المواطن الجمالي
مقالات الكتاب , 2018/10/26 20:52 , عدد القراءات: 6
بغداد- العراق اليوم:
اكثر المواقف التي يتعرض لها العراقي إحراجا، حين يلتقي أجنبيا يتحدث له عن العراق ، تناقض عجيب ، اذا انتقد الأجنبي شيئا اساسا أنت تنتقده ، تاخذك الغيرة وتتذمر مما يقول .
اذا مدح الأجنبي وضعا انت اساسا تعترض عليه ، تتضايق، وتتهمه بالتدخل فيما لايعنيه وانه يهرف بمالايعرف، وان هؤلاء الغرباء لم يعرفوا عن قرب معاناة العراقي من حكومته، وبالتالي يذبحوننا مرتين ! .
لايعرف العراقي بالضبط كيف يتحدث مع الاجانب اليوم عن بلاده وكيف يجيب عن اسئلتهم.
يوم الخميس الماضي كنت استقل تاكسي من منطقة بعيدة خارج لندن عائدا اليها ، كان السائق هنديا ، سالني السؤال المعتاد هنا ،
من اين انت؟
قلت : عراقي ،
قال : اووو .. رحب كثيرا وأضاف .. كيف احوال العراق؟
قلت : جيدة ،
قال: كيف جيدة ؟ ارهاب وقتل وحرب..
أخذتني الغيرة ما ادري عليمن
قلت: طبيعي العالم اليوم كله مهدد بالارهاب ، فرنسا المانيا امريكا دول محصنة ومع ذلك يصلها الارهاب
قال : يصلها من المسلمين ،هل أنتم تعانون من المسلمين ايضا ؟! فاخذتني الغيرة على الاسلام ،
قلت : الاسلام بريء من الارهابيين ، هؤلاء مجرمون يرتكبون جرائم تحت غطاء الدين .
قال : لكن هناك عراقيون يصفقون لهم .. اخذتني الغيرة على العراقيين ..
قلت : هؤلاء اما خائفون او اطفال يحتفلون دون وعي ، قال : صحيح الاخبار ان الحكومة عدكم فاسدة وتسرق الشعب ؟،اخذتني الغيرة على الحكومة ،
قلت : الفساد ظاهرة موجوده في كل العالم ،و الحكومة بكامل أعضائها لاتسرق الشعب كما تسمع ياصديقي ، هنالك مسؤولون فاسدون لا احد يعرف اين يذهبون بالاموال .
قال : هل هؤلاء من احزاب دينية ؟ اخذتني الغيرة على الاحزاب الدينية !
قلت : كل انسان مسؤول عن سلوكه ؟
قال كيف مسؤول وهناك قضاء ؟
قلت : القضاء يقوم بواجبه كما يرام ،
قال كيف؟
قلت : اخي ممكن نغير الموضوع ،
فقال ، نحن نحب العراق .
قلت نحن نحب الافلام الهندية،
قال هل عندكم افلام عراقية ،
قلت كان عندنا سينما قبل سبعين سنة ،
قال : والان اكيد تطورت ،
قلت : لاتوجد. !!
وفعلا اقفلت الحديث ، اقفلته، وتأملت كيف ان العراقي اليوم تحول في الخارج ، الى (مواطن جمالي) يرى بلاده كما يتمناها لا كما يراها فعلا ، يحاول قدر الامكان ان يقدم صورة طيبة عن وطنه وشعبه لايعرف قيمتها المسؤولون في الداخل ، اليوم العراق بلا اعلام خارجي وبلا تسويق سياسي أودعائي وبلا دفاع عن التشويه الذي يطاله ، واهم من ذلك كثيرا بلا مسؤولية عن تقديم صورة من داخله الى العالم بأنه بلد السياسة والثقافة والعلم والمدنية والحضارة والقوة . وليس بلد الفوضى والدم والسلاح السائب والارهاب والفساد، العراق اليوم في الخارج مشهد صاخب متداخلٌ حقه بباطلِه ، ولااحد يدافع عنه سوى المواطن الجمالي الذي يلعن الساعة السودة التي ولدته امه فيه ، لكنه يشتم أي شخص اجنبي ينتقده !