اخبار العراق الان

القضايا الداخلية مطية الموقف الخارجي

القضايا الداخلية مطية الموقف الخارجي
القضايا الداخلية مطية الموقف الخارجي

2018-11-15 00:00:00 - المصدر: رووداو


كان أنصار الحزب الشيوعي السوري الرسمي وبعض الفصائل السورية والعربية اليسارية الممانعة التي تتخذ من دمشق مقراً لهم تردد "لو اقتصرت نظرتنا إلى الوضع الداخلي لكناّ في طليعة المعارضين للنظام"، وذلك في إشارة إلى مواقف النظام الخارجية في القضايا "الإستراتيجية" كالموقف من الإمبريالية والصهيونية و....الخ.

لكن لم تكن تلك المقولة إلا تهرباً من استحقاق الدفاع عن قضايا الحريات العامة والديمقراطية، أو أنها ساهمت في المحصلة إلى تشديد قبضة الجهاز الأمني وترسيخ منظومة الأستبداد لعقود من الزمن تم اجّترار هذه المقولة والاستفاضة في الحديث عن الكفاح ضد الإمبريالية والصهوينية ومركزية القضية الفلسطينية على حساب تغييب القضايا الداخلية، بل المساهمة في بعض السياقات لتبرير الإجرام الذي قامت به الأجهزة الامنية بحق المعارضيين والناشطيين المدنيين، وما يحصل في سوريا الأن غير نتيجة طبيعية لتغيب القضايا الداخلية التي تعفنت ولم تلاقي فرصتها من البحث والتقصي والانفتاح لتجد المعالجة والحل المناسب.

الإدارة الذاتية الديمقراطية أو إدارة روجآفا والتي أعلنت في أقصى شمال شرقي سوريا عام 2012 بعد سنة من إندلاع الإحتجاجات  في آذار 2011, والتي أثارت العديد من التساؤلات والتكهنات، والتي تديرها مجموعة أحزاب كردية تم تأطيرها لاحقاً  باسم مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) والتي يقودها بشكل فعلي حزب الإتحاد الديمقراطيPYD  المتهم تركياً بأنه الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني PKK ، وقد تم تغيير التسمية في سبتمبر 2018 في المؤتمر الثالث لــ (مسد) إلى  الإدارة الذاتية المشتركة في شمال وشرق البلاد بعد توسيع الجغرافيا السورية المحررة من داعش على يد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الجناح العسكري لمجلس سوريا الديمقراطية (مسد).

لا يمكن ان يطلب من الإدارة الذاتية الوليدة في شمال شرقي سوريا ان تنفتح على القضايا الداخلية في اتون الحرب على الإرهاب  وهي الأولوية القصوى بالنسبة للتحالف الدولي ولا يمكن كذلك ان يطلب منها ان تنفرد في علاقاتها وتستقل بها وان تنكر الدعم الكبير من الأطراف الكردستانية وفي مقدمتها حزب العمال الكردستاني، وكذلك لا يمكن لها ان تصرّح جهارا نهارا انها قومية كردية في جغرافيا سورية تشهد المناطق الكردية تضيقاً كبيراً في بعضها وتقطعاً محدداً في مناطق أخرى.

يعد الفصيل العسكري (قسد) شريك حيوي وفعال للتحالف الدولي في محاربة الإرهاب، وتعد هذه القضية داخلية وخارجية معاً لكنه في تفصيل محدد يعد عامل استقواء ضد الخصوم السياسين، أو هذا ما توحي به سلوك الإدارة وتصريحات مسؤوليها تجاه هؤلاء الخصوم، وهو إذ يحمي الكيان الناشئ بوصفه حلماً كردياً (العامل الخارجي) من التدخل التركي فهو يضعف الحيز العام "الهامش الديمقراطي"من جانب أخر في هذه المفاضلة تعد إتهامات بعض الأطراف المتخاصمة خارج المألوف في انزياحات خطيرة لتوصيف الاتهام" اردوغاني/اخواني - كوري شمالي).

تستطيع تلك الإدارة في تعاطيها مع قضية الإرهاب بوصفها قضية خارجية الإفراج عن العشرات من منتمي داعش او تسليم بعضهم لذويهم او دولهم في سياق توسيع هوامش التسامح والحد من خطاب الكراهية وشرعنة الإدارة الناشئة دولياً وهو أمرٌ مبرر ومفهوم وتحسب للإدارة، لكن من غير المفهوم ان تتكتم عن مصير مسؤول سياسي كردي كبير (بهذاد دورسن) في حزب كردي كان حتى الأمس القريب شريكاً في المشروع السياسي، واختفى بهذاد دورسن في اكتوبر 2012  في المناطق التي تسيطر عليها قوات الإدارة، وترفض حتى هذه اللحظة الإفصاح عن أية معلومات حوله في ظل اتهامات من ذويي السياسي الكردي حول ضلوع أجهزة الإدارة في اختفائه كما أن الإدارة ترفض الإفراج أو محاكمة بل وحتى السماح لعائلة ناشط كردي بزيارته منذ اعتقاله في اذار 2017  (فؤاد إبراهيم)، وهما من خصوم الإدارة السياسين، كما أن بعض الفصائل أو الأجنحة المنضوية تحت إطار حركة المجتمع الديمقراطي التي تقودها  PYD كحركة الشبيبة الثورية, تعتدي في بعض الأحيان على عناصر بعض الأحزاب الأخرى وتتلف وتحرق مكاتب هذه الأحزاب في إشارة خطيرة لغياب ضبط  الحركة لفصائلها.

على خلفية محاربة الإرهاب لا تقدم الإدارة التي بلغت عمرها ستة سنوات أية ميزانية ولا أية شفافية في مداخيلها ونفقاتها، ولا يمكن لأية جهة سياسية مطالبة الإدارة بهذا الأمر، تعتبر هذه القضية من القضايا التي تمس طبيعة العلاقة مع دمشق وحزب العمال الكردستاني والتحالف الدولي وهي في مجملها قضايا خارجية محصورة في حلقات ضيقة في الإدارة لكنها تتطرق في جانب أخر إلى حجم الفساد في مفاصل هذه الإدارة والتي تهيمن عليها بعض العوائل المتنفذة  من مؤسسة عوائل الشهداء او عوائل بعض الكوادر المتنفذة في حزب العمال الكردستاني, وهي الشرعية الثورية نفسها للأحزاب اليسارية.

الفساد قضية داخلية يمكن ضبطها ولجمها بقوانين وأليات محددة، لكنها تصبح خارج السيطرة  بتحويلها وربطها بقضية خارجية لها علاقة بالتمويل والحرب على الإرهاب وطبيعة العلاقة بين الإدارة/PKK  والنظام السوري، والصراع مع تركيا الخاسر الأكبر في هذه المعادلة المواطن الذي يخضع لقوانين الإدارة.

ويحكم الانفتاح على القضايا الخارجية بنية التنظيم الداخلي وانفتاحه على المجتمع خارج هيكليته التنظيمية فحزب العمال الكردستاني حزب خارجي بالنسبة للمواطنيين السوريين، لكنه داخلي في الوقت نفسه كونه يعبر عن المشاعرالقومية لكتلة كبيرة من الكرد في الدول الأربعة ولا يمكن الحديث عن أية شفافية في الاتحاد الديمقراطي PYD بمعزل الحديث عن PKK وهو أمرٌ شديد التعقيد  في علاقته مع اجنحته الأربعة في كردستان العراق- ايران- تركيا- سوريا.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الإعلامية‬‬‬.