اخبار العراق الان

عاجل

يوفنتوس ونابولي: الشمال ضد الجنوب.. الثراء ضد الفقر.. الشيء ضد نقيضه الكامل

يوفنتوس ونابولي: الشمال ضد الجنوب.. الثراء ضد الفقر.. الشيء ضد نقيضه الكامل
يوفنتوس ونابولي: الشمال ضد الجنوب.. الثراء ضد الفقر.. الشيء ضد نقيضه الكامل

2018-09-28 00:00:00 - المصدر: جول



أحمد أباظة    فيسبوك      تويتر

يشهد السبت الكروي الكبير على قمة مبكرة وحاسمة في الدوري الإيطالي، بين يوفنتوس المتصدر بفارق 3 نقاط عن أقرب ملاحقيه نابولي. الأخير طارد لقب الكالتشيو كثيراً في الأعوام الأخيرة ولكن دون جدوى، يوفي يبسط قبضته المحلية بلا رجعة عبر آخر 7 نسخ من المسابقة، بينما يحل عليه البارتينوبي ضيفاً ثقيلاً في محاولة جديدة لإيقاف هذا الزحف.

 

نابولي الذي لم يضع يده على لقب الدوري منذ عام 1990، أو بالأحرى منذ كان الأسطورة مارادونا بينهم،  اقترب أكثر من ذي قبل مع مدربه السابق ماوريتسيو ساري، ولكنه الآن قد تعاقد مع مخضرم الطليان كارلو أنشيلوتي، ويا له من تعاقد حين يتعلق الأمر بمسابقات المدى الطويل، فالرجل فاز بأربعة ألقاب للدوري طوال مسيرته التدريبية الممتدة عبر قرابة ربع قرن.

"دون كارلو" الذي وصل مع جيل ميلان الذهبي الأخير لنهائي دوري أبطال أوروبا 3 مرات في 5 أعوام فاز منهم باثنين، حقق السكوديتو مرة واحدة مع هذا الفريق. حتى في فريق بحجم باريس سان جيرمان بكل ما يملك من فوارق كاسحة عن بقية الفرق الفرنسية، فاز بالدوري مرة بعد أن خسره لصالح مونبلييه. مؤشرات تخبرك بما يحدث عادةً لمن قاد فريقه للعودة في النتيجة ضد لاتسيو وميلان تباعاً، قبل أن يسقط بثلاثية أمام سامبدوريا.

بالتأكيد هي مباراة على درجة كبيرة من الأهمية في سياق المنافسة ، فهي المواجهة المباشرة الأولى بين فرسي رهان اللقب، رغم أن فوز نابولي بها في الأمتار الأخيرة للموسم الماضي لم يمنعه من السقوط لاحقاً وإضاعة الفرصة. إلا أن تلك المباراة لا تستمد أهميتها فقط من صفتها الرسمية المجردة، فلا يوجد في كرة القدم ما هو أجمل من الفوز على الغريم، أو بالأحرى العدو..

هما التعريف الحرفي للكيانات المتناقضة كما وصفهما "فورزا إيطاليان فوتبول"، هما الضدين من مظور جغرافي بحت، فتورينو في الشمال ونابولي في الجنوب. شوارع تورينو تُريك جبال الألب التي يكسوها الجليد، بينما لن تخطئ عينك جبل فيزوف البركاني في شوارع (نابلس) كما يسميها الإنجليز، حتى صوص المعكرونة! الغلبة في الجنوب للصلصة الحمراء والموت لكريمة الشمال البيضاء..

فيما بعد الحرب العالمية الثانية، غادر حوالي مليون مواطن من الجنوب إلى الشمال بحثاً عن فرص العمل، وعلى رأس تلك الفرص كانت شركة (فيات)، التي يصدف أنها مملوكة لعائلة أنييلي المالكة بدورها لنادي يوفنتوس، في واحدة من أبرز محطات العداء الاجتماعي قبل الكروي بين الطرفين.

في بداية الثمانينات حين كان يوفنتوس يصول ويجول محلياً وأوروبياً بقيادة نجمه ميشيل بلاتيني، دق ناقوس التغيير في الجنوب بعد كأس العالم 1986، الذي شهد انفجاراً لم يهدأ في عالم كرة القدم، اسمه دييجو أرماندو مارادونا.

قبلها كان نابولي مجرد حامل للواء الجنوب في مواجهة الشمال، ولكن وقتها بات مقارعاً حقيقياً للجميع. بالفعل فاز مارادونا مع البارتينوبي بلقبي السكوديتو الوحيدين في تاريخ النادي 1986-1987 و1989-1990.

بحسب تقرير تيليجراف الإنجليزية، فإن فترة ما بعد الظهيرة في العاشر من مايو عام 1987 شهدت اختفاء جميع سكان مدينة نابولي تقريباً، تقول عالمة الأنثروبولوجيا (علم الإنسان) أماليا سينوريلي عن هذا:"لقد تغير العالم، أكثر مدن أوروبا صخباً وازدحاماً وفوضى كانت مهجورة بالكامل".

في الواقع كانت المدينة بأكملها أشبه بمدينة أشباح عدا بقعة واحدة: ملعب سان باولو، حيث كان الفريق يواجه فيورنتينا في آخر جولات الدوري، أقرب من أي وقت مضى للقب الدوري الأول في 61 عاماً.

بالفعل انتهى اللقاء بتعادل كافي لتأمين اللقب، فانطلقت المدينة في أيام مستمرة من الاحتفالات والألعاب النارية وحتى الرقص على أسطح المنازل. في مقابر المدينة يمكنك أن تجد (جرافيتي) كُتب عليه "يا رفاق، أنتم لا تعلمون ما فاتكم"، على هامش إقامة جنازة ساخرة ليوفنتوس!

كعادة الأندية الناجحة من خارج الشمال والغرب الإيطالي، سرعان ما تندثر.. جونزالو هيجوايين لم يكن الأول، قبلها في 1994 انتقل شيرو فيرارا من نابولي إلى يوفنتوس كأبرز علامات الخيانة "من منظور الجنوب"، فحاز النجاح بقميص السيدة العجوز بينما اختفى نابولي تدريجياً إلى أن وصل للدرجة الثالثة.

تدور الأيام وتأتي فضيحة الكالتشيوبولي الشهيرة في 2006، لتهبط بالعملاق الإيطالي إلى السيريا بي تزامناً مع وجود نابولي هناك، يلتقي الفريقان من جديد ويتأهلان معاً إلى الدرجة الأولى، مع الوقت يستعيد البيانكونيري عافيته ويعود لاكتساح الكالتشيو، ويوم بعد يوم يصبح أقرب إلى النجاح الأوروبي، في وقت شهد انهيار ميلان وإنتر.

الآن تعود الأيام من جديد وينص نابولي نفسه كمنافس أوحد دائم على اللقب، حتى وإن كان لا يزال أقل تمويلاً من يوفنتوس وأقل في مجموع الأفراد، هكذا جرت العادة وهكذا ستدوم، ولكن روح الجنوب لا تزال ترفض الموت. الآن وضع أزرق سان باولو نفسه كمنافس قوي ومزعج في كل عام، فهل ينجح أنشيلوتي في إعادة أجواء الثمانينات، أم أن طغيان يوفي هو من سيستمر في رفض الموت؟

يوفنتوس ونابولي: الشمال ضد الجنوب.. الثراء ضد الفقر.. الشيء ضد نقيضه الكامل
يوفنتوس ونابولي: الشمال ضد الجنوب.. الثراء ضد الفقر.. الشيء ضد نقيضه الكامل