توماس مولر - القاتل الكلاسيكي
بولا عطا فيسبوك
يعقد الأصدقاء جلسة للحديث المعتاد على كرة القدم، يتم ذكر اسم لاعب من تلك الفرق الكبرى في أوروبا، ويبدأ الخلاف عن ما كان ذلك اللاعب يضيف للفريق شيء أم انه مجرد لاعب لا يجيد المراوغة و لا يفعل سوى التمركز الجيد وتسجيل الأهداف وصناعتها، ليدافع عنه أحد الجالسين بقوله " هذا لاعب تكتيكي من الطراز الرفيع".
الحديث هنا عن توماس مولر لاعب بايرن ميونخ ومنتخب ألمانيا الذي طالما أثار جدلًا كبيرًا بين متابعي كرة القدم.
الفرق بين اللاعب التكتيكي والتكنيكي
اللاعب التكتيكي هو ذلك اللاعب الذي يقوم بأداء واجب مركزه في إطار تعليمات مدربه فقط، يستخدم ذكاءه في التمركز للحصول على الكرة في مناطق مؤثرة، محاولة للتسجيل والصناعة، يختلف اللاعب التكنيكي بعض الشيء فهو يمتلك الموهبة والنظرة المسبقة لمكان تحرك الزملاء، وطريقة تمرير الكرة في مناطق المنافس، يضيف لتعليمات مدربه لا يكتفي بها فقط، مع عدم إغفال او التقصير في مهامه الأساسية.
كانت تلك مقدمة من الممكن يعتبرها البعض طويلة بعض الشيء قبل الحديث عن لاعب لكن في نظري هو يستحق ذلك، توماس مولر نجم فريق بايرن ميونيخ ومنتخب ألمانيا، اللاعب المولود في شهر سبتمبر قبل تسعة وعشرين عاماً، في مدينة ڤايلهايم في جنوب إقليم باڤاريا.
سون يرفض شائعات انتقاله إلى بايرن ميونخ
بدأ توماس ممارسة الكرة في سن العاشرة من عمره، في نادي إس ڤي بال في المدينة المجاورة لمدينة ولادته، بزغ نجمه ثم رحل إلى العملاق الباڤاري بايرن ميونيخ في عام 2000 لينضم للفئات السنية هناك، أظهر تألق كبير حتى تم ترشيحه للفريق الثاني للنادي عام 2007، ليشارك معه في 35 لقاء ويسجل 16 هدف.
بايرن سيطروا على مدينة جيلسنكيرشن في الملعب والمدرجات
جمهور بايرن كان في الموعد اليوم pic.twitter.com/HiBuqZICxO — جول العربي - Goal (@GoalAR) September 22, 2018
تم تصعيد الشاب للفريق الأول في فترة تحضيرات الفريق لموسم 2008 مع المدرب كلينسمان، ظهر على فترات خلال خمس مناسبات وسجل خلالهم هدف، قرر النادي في بداية 2009 التوقيع معه بصفته لاعب محترف.
نال ذلك الشاب ثقة كل المدربين الذين أشرفوا على تدريب الفريق الألماني، ظهر توماس اللاعب الشاب في كأس العالم مع منتخب ألمانيا عام 2010، ويبهر الجميع بالرغم من صغر سنه، وأصبح الآن أحد الهدافين التاريخين للمونديال برصيد 10 أهداف.
كوفاتش يفضل ميسي على رونالدو ويحدد الأفضل بين صلاح ومودريتش
تحدث المدرب الهولندي السابق لبايرن ميونيخ عن توماس قائلاً " يجب أن يتواجد مولر في تشكيل بايرن دائماً"، كان يرى لويس موهبة مولر منذ الصغر، وحاول ثقل تلك الموهبة ووضعها في الميزان.
توماس لا يجيد المراوغات، لا يمتلك لمسات مبهرة قادرة على خطف أعين المشاهدين لكنه لاعب من طراز عالمي، وصف نفسه في مقابلة صحفية من قبل بجملة " انا مهندس المساحات "، تلك الثقة هي من تجعله كما نراه الآن، تحدث الكثير عن تلك الشخصية القيادية منذ فترة الشباب وتشجيعه للزملاء والتواجد بمثابة قائد هناك في غرف الملابس.
مولر الوهمي والمساحات
يجيد اللاعب الألماني التواجد بشكل كبير في مناطق الخطورة، بين خطوط الخصم، اللعب على حدود منطقة جزاء الفريق المنافس، التحرك العرضي والقطري لإيجاد مساحة والتحرك للحصول على الكرة في وضعية تسمح له بالتسجيل، يستطيع مولر لعب دور المهاجم الثاني أحياناً، فهو مميز بالرأسيات والتسديد بكلتا قدميه، يشبه كثيراً ديديهدروجبا في تحركاته داخل الملعب، ليس بالسرعة ولا المهارة، هو يلجأ فقط للذكاء في التمركز أمام المرمى.
يتحدث الكثير عن عدم أحقية مولر في اللعب في المنتخب وفريقه البافاري، وأن المدربين يجاملوا اللاعب بوضعه في التشكيل، ولكن إذا تحدث هؤلاء عن لاعب يلعب في أكثر من مركز بشكل متغير دائماً، قد يلعب في مركز الجناح الأيمن، ويصبح جزء من عملية صناعة اللعب عند صعوده ليصبح مهاجم ثاني بجوار ليفاندوفيسكي، ويصعد كيميش في الطرف.
من الممكن تفهم أن اللاعب وصل لسن التاسعة والعشرين من عمره، يقل المجهود وتكثر الإصابات ويحاول اللاعب إعطاء كل ما عنده، ولا يجب أن ننسى أن اللاعب حقق كل شيء تقريباً على مستوى الفريق والمنتخب، من الطبيعي يقل العطاءويقل الشغف، ولكن ما أراه على توماس أنه يعيش كل مباراة كأنها الأولى.
وصل مولر في بايرن ميونخ لأرقام لم يحققها سوى أساطير فقط، للتأمل في لاعب خاض 445 مباراة، وسجل 178 هدف، وحصد 7 ألقاب دوري ألماني، ثالث هداف في تاريخ النادي وحقق الثلاثية التاريخية في عام 2013، الهداف التاريخي لفريقه في دوري الأبطال، أحد أبطال العالم مع منتخب ألمانيا عاوز 2014، هداف مونديال 2010، شارك توماس في تاريخه مع البايرن في 300 هدف بين التسجيل والصناعة، كل تلك الأرقام القياسية لا تساوي جزء من دور تكتيكي للاعب يعرف حجمه بشكل كبير.
مولر قاتل كلاسيكي لا يتفنن في أساليب تعذيب الخصم، ولا يريد رؤيته يتألم، هو فقط يريد القضاءعلى الضحية ليذهب لما بعد ذلك، يجيد فقط المساهمة بشكل فعال في جعل فريقه ومنتخبه في المرتبة الأولى.