اخبار العراق الان

وزير النقل العراقي السابق لرووداو: بغداد تهدر مليار دولار سنوياً في قطاع النقل الجوي

وزير النقل العراقي السابق لرووداو: بغداد تهدر مليار دولار سنوياً في قطاع النقل الجوي
وزير النقل العراقي السابق لرووداو: بغداد تهدر مليار دولار سنوياً في قطاع النقل الجوي

2018-10-23 00:00:00 - المصدر: رووداو


رووداو- أربيل 

قال وزير النقل العراقي السابق، عامر عبدالجبار، عند استضافته في برنامج (رووداوی ئەمڕۆ) حدث اليوم والذي يعرض من على شاشة قناة رووداو ويقدمه هيوا جمال، بأنه عندما تولى وزارة النقل، كانت هناك 50 طائرة فقط تمر بالأجواء العراقية يومياً لكنه تمكن من رفع العدد إلى 500، لكن بعد خروجه من الوزارة وتنحية الأشخاص الخبراء في عمل الوزارة تحت غطاء حملة الإصلاح، تراجع العدد في العام الماضي إلى 37 طائرة فقط، كما يقول إن أس مشاكل أربيل وبغداد هو النفط، وستحل كل المشاكل عند حل مشكلة النفط، وفيما يلي نص المقابلة:

رووداو: أجواء العراق تشهد حركة طيران دولية، هل تتم الإفادة من هذه الحركة؟

عامر عبدالجبار: يحظى العراق بموقع ستراتيجي، فهو النقطة الأكثر ازدحاماً والأسرع والأكثر أماناً للربط بين شمال العالم وبين جنوبه، وبالعكس، بين جنوبه وشماله. كذلك هي الحال بالنسبة للربط بين الغرب والشرق. لذا فإن العراق محطة لمرور الطائرات، لكن أجواء العراق خضعت طوال الفترة 1991-2009 لحظر، وعندما توليت وزارة النقل في 22 تموز 2008، شكلت لجنة كنتُ على رأسها، واجتمعنا مع المنظمة الدولية للطيران (آيكا) والمنظمات العالمية الأخرى الخاصة بالطيران مثل (إياتا) و(إياسا)، واستطعنا حل بعض المشاكل، وفي العام 2009 رفع الحظر عن المجال الجوي العراقي باتجاه أوروبا، لكن المؤسف أنه بعد انتهاء مهامي الوزارية في العام 2015، عاد فرض الحظر على المجال الجوي العراقي. لاحظ أن سلطة الطيران العراقية التي تأسست في أربعينات القرن المنصرم، لم تسجل عليها أية مخالفات تقنية حتى العام 2010، لكن تم تسجيل 230 مخالفة عليها خلال الفترة بين العامين 2011 و2015، وقد أثبتت منظمة إياسا بالوثائق تلك المخالفات على العراق، وكان هذا سبب تجديد فرض الحظر على المجال الجوي العراقي.

رووداو: ما هي أسباب تلك المخالفات؟

عبدالجبار: كانت المخالفات كثيرة، فعند استبدال رئيس سلطة الطيران يظهر فراغ، ويجب أن يكون رئيس سلطة الطيران شخصاً ذا خبرة في مجال الطيران، وأن يجيد اللغة الانكليزية على الأقل، لأنه سيكون على اتصال دائم من خلال الهاتف والرسائل والبريد الإلكتروني مع المنظمات الدولية وسلطات الطيران الأخرى في أنحاء العالم، لذا ليس من السهل استبدال رئيس هذه السلطة بمجرد قرار.

رووداو: من هو المستفيد من استبدال هذا المدير؟

عبدالجبار: تعاملت مع المديرين حسب تخصصاتهم وخبراتهم، لكن عندما يأتي وزير يتبع جهة سياسية فإنه يباشر بتعيين الذين ينتمون إلى تلك الجهة السياسية، والجهات السياسية هي التي تحدد أولئك المديرين الذين لا يحملون شهادات، ويطلبون منهم الانضمام للدراسة في الجامعات الأهلية للحصول على شهادات، وقد تم في العام 2013 تعيين شخص بدرجة مدير عام بعد تخرجه في العام 2012.

رووداو: هل كان استبدال هذا الشخص بآخر مرتبطاً بحجم العائدات؟

عبدالجبار: نعم، وسأوضح لك ذلك، بخصوص الطائرات التي تستخدم المجال الجوي العراقي، عندما تسلمنا الوزارة في العام 2008، كان عدد تلك الطائرات خمسين طائرة، والتعرفة الجمركية لكل طائرة كانت 50 دولاراً، تساءلت لماذا خمسون دولاراً؟

رووداو: خمسون دولاراً في اليوم؟

عبدالجبار: نعم، خمسون دولاراً في اليوم، وكانت هناك خمسون طائرة في اليوم تدفع كل واحدة خمسين دولاراً، وعندما اطلعت على التعرفات الجمركية للدول المجاورة وجدت أن التعرفة في بعضها تصل إلى 375 دولاراً، وعلمت أن سعر خمسين دولاراً وضع في عهد النظام السابق ولم يطرأ عليه تغيير. بعدما رفعنا التعرفة إلى 375 دولاراً، بدأنا نفكر في طريقة لزيادة عدد الطائرات التي تستخدم أجواء العراق، فبدأنا بتقديم عروض خاصة لشركات الطيران من جميع أنحاء العالم، وعرضنا من خلالها الفوائد التي يدرها استخدام الأجواء العراقية في مسارات رحلاتها، وكانوا يطلبون ضمانات، وكنت أحدد النقطة التي يدخلون من خلالها إلى الأجواء العراقية والنقطة التي يغادرون فيها الأجواء العراقية، كما قدمنا لهم ضمانات بأن تكون المسافة بين الطائرات عند طيرانها في الأجواء العراقية ألف قدم من اليمين ومن الشمال، في حين أن هذه المسافة في الأجواء الأوروبية هي 200 قدم فقط، وعندما اطمأنوا إلى أن الذهاب والإياب عبر الأجواء العراقية لا مشلكة فيهما ولا خطر، ارتفع عدد الشركات التي تستخدم المجال الجوي العراقي، وبلغ عدد الطائرات التي تستخدم المجال الجوي العراقي يومياً 500 طائرة في العام 2010، ولو ضربنا 500 طائرة في 375 دولاراً يكون الناتج 68 مليون دولار سنوياً كعائدات للمجال الجوي.

رووداو: إلى أين كانت تذهب هذه الأموال؟

عبدالجبار: كانت هذه الأموال تصب في خزينة الدولة، وحسب الخطة التي كنا نعدها سنوياً، كان مقرراً أن يتجاوز عدد الطائرات التي تستخدم المجال الجوي العراقي 4000 طائرة في العام 2016. هنا ظهرت المشكلة، عندما استبدل رئيس هيئة الطيران المدني وخرجتُ من الوزارة، تراجع عدد الطائرات التي تستخدم المجال الجوي العراق إلى 70 طائرة ثم تراجع في العام الماضي إلى 37 طائرة فقط. بقيت التعرفة الجمركية الجوية حتى بداية العام 2018 على حالها، أي 375 دولاراً، بينما ارتفعت في دول الجوار إلى 900 دولار، ولو أن العمل بخطتنا استمر ووصل عدد الطائرات في العام 2016 إلى 4000 طائرة وبتعرفة 900 دولار لكل طائرة، كان العائد السنوي للمجال الجوي سيرتفع إلى مليار و314 مليون دولار.

رووداو: يقال إن حكومة العبادي كانت أحسن من حكومة المالكي، لكن الذي تقولونه يظهر أنها أسوأ منها؟

عبدالجبار: أنا أتعامل معك بلغة الأرقام، وأتحدث عن العامين 2016 و2017، لأن المسألة متعلقة برئيس هيئة الطيران المدني ومدير الخطوط الجوية، لاحظ أنه حتى في حال عدم نجاح خطتنا، أن يبلغ عدد الطائرات 4000 طائرة في العام 2016، ونجح 75% منها، فهذا يعني أن العدد كان سيبلغ 3000 طائرة في اليوم، ولو ضربنا الرقم 3000 في 900 دولار، فكان العائد سيبلغ 985 مليون دولار أي حوالى مليار دولار سنوياً، وقد خسرنا هذا المبلغ الضخم بسبب غياب الأشخاص الكفوئين وذوي الخبرة. عندما يتعين وزير لا علم له بمجال الطيران، وتحصل بينه وبين خبير مراقبة المجال الجوي العالم بالمجال مشادة كلامية ثم ينقله إلى مديرية السكك الحديدية، ويأتي بشخص لا خبرة له ويعينه في مكانه، سيؤدي ذلك إلى الفشل. في مرة من المرات، دعوت الوزارة من خلال ندوة إلى إعادة شخص إلى موقعه، هل تعلم أنهم عندما فعلوا ذلك ارتفع عدد الطائرات إلى 500 طائرة. فكيف إذا أعادوا رئيس سلطة الطيران المدني إلى منصبه، وهل تعرف من الذي أقصى رئيس سلطة الطيران المدني، إنه العبادي بذريعة الإصلاح، وبعده تم إقصاء المستشارين ووكيلي الوزارة، وتم إبعاد 123 شخصاً من وزارة النقل بدون تعيين بدلاء لهم. جاؤوا بأشخاص لا خبرة لهم فتراجعت العائدات. الوزير الذي يتولى الوزارة حالياً، ليس له وكيل ولا مستشارين ولا مدير سلطة طيران مدني، وإذا أجرينا مقارنة بين حكومتي العبادي والمالكي، نجد أنه كانت هناك موازنة إستثمارية في زمن حكومة المالكي، وكانت تأتي عن طريق المناقصات والعقود، لكن في زمن حكومة العبادي وبسبب تراجع أسعار النفط، أصبحت الميزانية كلها تشغيلية، وغابت المناقصات واستشرى الفساد ليصل إلى البنى التحتية. أي أن حجم الفساد في حكومة المالكي ربما كان أكبر مما في عهد العبادي لكن الفساد في عهد العبادي أخطر من الفساد في أيام المالكي.

رووداو: ما هو الفساد في مجال النفط في العراق؟ خاصة في شركة سومو، كيف يجري هذا؟

عبدالجبار: بخصوص سومو، سألت أحد مستشاري رئيس الوزراء يوماً، ماذا تعرفون عن شركة سومو؟ تبين لي أنهم لا يعرفون عنها شيئاً، ولا يعرفون شيئاً عن سياسة شركة سومو، ولا كيف تحدد الأسعار من قبل هذه الشركة، ولا كيف يُقاس حجم النفط الذي يحمل في ناقلات النفط، ولا كيف يتم التقييس والسيطرة النوعية، ولا متى يكون هناك خصم في الأسعار أو لا يكون، ولا عن آلية التصدير. عملت في قطاع النفط فترة طويلة، من درجة معاون مهندس حتى وصلت إلى درجة خبير، وكنت مديراً عاماً، وعملت في واحدة من شركات أوبيك، وزرت أكثر من مائة منصة لتصدير النفط، وعندما أخبرك بهذه الأمور فإنني أتحدث من منطلق خبرتي في هذا المجال، ولهذا أقول إن المستشارين لا يملكون أي معلومات عنها، ولدي معلومات لا أريد الحديث عنها وتوضيحها، لأنني عندما تحدثت عن الفساد في قطاع النقل الجوي وأثبت بالأرقام أن مليار دولار يهدر سنوياً في هذا القطاع، ماذا حدث: تم حل هيئة مراقبة الرحلات الجوية وحولت إلى شركة وبدأ كل حزب يؤسس شركة للاستفادة منها والاستثمار في المجال الجوي بعد أن نبهتهم إلى أن هناك أموالاً في السماء لا يعلم بها أحد. لهذا لا أريد البوح بمعلومات عن آلية تصدير النفط خشية لفت انتباههم إليها وتمهيد السبيل أمامهم لاستثمارات جديدة لم ينتبهوا إليها.

رووداو: تطالب بغداد حكومة إقليم كوردستان وباستمرار بتسليم نفطها إلى سومو، وإذا كانوا هم أيضاً لا يعرفون شيئاً عن سومو، على ماذا يؤسسون مطالبتهم هذه؟

عبدالجبار: ليست لدى حكومة بغداد أي معلومات عن تصدير نفط إقليم كوردستان، لكن سومو لديها المعلومات، ولا يعرف رئيس الوزراء ولا مستشاروه شيئاً عن أعمال سومو، لكن سومو لديها تجارب وخبرات كبيرة ويعمل فيها أشخاص ذوو كفاءة.

رووداو: ما الذي دفع سومو إلى منع رئيس الوزراء ومستشاريه من الإطلاع على المعلومات؟

عبدالجبار: يقوم القياديون منذ العام 2003 إلى اليوم، سواء أكانوا رؤساء وزارة أو جمهورية أو برلمان، بتعيين مستشارين لهم، فقط لينفعوا أولئك المستشارين من الناحية المالية ومن ناحية الامتيازات والدرجات الوظيفية، وليس لكي ينتفعوا هم بمشورتهم. عندما كان الدكتور عادل عبدالمهدي وزيراً للنفط، استقال من منصبه، لكن من الذي حل محله؟ تولى الدكتور العبادي وزارة النفط وكالة. فوجهت إليه رسالة كتبت فيها أن ثم خطأ في سومو وعليك أن توجههم بهذه الطريقة لكي ترتفع أسعار النفط، وأن الأمر لا علاقة له بشبكة أوبيك، وبينت له الأسباب. قام السيد العبادي بإصدار التوجيهات إلى سومو، وخلال فترة قصيرة ارتفع سعر النفط ثلاثين سنتاً. بعدها بعثت إليه برسالة ثانية وكتبت له فيها أن زيادة ثلاثين سنتاً للبرميل يعني دخلاً سنوياً يساوي 383 مليون دولار. كتب لي رسالة جوابية شكرني فيها وقال إنهم استفادوا من تلك التوجيهات. لماذا يجب أن نتبادل المعلومات عن طريق الرسائل النصية، يجب أن تأتيني هذه المعلومات من مستشاريه لكي ينتفع البلد.

رووداو: بحسب خبرتكم في مجال النفط، وكيفية تحسين العلاقات بين أربيل وبغداد في مجال النفط، كيف يمكن الاتفاق بشأن النفط، وما هي الخطوات اللازمة؟

عبدالجبار: في جلسة حوارية خاصة للدكتور برهم صالح، في مكتب الدكتور إبراهيم بحر العلوم، كنا نناقش العلاقات بين أربيل وبغداد، ونتحدث عن كيفية تحسين تلك العلاقات. كانت الجلسة كلها عبارة عن سجالات، البغداديون كانوا يدافعون عن بغداد، والدكتور برهم يدافع عن إقليم كوردستان. كان الدكتور إبراهيم بحر العلوم هو منظم الجلسة، وقال سنفسح المجال لعامر عبدالجبار بالحديث في الأخير. فقلت للدكتور برهم، أنا عندي حل لتحسين العلاقات المعقدة بين أربيل وبغداد، لكنني أريد أن تشهد على حدث وقع في الفترة الأولى من حكومة المالكي، عندما كنا معاً في مجلس الوزراء، فتساءل: خيراً ماذا جرى؟ قلت: عندما بدأت أزمة انخفاض أسعار النفط تظهر، قال وزير المالية إنه إذا استمر تراجع أسعار النفط بهذه الصورة، ولم نستطع زيادة إنتاج النفط، فلن نستطيع دفع رواتب الموظفين حتى نهاية السنة. عندها سأل المالكي: من يستطيع حل هذه المشكلة؟ فرد الدكتور برهم أن عامر عبدالجبار يستطيع حلها. جرى هذا الحديث بحضور أكثر من مئة سياسي. فأعددت تقريراً مستفيضاً بكل إخفاقات وزارة النفط وأكدت على طرق حلها. عندما قدمت التقرير، قال الدكتور برهم لماذا لم تضع توقيعك عليه؟ قلت إن توقيعي غير مرغوب فيه، لأنكم رجال أحزاب وأنا وزير مستقل لا أنتمي إلى حزب. ضع عليه توقيعك ليكون موقفك وقوتك أكبر. وقع الدكتور برهم على التقرير وقدمه إلى رئيس الوزراء، الذي شكل بدوره لجنة من الخبراء لمتابعته، وبعد التحقيقات تبين لهم أن كل معلوماتي صحيحة، ثم قرروا رفع الإنتاج من 1.85 مليون برميل إلى أكثر من مليوني برميل، وفي تلك الجلسة اقترحت لحل مشاكل أربيل وبغداد، تشكيل فريق برئاسة الدكتور إبراهيم بحر العلوم وأن نعمل نحن ضمن الفريق، لأن بحر العلوم وزير للنفط وخبير في مجال النفط ويحمل دكتوراه في مجال النفط، والأهم من هذا أنه شخص مرغوب فيه عند الكورد والعرب. المشاكل بين أربيل وبغداد كثيرة، ولكن النفط يمثل أس تلك المشاكل، ونحن نعمل بصورة خاصة لحل مشكلة النفط بين أربيل وبغداد، وإذا استطعنا حل هذه المشكلة، فإن أغلب المشاكل سيتلاشى وينتهي. قال الدكتور برهم إن الدكتور عامر عبدالجبار شخص ذو خبرة وعملنا معاً في مجلس الوزراء وأثق فيه، ودعانا مع إبراهيم بحر العلوم لزيارة كوردستان، فزرت الدكتور حسين الشهرستاني وطرحت عليه الفكرة، وطلبت منه الضوء الأخضر والدعم، لكنه قال إن هذه رغبتك وبإمكانك كمواطن أن تزور إقليم كوردستان. عندها قلت له: أنا وزير كيف لي أن أزورهم بصفة مواطن. يجب القبول بمقترحي كي نحل المشاكل، لكنه قال بفتور: سنتصل بك إن شاء الله، أي أنه لم يشجعني على ذلك العمل ثم أغلق الموضوع. لذا أعتقد أن الدكتور عادل عبدالمهدي أكثر اعتدالاً ومرونة لحل المشاكل ويمكن تشكيل نفس الفريق الذي أشرنا إليه برئاسة إبراهيم بحر العلوم للعمل على نفس المقترح وحل مشكلة النفط باتفاق الطرفين.