محللون امريكيون يسلطون الضوء الى الحكومتين الجديدتين في بغداد واربيل
سلط محللون امريكيون الضوء على أداء عمل الحكومتين الجديدتين في بغداد وأربيل، بعد إعلان نتائج الانتخابات التي جرت خلال الفترة الماضية.
ونقل موقع "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" عن عدد من المحللين قولهم في تقرير نشر الأسبوع الماضي، إن "الولايات المتحدة يجدر بها أن تكون متفائلة بالحكومة العراقية الجديدة التي انبثقت عن انتخابات أيار الماضي، لأنها تحاول رسم سياسة جديدة لتغيير رؤية البلاد في الاتجاه الصحيح، وذلك بعد معاناة العراق من المشاكل والأزمات لفترة طويلة بسبب الاختلاف بين رغبات الشعب والقيادة".
وأوضح مايكل نايتس، وهو زميل أقدم في "معهد واشنطن" أن "كركوك تعتبر نقطة أساسية في اتفاقية إيرادات النفط بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان، والولايات المتحدة تقوم بدور أساسي في إدخالها في هذه العملية، حيث من المتوقع أن يشهد العام المقبل مواصلة سير حكومتي بغداد وإقليم كردستان، في مخطط تعاوني لتصدير النفط".
وأضاف أنه من المحتمل أن "يستمر الكرد في تسويق نفطهم الخام بأنفسهم وتصدير خام كركوك التابع لحكومة بغداد، بينما تعمل الحكومة المركزية على تمويل ميزانية الإقليم، مبينا أن هذه الاستراتيجية ستتيح استمرار الكرد بدفع الرواتب وتقديم الخدمات الاجتماعية وتسديد تكاليف النفط، بالإضافة إلى الاستمرار في خدمة ديونهم عند مستوى 200 مليون دولار شهريا".
أمنيا بين نايتس، ان قوات الأمن العراقية تحتاج إلى تجنيد المزيد من العناصر، وخاصة من السكان المحليين من أجل الاستمرار بهزيمة جيوب تنظيم داعش، مؤكدا وجود حاجة ملحة لإنشاء جيل جديد من القوات المشتركة من المركز والإقليم تعمل تحت السيطرة الفدرالية ويتم تمويلهما عن طريق بغداد، ولكن تتألفان من السكان المحليين الكرد وغير الكرد.
وتابع أنه "يجب على الولايات المتحدة أن تشير بوضوح إلى ما هي مستعدة أم غير مستعدة لتقديمه لقوات الحشد الشعبي من حيث التدريب والدعم، ومن خلال قيامها بتقديم الدعم للقوات العراقية، سوف تتمكن من هزيمة طهران في كل مرة، لأن العراقيين يقدرون التعاون الأمني مع الولايات المتحدة أكثر من الدعم الإيراني"، حسب تعبيره.
من جانبه أفاد الباحث المقيم في معهد "أمريكان إنتربرايز" كينيث بولاك، أن "الوضع لا يخلو من تعقيدات، إذ يجب على الحكومة الجديدة التعامل مع ثلاثة مجتمعات مختلفة تضررت بشدة من قضايا فريدة من نوعها، فالكرد غاضبون من فقدانهم السيطرة على كركوك، ومن وضعهم كمواطنين من الدرجة الثانية، ومن حالة نفطهم وقواتهم الأمنية".
وأضاف ان "السنة هم بأمس الحاجة إلى إعادة الإعمار بعد الحرب على تنظيم داعش، ويشعرون بالقلق من معاودة ظهور هذه الجماعة الجهادية، وسئموا من استبعادهم عن مناصب السلطة السياسية الأكبر في بغداد، فيما يشعر الشيعة بالغضب من عجز الحكومة عن توفير الخدمات الأساسية وتقديم إطار عمل اقتصادي لإحياء البلاد بأسرها".
وأشار بولاك، إلى ان " رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، سيترأس حكومة وحدة وطنية أخرى، ورغم محاولته تخطي سياسة المحسوبية التي تقوم عليها مثل هذه الحكومات عند اختيار وزرائه، إلا أنه لم يتمكن من التغلب عليها بالكامل، لأن أعمال الشغب التي نشبت في جنوب البلاد تشير إلى الواقع التالي( ان فشله في تقديم النتائج المتوقعة في المستقبل القريب، سيؤدي إلى فقدان العراقيين الثقة في النظام نفسه)".
فيما أشارت المستشارة البارزة في "المعهد الأوروبي للسلام"، نسيبة يونس، إلى ان إيران والولايات المتحدة بذلتا جهودا كثيرة في التسابق من أجل التأثير في العراق خلال عملية تشكيل الحكومة، وجاءت تفسيرات النتائج مختلطة، فالنتائج الإيجابية المختلفة دفعت البعض إلى اعتبار الحكومة الجديدة نجاحا للولايات المتحدة، ولكن هذا ليس هو الحال.
وبينت انه "على سبيل المثال رئيس الجمهورية الحالي برهم صالح، توسطت إيران، وليس الولايات المتحدة، لعودته إلى الاتحاد الوطني الكردستاني وأسكتت المعارضة داخل الحزب، وكان قد خرج من الانتخابات البرلمانية في مايو في حالة ضعيفة"، مشيرة إلى انه يتعين على الولايات المتحدة مواصلة العمل معه.
وتابعت بالقول إن "الولايات المتحدة تعاملت مع عادل عبد المهدي على نحو مكثف حين كان وزيرا للنفط في العراق، ولكنها دعمت رئيس الحكومة آنذاك حيدر العبادي خلال الانتخابات، متغاضية عن كافة التحليلات المنطقية للوضع، ومن خلال سوء قراءتها للمشهد السياسي خسرت واشنطن فرصة التأثير على مرشح لديه بعض الشعور بالولاء".
وخلص الباحث الزميل في معهد واشنطن، بلال وهاب، إلى القول إنه "بعد مرور المرحلة الأولى من تشكيل الحكومة، حقق العراق عدة مكاسب ملحوظة، فقد جرت عملية انتقال السلطة بسلمية تامة، وأصبح نظام الحكومة في العراق أكثر استجابة لمطالب الشعب، ومنحت إيران والولايات المتحدة موافقتهما الضمنية على الحكومة الجديدة، بينما شهدت بغداد مشاركة أكبر من قبل السنة والكرد".
وأشار إلى ان الانتخابات الكردية التي جرت في نهاية أيلول الماضي، كانت سلمية أيضا، على الرغم من نسبة الإقبال المتدنية، وخسرت أحزاب المعارضة الكردية البعض من مقاعدها، بينما عاد الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني إلى الهيمنة على السلطة رغم العقبات الرئيسية مثل سوء إدارة الاقتصاد واستفتاء الاستقلال الذي أُجري العام الماضي.
وختم وهاب قائلا إنه "يتعين الآن على حكومة الإقليم التعامل مع مصدر ضغط آخر من إيران وتركيا، حيث ازدادت عدائية طهران تجاه جماعات المعارضة الكردية الإيرانية التي التمست ملاذا آمنا لها في شمال العراق، وبالمثل، يتزايد الوجود العسكري التركي داخل إقليم كردستان، مما قد يؤدي إلى حدوث تصعيد ضد قوات حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل.