اخبار العراق الان

الكوردي بين سندان العدو ومطرقة المرتزقة

الكوردي بين سندان العدو ومطرقة المرتزقة
الكوردي بين سندان العدو ومطرقة المرتزقة

2018-10-18 00:00:00 - المصدر: رووداو


من أهم "إنجازات" الثورة السورية، والتي جزافاً نطلق عليها اسم "الثورة"، هو ظهور أشخاص لم يكونوا سوى مجرد حشو في الحياة، فالثورة السورية ابتعدت "مع الأسف" عن الأخلاق الإنسانية بعد شهورها الأولى، وأصبحت شركة مقاولين ومناقصات أخلاقية أفرزت طبقة من المرتزقة والانتهازيين والمتسلقين الذين يسخّرون كل شيء في سبيل الحصول على الدولار، وحتى ذلك القلم الذي يجب أن يخبر الأجيال القادمة بحقيقة أو واقع ما جرى في سوريا، أصبح أداة رخيصة.

إن من واجب أي إنسان يدعي أنه صاحب ضمير وقلم أن يكتب للمستقبل، كي تتعلم الأجيال القادمة من أخطائنا، لكن للأسف لا رادع لهؤلاء ولا دافع لديهم للكتابة سوى المال، وثم المال.

ما أثارت حفيظتي لكتابة هذا المقال، هو قرائتي لخربشات أحدهم، والذي يدعي في مقاله تلك الكذبة الكبيرة التي منذ سبع سنوات يريدون إلصاقها بحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا، وهي تبعيته للنظام ومحاربة "الثورة" السورية التي لم تعش سوى أقل من ستة شهور، ومن ثم مُسخت إلى نادٍ للارتزاق.

بعد تحول الثورة السورية السلمية إلى صراع مسلح مع النظام على السلطة، تخلى النظام عسكرياً عن بعض المناطق، وترك أمرها إدارياً وعسكرياً لأهلها، مثل محافظة السويداء، فهذه المحافظة خلال سبع سنوات كانت تدار بحكم ذاتي، ولم يكن يتم سوق شبابهم لجيش النظام.

وكذلك أراد النظام التعامل مع المناطق الكوردية، لكن الأحزاب الكوردية لم تتفق فيما بينها، وكذلك مع النظام، لإدارة تلك المناطق، والخلاف مع النظام بالنسبة لبعض الأحزاب لم يكن مبدئياً أو على أسس أخلاقية، بل كان لاعتقاد تلك الأحزاب بالسقوط المبكر للنظام، فلجأوا إلى أحضان مدراء وداعمي الحرب السورية وأعوانهم في المنطقة، وحاولوا أن يركبوا خيول العدو لتحقيق غاياتهم، لكنهم حتى الآن لم يحصلوا حتى على عنزة ليركبوها.

حزب الاتحاد الديمقراطي الذي كان ومازال يملك قاعدة جماهيرية واسعة ضمن المجتمع الكوردي في سوريا، استطاع قراءة الواقع والمستقبل بحنكة سياسية، واستفاد من ضعف النظام من أجل السيطرة على المناطق الكوردية ومنحها حقها في الحكم الذاتي، وعمل على هذه القضية ليل نهار دون كلل أو ملل، وابتعد قدر الإمكان عن مغريات مدراء وداعمي الحرب السورية، واعتمدوا على جماهيرهم وحلفائهم الكورد.

كلنا نتذكر معارك سري كانيه التي خاضها شبابنا الكورد مدافعين لا مهاجمين ببنادق نصف آلية وبنادق صيد، لو كان حزب الاتحاد الديمقراطي يتلقى السلاح من النظام، هل كان سيحارب جحافل الإرهابيين ببنادق صيد؟!.

وكما مدراء الحرب عملوا على تقسيم عرب سوريا بين مؤيد للأسد أو مؤيد للإخوان المسلمين ومشروعهم الأجنبي، ونجحوا في ذلك، حاولوا أيضاً تقسيم كورد سوريا بين هذين المحورين، لذلك دائماً نرى ونسمع من الانتهازيين والمتسلقين على القنوات الإعلامية والصحافة الصفراء لصق صفة التبعية للنظام بحزب الاتحاد الديمقراطي.

لكن حزب الاتحاد الديمقراطي بقدر الإمكان سلك الطريق الثالث وأنشأ تحالفات محلية مع باقي المكونات التي لم تطلها يد المال السياسي، وأنشأ إدارة محلية سيرت أمور المواطنين بالإمكانيات المتوفرة، ورغم الحرب الضروس التي تعرض لها إعلامياً وأيضاً عسكرياً من قبل الجماعات المسلحة وداعش.

القوة الوحيدة في سوريا التي لم تنصع لرغبات القوى خارج سوريا أو حتى داخلها هي وحدات حماية الشعب، ولهذا السبب كانت معركة كوباني التي خاضتها وحدات حماية الشعب ضد تنظيم داعش الذي كان يمتلك الأسلحة الثقيلة والمتطورة، وبسبب المقاومة الشرسة التي أبداها المقاتلون الكورد، ضجت الكرة الأرضية بمقاومتهم وتدخلت لمساعدة هؤلاء المقاتلين في وجه الإرهاب، وحدث ما نعرفه جميعاً، وبعدها تقاطعت مصالح وحدات حماية الشعب مع المصالح الأمريكية في محاربة الإرهاب، فلو كان النظام السوري حليفاً لحزب الاتحاد الديمقراطي أو وصياً عليه كما يدعي أصحاب القلم والفكر التابع، لما حدث ما حدث في كوباني.

التدخل الأمريكي، وإن لم يكن غاية الأمريكان، جاء لمصحلة الكورد ووجودهم في سوريا، ولم يكن الكورد أدوات لهم بل كانوا أول المستفيدين، ومن لا يرى ذلك فهي لغايات في نفسه وجيبه.
 
 وحدات حماية الشعب تلقت السلاح الأمريكي واستخدمته في حربها ضد داعش، فمن يرى من الكورد أن الولايات المتحدة الأمريكية عدوة فيستطيع أن يقول أن وحدات حماية الشعب ركبت خيول العدو، ويكون هو بذلك حليفاً لداعش، لكن من لهث خلف الدعم الأمريكي طيلة سنوات لا يحق له أن يعير وحدات حماية الشعب تحالفها مع الأمريكان.

أخيراً وليس آخراً.. وحدات حماية الشعب لم تركب سوى الخيول الأصيلة التي خرجت من صلب جماهيرها، وشعبها أما الذين حاولوا ركوب خيول العدو، وهذا ما شاهدناه في عفرين، لم يحصلوا حتى على عنزة ليركبوها، وخرجوا بخفي حنين وانعدام الكرامة.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الإعلامية‬‬.