة يطلق عليه اسم هذا الاسم.
تم تصميم ملعب سان ماميس الجديد من أجل أن يناسب جماهير أتلتيك بلباو المميزة عن أي فريقٍ آخر، فلقد بُنيت المقاعد بشكلٍ عمودي لتكون الجماهير قريبةً من الملعب، بالإضافة إلى بناء سقف الملعب بطريقةٍ خاصةٍ حتى تساعد زواياه على مضاعفة صوت الجماهير، وضلك لبث الحماس لدى لاعبي الفريق وخلق مناخاً مخيفاً للاعبي الفريق الخصم.
وعلى عكس مشهد الملعب المخيف للخصوم من الداخل، فإن تصميمه الخارجي يمتاز بالطابع الجمالي، فلقد بُني الهيكل الخارجي من 2500 قطعةً صُنعت من البلاستيك، كل قطعة تحتوي على 12 مصباحًا، ليصبح الشكل الخارجي للملعب عبارة عن شاشة بحجم 30 ألف بيكسل، مما يعكس مشهدًا خلابًا قد يُضيء المدينة بأكملها في ظلام الليل، وهذا ما يحدث بالفعل عند فوز بلباو بالمباريات الكبيرة، فإن الملعب وقتها يضيء للاحتفال بانتصار الأسود.
تصميم ملعب سان ماميس الاستثنائي حاز على عددٍ كبير من الجوائز المعمارية أبرزها أفضل مبنى رياضي في العالم لعام 2015، وصُنف ضمن ملاعب الصفوة لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، كما أنه الملعب الوحيد من ضمن ملاعب الليجا التي ستستضيف مباريات في كأس الأمم الأوروبية "يورو 2020" المقرر إقامتها في 12 دولة مختلفة في القارة العجوز.
