اخبار العراق الان

آن الأوان لتنفيذ مشروع الطالباني

آن الأوان لتنفيذ مشروع الطالباني
آن الأوان لتنفيذ مشروع الطالباني

2018-12-13 00:00:00 - المصدر: رووداو


بعد سقوط نظام صدام حسين وعودة الكورد إلى المناطق الكوردستانية التي تقع خارج إدارة إقليم كوردستان، ظهرت بين الكورد وبغداد، بين كورد وعرب تلك المناطق، بين الكورد والتركمان، وبين أطراف المشكلة هؤلاء وأمريكا، رؤى مختلفة تتعلق بكيفية حل مشكلة التغيير الديموغرافي لتلك المناطق، كما ظهرت بين الأحزاب الكوردستانية وحتى داخل الحزب الواحد، توجهات عديدة بخصوص العثور على حلول للمشاكل، وبعد مرور أشهر من المحادثات المكثفة بين كل هؤلاء، تم الاتفاق على صيغة تم تثبيتها في المادة 58 من قانون إدارة الدولة العراقية الموقت ثم في المادة 140 من الدستور العراقي الدائم.

المراحل التي تضمنتها المادة 140، كانت عبارة عن (التطبيع، ثم التعداد السكاني، ثم الاستفتاء)، ووضعت إجراءات تتعلق بكل واحدة من هذه المراحل، كان يجب على الحكومة الاتحادية ورئاسة الجمهورية تنفيذها، وأبدى المالكي في برنامجه الحكومي نوعاً من التزام حكومته بواجباتها الدستورية تجاه هذه القضية، وشكل لجنة، وخصص موازنة، وتم تنفيذ جزء بسيط من العملية، وتسببت تداعيات المرحلة الأولى من التطبيع، إعادة العرب الوافدين وعودة الكورد المرحلين إلى ديارهم، في ظهور عقبات، كما أسفرت التدخلات الإقليمية وتدخل الأمم المتحدة في تجميد العملية، ومنح بغداد حجة للتملص من مسؤوليتها عن تنفيذ المادة والإجراءات المرتبطة بها.

وقدر تعلق الأمر برئيس الجمهورية وواجبه الدستوري في إطار مرحلة التطبيع، كان على رئيس الجمهورية أن يقدم مشروعاً للبرلمان لتصحيح التغييرات الإدارية التي أجريت في المنطقة لتغيير واقعها الديموغرافي منذ العام 1968، كان على مام جلال أن يفعل ذلك. لكن سببين رئيسين منعاه من هذا في حينه، أولهما أن رئيس الجمهورية ونائبيه كان لهما في تلك الدورة حق النقض، وكان الدستور يقضي بأن يقدم المشروع بموافقة الثلاثة معاً. وقف العرب السنة والتركمان ضد مرحلة التطبيع تلك، ووقف طارق الهاشمي، بدعم العرب السنة في الداخل وبتشجيع من تركيا ودول عربية، عقبة في وجه المشروع، وتعرض الطالباني للانتقاد لإحجامه عن طرح المسألة في أي من اجتماعات الرئاسة، وكان السبب الثاني مرتبطاً باختلاف الرؤى داخل قيادة الاتحاد الوطني الكوردستاني.

فمنذ البداية، كان هناك اتجاهات مختلفان داخل قيادة الاتحاد الوطني، بخصوص حل مشكلة هذه المناطق وخاصة كركوك، كان أحد الاتجاهين يرى أن الظروف مواتية لضم كركوك إلى كوردستان من خلال انتهاج سياسة صائبة وتقديم نموذج جيد لإدارة كركوك والتعامل بواقعية مع المكونات الأخرى، وأنه لا حاجة إلى وضع جزء آخر من جغرافيا الإقليم تحت سيطرة بغداد، والذي لا يستبعد أن يدفع بغداد للطمع في كركوك ووضع المزيد من العقبات في طريق استعادتها، وبهذا سنفقد المزيد من جغرافيانا. كما أن وجود النفط والغاز في جمجمال، جعل هؤلاء ينظرون إلى جمجمال كأساس متين لاقتصاد السليمانية المستقبلي، وكان أصحاب هذا التوجه يضغطون على مام جلال لعدم إعادة إلحاق جمجمال وكفري وكلار بمحافظة كركوك.

أطلقت فترة دورته الرئاسية الثانية، يد مام جلال أكثر، فلم تعد أمامه عقبة حق النقض الدستورية لنائبيه، كما أن انفصال جناح الإصلاح عن حزبه، الاتحاد الوطني الكوردستاني، زاد من سلطته داخل الحزب. فتعرض الطالباني مراراً للانتقاد على مستويات عليا في الداخل الكوردستاني ووصف بأنه سبب لعدم تنفيذ المادة 140، كما أن رئيس الوزراء المالكي، ورداً على نفس الانتقادات، تملص من المسؤولية وقال لقد أدينا الواجب المترتب علينا والموضوع عند رئيس الجمهورية الآن. لذا وفي نهاية شهر تشرين الأول من العام 2011، ونتيجة مجموعة ضغوط وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على انقضاء موعده، قدم مام جلال مشروعه للبرلمان، وكنت حينها واحداً من معارضي المشروع، وعبرت عن ذلك بمقال (التحالف، لا تصوتوا لصالح مشروع الطالباني)، وأوضحت السبب وكان له تأثير بعض الشيء على تغيير التوجهات.

ومنذ نهاية العام 2011 وحتى 16 أكتوبر 2017، كان النفوذ الكوردي السياسي والإداري والاقتصادي والعسكري في كركوك يتزايد باستمرار، وكانت الفرصة مواتية ليعقد الكورد اتفاقاً سياسياً آخر مع العرب والتركمان لإدراج كركوك ضمن إطار إقليم كوردستان، لكن تراكم مجموعة من المشاكل ثم أحداث 16 أكتوبر، أدت إلى إعادة كركوك إلى المربع الأول، فباتت كركوك وجميع المناطق الكوردستانية الأخرى الواقعة خارج إدارة الإقليم، تواجه تهديدات ومخاطر التطهير العرقي كما كانت الحال في عهد صدام.

أليس الوقت ملائماً الآن ليعمل الكورد على مشروع الطالباني في البرلمان العراقي، من أجل إلغاء التغييرات الإدارية التي أجريت بهدف التطهير العرقي؟ خاصة وأن العقبات السابقة لم تعد قائمة. كان السنة والتركمان يعارضون المشروع بشدة في السابق، التركمان بسبب كركوك، والعرب السنة لنفس السبب ولأن التغيير كان سيشمل جميع مناطقهم من خلال المشروع وتتقلص جغرافياهم ضمن العراق نتيجة لذلك، حيث أن تلك الجغرافيا توسعت في زمن البعث على حساب جغرافيا كل من الكورد والشيعة.

بعد الضعف الذي اعترى السنة على الساحة السياسية العراقية، لم يعد بإمكانهم التصدي للمشروع، كما أن مصلحة الشيعة تكمن في استرجاعهم المناطق الإدارية السابقة وإلحاقها بالمحافظات الشيعية والذي سيؤدي إلى تقليص المناطق السنية كثيراً. أما الكورد، ونتيجة لما يجري في كركوك وطوزخورماتو، فإن مصلحتهم تكمن في إعادة إلحاق طوزخورماتو وجمجمال وكفري وكلار بكركوك، خاصة بعد نشوء الوضع الخاص الذي تلا 16 أكتوبر واستقدام موجات من العرب إلى كركوك.

لاحظوا أنه في العام 2005 لم يرض العرب والتركمان بإجراء انتخابات في كركوك، لكن بعد 16 أكتوبر بفترة قصيرة قرروا في البرلمان العراقي أن تجري انتخابات مجلس محافظة كركوك هذه المرة جنباً إلى جنب انتخابات مجالس المحافظات العراقية، والسبب واضح، الأرضية ممهدة وملائمة لتراجع نسبة الكورد، والطريق الوحيد لرفع نسبة الكورد والحفاظ على التوازن في مواجهة سياسة التعريب هو إعادة ربط جمجمال وكفري وكلار بكركوك إدارياً، والذي سيضيف 470000 كوردي إلى عدد سكان كركوك، ويرفع نسبة الكورد فيها إلى حد الأمان.

لكن هل تركت الخلافات بيننا، وصراع المصالح الحزبية والشخصية بين السياسيين، مجالاً للتفكير في هذا الحل لكركوك؟

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الإعلامية.