اخبار العراق الان

الطائفية تفترس العراق

الطائفية تفترس العراق
الطائفية تفترس العراق

2018-10-21 00:00:00 - المصدر: وكالة الحدث الاخبارية


  الأفعال لا الأقوال هي الأثبات الحقيقي على اي حالة ، الكلام يستطيع الجميع ان يطلقه ويتبجح كيفما يشاء ، بهذا الأمر او ذاك ، لكن التطبيق الفعلي لهذا الكلام هو المهم ومدى قدرة الشخص في أقران خطابه النظري بألية تنفيذ عملي ، وإلا فأن الموضوع لن يعدو عن كونه تنظير فارغ وأفلاطونيات تخيلية وبوهيميات لاوجود لها في الميدان  . ولعل اكثر الأشخاص حاجة لربط الأقوال بالأفعال هم الساسة ، لأنهم وجوه عامة وكل ما يقولوه محسوب عليهم ، بل إن الجمهور خصوصاً البسيط منه يعتبر كلمات السياسي في اغلب الأحيان رأس مال يستند عليه ويتعامل معه كأنه حقائق قائمة ، في حين أن أصحاب التمرس من المختصين او المطلعين او المتابعين يعلمون علم اليقين أن الجزء الأعظم من خطابات السياسي هي مجرد وعود وردية وحقن مورفين تصل حد الضحك على الذقون . في العراق انطلقت رياح الطائفية بأعلى درجاتها بعد عام ٢٠٠٣ وصَم صَريرها الأذان ، وساهم وصول ابراهيم جعفري لرئاسة الحكومة عام ٢٠٠٥ ومن بعده نوري مالكي صيف عام ٢٠٠٦ في زيادة وتأجيج فحيح الطائفية ، التي أدت إلى كوارث شملت عمليات خطف وقتل وسلب ونهب على الهوية والاسم وحرق المساجد والتهجير والأقصاء والتهميش وطوئفة الاعلام وبالذات الحكومي منه وهو الممول من أموال جميع العراقيين وتسخيره لخدمة مكون واحد فقط . مع انتهاء فترة حكم المالكي في خريف عام ٢٠١٤  بكل الانتكاسات التي صاحبتها على كافة المستويات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والعلمية ، وتحول العراق الى واحدة من أفشل دول العالم التي يمزقها الأرهاب والفساد والطائفية ، فأن الشارع استبشر خيراً بوصول حيدر العبادي لرئاسة الوزراء ومالقيه من دعم دولي واقليمي كبير وقتها ، رغم انه قادم من نفس البيئة التي أفرزت من سبقه ، لكن على طريقة الغريق يتمسك بقشة، حاول الناس إقناع انفسهم بأن هذا الرجل قادر على ان يفعل شيء ولو بالحد الأدنى ، ترافق هذا مع خطاب تميز بالأعتدال اولاً والتركيز على الوحدة الوطنية ثانياً والسعي الجاد لتصويب النهج الطائفي الذي سار عليه سلفه . لكن المشكلة لم تكن في الكلام فهو يبقى النهاية نوايا قد تكون صادقة او كاذبة ، بل المهم ان يلمس المواطن شيئاً بيده ، ان يرى بعينه ، وليس ان يسمع ويسمع ويسمع فقط . في اول اختبار حقيقي للسيد العبادي في أحداث الفتنة الطائفية التي اشعلها الرادود ثائر دراجي بهتافاته المذهبية المقيتة في منطقة الاعظمية قبل ثلاث سنوات تقريباً خلال إحدى الزيارات الدينية وادت الى إحراق دور وسيارات وتخريب وسرقة محلات فشل السيد العبادي فشلاٍ ذريعاً في معالجة الأزمة، بل إنه لم يستطع اتخاذ أي إجراء ولو بحده الأدنى ضد الشخص المتسبب في الفتنة الذي بقي حراً طليقاً يتباهى بفعلته ، وهو ماشكل استفزازاً كبيراً للمكون الذي تعرض للأساءة وربما هو أكبر من حادثة السب والشتم والتطاول على الأعراض التي قام بها هذا الشخص الطائفي ومن يرافقه من أبناء جلدته ، ووقتها قيل ان مروج الفتنة المدعو دراجي مدعوم من فصائل مسلحة يخشى رئيس الوزراء من سطوتها ولذلك فضل الصمت . ثم واصل العبادي صمته عندما كانت إحدى عضوات حزبه انذاك حنان فتلاوي تطلق تصريحها الشهير سبعة مقابل سبعة وتحرض علنياً عبر وسائل الاعلام ضد مكون أساسي من المجتمع وهو مايمنعه ليس خطاب او ادعاءات العبادي وحدها ، وانما الدستور العراقي الذي أقره وساهم في كتابته حزب الدعوة اي حزب رئيس الوزراء ، وهو يعتبر بحكم منصبه التنفيذي الاعلى في الدولة حامياً للدستور ولكن الرجل ألتزم الصمت ايضاً ولم يحاول ان يفعل شيئاً لزميلته وهو مافسره البعض بأن الصمت علامة الرضا . عدم إبداء العبادي اي ردود فعل إزاء تلك الأمور شجع البعض على التمادي في هذا المجال فظهر الخطاب الطائفي بأحقر صوره في وسائل الاعلام وفي القنوات الفضائية المحلية المملوكة للميليشيات وكان المدعو وجيه عباس الذي أصبح نائباً (على) الشعب وليس عنه فيما بعد ، مثالاً صارخاً لحجم الطائفية وتفشيها وتحولها لهواء يتنفسه البعض في وقت كان رئيس الوزراء مستمراً في خطابه حيث كان يطل على الجمهور بشكل شبه يومي وفي بعض الأحيان اكثر من مرة باليوم ليحدثهم عن نبذ الطائفية ومحاربتها والتصدي للفتنة والقضاء عليها والى آخر ( الجنجلوتية ) التي حفظها الجميع ويبدو انها كانت للأستهلاك الأعلامي فقط ، وإلا كيف نفسر الفيديو الذي انتشر منذ يومين على مواقع التواصل الأجتماعي ويظهر فيه احد الرواديد من جديد وهو ( فاقد ) للأخلاق والقيم والتربية ويؤجج مشاعر أتباعه ممن يتنطط حوله مثل القردة بكلمات لعن وسب وشتم طائفية مقيتة ومُستفزة ، ولم يجد اي رفض او انتقاد او معارضة من قبل المرجعيات الدينية بمختلف مسمياتها ولا الرموز السياسية ولا الأعلاميين ولا الأشخاص الأعتباريين وكأن الجميع موافق ولايمانع مثل هذه الأمور ! نعم لقد فشل السيد العبادي فشلاَ ذريعاً ليس في محاربة الفتنة كما ادعى ، بل في مجرد انتقادها او محاولة الوقوف بوجهها ، وظلت وعوده مجرد هواء في شبك ، لأن أي انسان منصف يستشعر وببساطة ان الطائفية متجذرة بقوة ومازالت وحشاً عاتياً يفترس كل ما أمامه ، وهو ما جعل شذاذ الأفاق من الطامحين بجاه او مال او شهرة يتاجرون بوحدة مجتمع بأكمله دون خوف أو وجل فمن امن العقاب اساء الأدب .