العراق يعتزم مقاضاة أمريكا
يعتزم العراق، مقاضاة الولايات الامريكية المتحدة، في المحاكم الدولية بسبب "مماطلة" الجانب الأمريكي بإعادة الأرشيف اليهودي للعراق.
وكانت القوات الاميركية ابان دخولها العراق العام 2003 استولت على آلاف الوثائق والمستندات التي تم اخذها من الطبقة السفلية المهدمة من مبنى الاستخبارات السرية "المخابرات" في بغداد، من بينها 2700 وثيقة خاصة بالمكون اليهودي العراقي.
وتم نقل هذه الوثائق ضمن اتفاقية مبرمة آنذاك بين سلطة الائتلاف المؤقت والجانب الاميركي الى ادارة الوثائق الوطنية في واشنطن لغرض ترميمها ومن ثم اعادتها بعد مدة لا تتجاوز العشر سنوات الى الحكومة العراقية لكن القضية جوبهت بالمماطلة من قبل الجانب الاميركي منذ ذلك الوقت.
وقال وكيل وزارة الثقافة ورئيس اللجنة العليا لإدارة ملف الوثائق العراقية المفقودة طاهر الحمود في تصريح صحفي "شكلت بموجب الامر الديواني (46) لجنة وطنية برئاسة وكيل وزارة الثقافة وممثلي الامانة العامة لمجلس الوزراء ووزارة الخارجية وجهاز الامن الوطني ومستشارية الامن الوطني، لاسترداد الوثائق العراقية المفقودة المهمة المتعلقة بالأرشيف العام لمؤسسات الدولة الاستخباراتية والامنية للنظام السابق، وبعض الوثائق الحساسة المتعلقة بحزب البعث قيادة وافرادا، اضافة الى الارشيف اليهودي الذي تم تسليمه بموجب مذكرة تفاهم وقعت على عجل بين سلطة الائتلاف المؤقت والجانب الاميركي".
وأكد الحمود "ضرورة ان تتولى بموجبها مؤسسة نارا ترميم الارشيف وترقيمه بشكل معاصر ومن ثم اعادته الى الحكومة العراقية".
لكن بدت على ملامح حمود علامات الامتعاض بسبب عدم التزام الجانب الاميركي بإعادة الارشيف بحجة انه عائد للمكون اليهودي، لافتا الى ان قرار الامانة العامة لمجلس الوزراء في العام 2010 كان واضحا عندما اكد ان هذا الارشيف وطني وبإمكان الحكومة العراقية استعادته، الا ان هذا الامر لم يتحقق ولم تلتزم اميركا منذ العام 2014 بأي وعد قطعته معنا في استرجاعه، الا ان بعض وسائل الاعلام اعلنت اعادته بداية ايلول الماضي 2018 المدة التي لم يكن لدينا علم مسبق بها كلجنة.
من جهته طالب المختص في الاثار الدكتور عبد الامير الحمداني في تصريح صحفي، الجهات المعنية باستعادة الارشيف اليهودي الى العراق، واتخاذ الاجراءات الفورية والحاسمة بموجب الوثيقة التي تم الاخلال بها وعدم تنفيذها من قبل الجانب الاميركي الذي اثبت خلال السنوات الماضية عدم مصداقيته في اعادة الارشيف الى البلد الام بحجج واهية، بدليل وجود الارشيف في مركز الوثائق الوطنية الاميركية في واشنطن بعد انجاز ترميمه وصيانته منذ اكثر من عشر سنوات، مشيرا الى ان القرار السليم للمحافظة على سيادة الدولة اعادة كل ما يتعلق بالعراق من وثائق وقطع اثرية وان كان ذلك بدعوى قضائية دولية مستغلين ثغرة الاخلال بالاتفاق المبرم سابقا وعدم تنفيذه ضمن المدة المحددة.
وكشف وكيل وزارة الثقافة ورئيس اللجنة الوطنية"، ان هناك طلبات تمديد المدة من قبل الجانب الاميركي التي من الممكن الموافقة عليها ولكن بشروط محددة احدها ان يكون هذا التمديد الاخير، وفي حالة عدم التزامه باحد بنود الاتفاقية في استرجاعه ليس لدينا الا القضاء الدولي.
وبين ان "الوزارة هيأت مخازن خاصة لحفظ الارشيف اليهودي من اجل استيعابه، الا انه من الناحية اللوجستية نحن بحاجة الى بعض الوقت لاستكماله واستقبال الارشيف حسب المدة المحددة لاستعادته هذا في ما يخص الارشيف اليهودي".
واوضح الحمود، ان "ما يتعلق بأرشيف حزب البعث المنحل لم تتول امره اي جهة رسمية وقد تم اخذه الى جامعة هارفارد التابعة الى ولاية كاليفورنيا، ولم تكن هناك اي تفاصيل عن هذا الارشيف حتى ابدى الجانب العراقي خلال السنوات الماضية المتمثل بمستشاري الامن الوطني التفاوض مع الجانب الاميركي حتى اصبح هناك اقرار بوجود هذا الارشيف وقد وضعت الية لاستعادته، كما هو الحال لأرشيف الدولة العراقية الذي يتضمن مئات الاف الوثائق من المراكز الامنية والوزارات والذي يسمى ارشيف الدوحة الذي وضع في قاعدة السيلية في العاصمة القطرية الدوحة".
ونوه "بوجود مفاوضات وصلت الى مرحلة متقدمة في استرجاعه لولا بعض العقبات اللوجستية المتعلقة بالتخصيصات المالية والامور الفنية التي تمنعنا من المباشرة في ذلك".
الى ذلك اكد احد المختصين بالاثار والمطلعين على مجريات القضية عن قرب، أن "المتحف الاميركي يستغل الارشيف اليهودي ماديا بعد ان اكملت عملية ترميمه، من خلال اشراكه بسبعة معارض جوالة، فضلا عن المواد الاعلانية والافلام الوثائقية التي تناولته حتى اصبح مصدرا دسما للاستغلال المادي، منبها على وجود موقع الكتروني مختص اعلن الجانب الاميركي عبره نيته اعادة الارشيف الى العراق ولكن لم ينفذ".
وبحسب ما تناقلته وسائل الاعلام، فان القوات الاميركية وباعترافها عثرت في الخامس من ايار العام 2003 على ما يقارب 2700 كتاب وعشرات الآلاف من الوثائق، من بينها كتاب مقدس باللغة العبرية عمره 400 سنة، وكتاب تلمود عمره 200 سنة من فيينا.
ومن ضمن الأرشيف اليهودي، الذي تم العثور عليه، كتاب صغير لصلاة عيد الفصح، يعود إلى العام 1902 ، وكتاب صلاة باللغة الفرنسية يعود إلى العام 1930 ، ومجموعة من الخطب المطبوعة بشكل جميل من قبل حاخام في ألمانيا في العام 1692، وهناك أيضا مجلدات مليئة بالسجلات المدرسية لطلاب من العام 1920 إلى العام 1975.