اخبار العراق الان

هشام الهاشمي يكتب عن مصير المناطق المتنازع عليها في حكومة عبد المهدي

هشام الهاشمي يكتب عن مصير المناطق المتنازع عليها في حكومة عبد المهدي
هشام الهاشمي

قام عدد من القيادات السياسية الكردستانية بتضمين المناطق المتنازع عليها في التفاهمات الحكومية مع بغداد، مما ينمي فرص البحث عن تسويه سلمية تفاوضيه للنزاع حول هذه المناطق، وقد نُسب للحكومة الجديدة تشجيعها على تصدير نفط كوكوك عبر انابيب تمر بأرض كردستان.

وقد أثارت هذه الخطوة قيادات المكونات التركمانية والعربية والمسيحية، التي اعتبرتها محاولة لعودة الإدارة الكردية الاحادية للمناطق المتنازع عليها التي غادرتها منذ اكثر من سنة.

ولا تعود أزمة الثقة القائمة بين بغداد وكردستان فقط إلى عوامل قومية ودينية وسياسية، فهناك أيضاً عوامل اقتصادية تتمثل في وجود قوى إقليمية ودولية، لها أطماع ومصالح نفطية واستراتيجية في جنوب إقليم كردستان حيث المناطق المتنازع عليها، وتعمل على إثارة المشكلات بين اربيل وبغداد لتتمكن من السيطرة على قرار تلك المناطق متعددة الثقافات والاستحواذ على ثرواتها من النفط وأسواقها ومنافذها والأراضي الزراعية الخصبة وغيرها، وهي على استعداد للذهاب بعيداً في الإبقاء على الخلافات بين بغداد وأربيل.

ومن هنا عاد المراقبون لرفع نسبة الخشية من أن تصبح مشكلة المناطق المتنازع عليها كمشكلة كشمير التي مازالت عالقة بين الهند وباكستان منذ عقود.

وأن مستقبل العلاقات بين بغداد وكردستان، سيتوقف إلى حد كبير على كيفية تعامل حكومة ا.عبد المهدي مع المشكلات العالقة، ومدى قدرتها على إيجاد إطار قانوني ودستوري لتسويتها، واستناداً إلى ذلك يبرز ثلاثة سيناريوهات رئيسية:.

1-أن يتمسك كل طرف بمواقفه من القضايا موضع الخلاف، ولاسيما ما يتعلق بمشكلة الإحصاء السكاني والنفط والقوات المسلحة والإدارات المحلية والكهرباء والمياه والنسبة المالية من الموازنة الاتحادية، فيتطور الخلاف إلى نزاع يبدأ بالتصعيد السياسي والإعلامي ثم العزلة البرلمانية والحكومية، وقد ينتهي بتجدد صراع مسلح محدود ومسيطر عليه، وتدخل المناطق المتنازع عليه في حلقة مفرغة من الكراهية والخطر من جديد.

وأعتقد أن الرئيس برهم صالح والسيد البارزاني سيتجنبان قدر الإمكان دفع بغداد نحو هذا السيناريو على ضوء دروس العام الماضي القاسية وأثمانها الباهظة، مما يشكل كابحاً لهذا السيناريو الكارثي.

2-أن يعلن الطرفان تمسكهما بمناقشة اعادة تفعيل المادة 140 من دون سعي جاد إلى تغيير الدستور، وإبقاء الإدارة المشتركة بحسب ما يصدر من نتائج انتخابات مجالس المحافظات القادمة والتي من شأنها تطبيع تقاسم السلطة والثروات في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وكردستان من جديد، ولحين التوصل إلى اتفاق مشترك بشأن المنطقة المتنازع عليها، وأعتقد أن هذا السيناريو وراد في تفاهمات كردستان وبغداد التي تمت خلال مرحلة التأسيس للكتلة الأكبر قبل التوافق على عبد المهدي.

3-أن تنجح توصيات بعثة الأمم المتحدة في إيجاد صيغة وسط تلقى قبول الجانبين، وتمكّن الهويات المتعددة من التعايش في سلام في المناطق المتنازع عليها. ويمكن في هذا السياق التفكير في جعل منطقة جنوب إقليم كردستان وهي عبارة 28 وحدة ادارية، إقليم جديد ويعطى صلاحياته اللامركزية وحق الاختيار الديمقراطي ويتم استثمار ثرواته بشكل مشترك وحسب الدستور العراقي. وهو أمر مرجح الحدوث؛ نظراً لوصول بغداد وكردستان إلى مرحلة بالغة من عقم الأفكار والأبواب المؤصدة.

بقيت نقطة أخيرة، وهي أن لإيران وتركيا، بصفة خاصة، مصالح مذهبية وقومية واستراتيجية واقتصادية ومائية وأمنية في هذه المنطقة، وعليها لابد لحكومة ا.عبد المهدي القيام بجهد جاد لحث الجانبين على حل المشكلات العالقة بينهما وبين العراق عبر بغداد، وخلق فرص أفضل لتطوير العلاقات العراقية-الإيرانية-التركية مستقبلاً، ولإيقاف محاولات المنظمات الإرهابية المناوئة للقانون، من جعل المناطق المتنازع عليها أحد مصادر التهديد وعدم الاستقرار للعراق والمنطقة.

هشام الهاشمي/ باحث ومحلل سياسي عراقي