سانشو .. النسخة الأوفر حظًا من عادل إمام "الحريف"!
بعد ربع قرن من ملحمة الزعيم عادل إمام، في فيلمه الكلاسيكي الشهير "الحريف"، الذي جّسد فيه شخصية "فارس"، لاعب الشوارع الفذ الذي لم يجد حظه في عالم الاحتراف، وُلد النموذج الحقيقي الإنجليزي لهذه الشخصية، لأبوين من ترينداد وتوباجو، قطعا آلاف الأميال، لتأمين حية كريمة في بلاد الضباب.
نيمار واتفورد
هناك في أحد أفقر أحياء واتفورد، اكتسب الطفل المُسالم سانشو شهرة واسعة، بمراوغته التي يُحاكي بها لقطات نيمار على "يوتيوب"، وظل يُخرج كل طاقته الطفولة في هوسه بالمركولة المجنونة في شوارع الفقراء، إلى أن انتشله والده من براثن الضياع، قبل أن ينجر لطريق المخدرات و "العربدة" كأغلب أبناء جيله في الحي، وقبلهم "فارس" الحريف، الذي قضى عمره يقتات جنيهات تُعد على أصابع اليد الواحدة من مباريات المراهنات في الساحات الشعبية.
طفل برئ
من الأشياء التي يعتز بها سانشز، أنه كان مُختلفًا عن زملائه في الحي. لا يفعل الأشياء السيئة، ذلك في الوقت الذي يتسابق فيه زملاء السوء على فعل كل ما هو مُخالف للأعراف والتقاليد، فقط كان يجد مُتعته في المراوغة وتسجيل الأهداف وحماسة مباريات كرة القدم، وهو ما جعل والده يُغامر برسوم تقديمه في أكاديمية واتفورد، لتتغير حياته من النقيض إلى النقيض في الوقت المناسب، قبل أن يتحول لقصة حريف منسي جديد.
هل من الممكن ان تسجل ٤٠ هدفًا هذا الموسم؟
= إن شاء الله
(????️: @bizzlemuna) pic.twitter.com/NVc51pEP3i — جول العربي - Goal (@GoalAR) September 29, 2018
بداية الحلم
في سن الـ14، التقطه كشافة مانشستر سيتي بعد وضوح موهبته مع ناشئين واتفورد، وتمت الصفقة مقابل نصف مليون جنيه إسترليني، ورغم أن الرجل الثاني في النادي خلدون المبارك، كان ينظر لسانشو على أنه مستقبل النادي، إلا أن الأخير لم يكن لديه طاقة للصبر والانتظار على فرصته، وكانت القاضية بالنسبة له، عندما علم بخبر خروجه من بعثة بيب جوارديولا المسافرة للولايات المتحدة الأمريكية في صيف 2017، لبدء معسكر الاستعداد قبل بدء موسم 2017-2018.
نعم أنا مُتمرد
هكذا كانت رسالة سانشو لمسؤولي المان سيتي، ردًا على تهميشه من رحلة بلاد العم سام، ليضطر النادي السماوي لبيعه لبوروسيا دورتموند مقابل ثمانية ملايين يورو، ليحل محل عثمان ديمبلي بعد انتقاله لبرشلونة الموسم الماضي. لم يكن محظوظًا بما فيه الكفاية في موسمه الأول، بتعرضه لإصابتين، على إثرها غاب عدة أسابيع في ديسمبر ونوفمبر، مع ذلك، عبر عن نفسه، بلمسته وطريقته الخاصة في مداعبة الكرة، لدرجة جعل حساب البوندسليجا الرسمي يصفه برونالدينيو الإنجليز.
ظهرت مخالب الوحش
بعدما تأقلم على الحياة في ألمانيا، والأهم التخلص من رهبة جماهير "سيجنال ايدونا بارك"، بدأت تظهر بصمته مع نهاية الموسم الماضي، عندما سطر اسمه في كتب التاريخ، بالتسجيل بعمر 18 عامًا في مباراة ضد باير ليفركوزن في الجولة الـ31 للبوندسليجا الموسم الفائت، بات أصغر إنجليزي في التاريخ يُسجل في الدوري الألماني، وفي وقت لاحق من هذا الشهر، حجز مكان آخر في كتب التاريخ، بالمشاركة في مواجهة البوروسيا وكلوب بروج في الأبطال، كأصغر لاعب بريطاني مُحترف يلعب في أمجد وأعرق بطولات أوروبا مع فريق غير إنجليزي، ومع هذه الإحصائيات المُبشرة لميلاد وحش إنجليزي في المستقبل، يُطور مستواه من مباراة لأخرى، بالتخلي عن الفردية شيئًا فشيئًا.
باستخدام سلاح المراوغة المُهينة للمدافعين في الوقت المناسب، ومع استمراره في العمل والاجتهاد على نفسه، قد يُعطي إضافة هائلة للمنتخب الإنجليزي في المرحلة القادمة، في ظل امتلاكه مقاومات اللاعب المراوغ المُرعب، بجرأته في الدخول على المدافعين، وكأن لسان حاله يقول "سأبعثرك بأي طريقة"، من النوع الذي يُحسن التصرف في المراوغة حسب الموقف، وأضف إلى ذلك، أنه يُجيد الاحتفاظ بالكرة بين قدميه، وبارع لدرجة إثارة الجماهير وتحريكهم من مقاعدهم، بلمحات إبداعية تعطي مؤشرات لموهبة واعدة تتشكل على الأراضي الألمانية، وقد يكون لها شأن آخر في عالم الساحرة المستديرة في المستقبل القريب.