ديديه دروجبا - قصة "فيل" ملك القلوب والملاعب
بولا عطا فيسبوك
في يوم الحادي عشر من شهر مارس، عام 1978 كان تاريخ ميلاد أسطورة غير مكررة في أفريقيا وبالتحديد في أبيدجان عاصمة ساحل العاج، ديديه يفيس دروجبا تيبلي هو الاسم الرباعي لقائد منتخب كوت ديفوار لسنوات المجد على المستوى القاري الأفريقي والعالمي.
أصر عمه الذي كان يعيش في مدينة بريست الفرنسية اصطحابه عندما كان عمر الطفل خمس سنوات، ظل يتنقل من نادي لآخر حتى عمر الثامنة، من ثم قرر العودة لحضن اباه وأمه.
بدايته في ملاعب الكرة
عاد لبلاده في عمر الثامنة حيث أشتاق لوالديه اللذان كانا يعملان في بنك هناك في أبيدجان، مكث هناك ثلاث سنوات برفقتهم حتى عام 1989، حدثت حينها كارثة اقتصادية هناك بسببها أضطر والده ووالدته خسارة عملهما بسبب ذلك، قرروا أن يعيدوا إرساله لفرنسا مرة أخرى لعمه مايكل جوبا ليكمل دراسته هناك.
البقاء هناك مع جوبا في شمال فرنسا تحديداً منطقة دونكيرك، الحق حينها بفريق للمرة الأولى في حياته، وبدأ ديديه طريقه مع المستديرة في مركز الظهير الأيمن، انزعج عمه بسبب ذلك المركز ويتحدث له بكلمات غيرت مسار ديديه حين قال: لماذا تبقى هناك في الخلف؟ تقدم للأمام، في الكرة الناس تنظر فقط للمهاجمين.
مراحل صعبة وحرمانه من محبوبته قبل العودة
الذهاب نحو نوادي أبفيل وتوركوان، يتنقل حيث ينتقل عمه لاعب الكرة المحترف هناك، في عام 1991 عاد ليسكن في مدينة بريتاني مرة أخرى والتحق بفريق فان، في نفس العام الذي قررت عائلته الانتقال لفرنسا للعيش هناك.
حدث تخبط لدروجبا في دراسته واضطر ليرسب سنة بها، ليرد على ذلك والده أن يمنعه عن ممارسة الكرة لمدة عام، وتم إرساله ليسكن مع ابن عمه، عاد لوالديه في عام 1993 ليعيش في إحدى ضواحي العاصمة باريس مع أسرة مكونة من ست اخوة وأخوات.
عاد ديديه ليوقع مع إحدى فرق ضواحي باريس المسمى ليفالويس في سن الخامسة عشر، وقد بدأ الشاب الطموح في صنع اسم لنفسه هناك في البطولات المجمعة.
بداية طريق النجومية للاعب عندما وقع عقد مع نادي جانجون الفرنسي في موسم 2001-2002، ولعب للفريق هناك 49 مباراة، سجل خلالهم 23 هدف وظهر بأداء رائع وخطف أنظار مسؤولي فريق مارسيليا هناك حيث فريق ينافس على قمة الدوري في موسم 2003-2004، ولعب خلال هذا الموسم 55 مباراة سجل خلالهم 32 هدف، وبسبب ذلك الموسم قرر نادي تشيلسي الإنجليزي التعاقد معه مباشرةً.
مورينهو وتحويل الفيل لأسد
"تشيلسي يتعاقد مع مهاجم أولمبيك مارسيليا دروجبا مقابل 24 مليون جنيه إسترليني".
هكذا كان عنوان إحدى الصحف الانجليزية في صيف عام 2004، حينما قرر جوزيه مورينهو المدير الفني للفريق ضم المهاجم الإيفواري إلى فريقه الجديد آنذاك.
الصفقة لم تنل رضا الصحافة والجماهير التي انتقدت مورينهو بشدة لضم مهاجم بالغ من العمر 26 عاما بذلك المبلغ الضخم، لكنه أصر على وجهة نظره ليقول المقولة التاريخية: "احكموا عليه عندما يغادر".
اللعب في فريق تشيلسي وتحت قيادة جوزيه مورينهو كانت تلك فرصة دروجبا ليثبت لنفسه وعمه جوبا أنهما كانا في الطريق الصحيح حينما حاول الفتى مرة تلي الأخرى في مختلف الفرق والدرجات، تحول ديديه لمهاجم لا يهاب دفاعات الخصوم يمزقها كل ما حل وأرتحل.
مواقفه الوطنية كالرجال
تأهل منتخب ساحل العاج لكأس العالم لأول مرة في تاريخه عام 2006، وفي ذروة احتقال اللاعبين في غرف الملابس، وجه القائد ديديه رسالة لأبناء بلده أن يوقفوا الحرب الأهلية هناك ونزع السلاح، والعمل على توحيد الصفوف لمصلحة الوطن وهو ما حدث، فعل دروجبا في ذلك التوقيت ما عجز عنه السياسة، يحب الجميع هناك دروجبا ويراه الناس القدوة الحسنة هناك.
دروجبا يتربع على رأس الهدافين التاريخين لمنتخب ساحل العاج بتسجيله 57 هدف، خلال 83 مباراة دولية مع المنتخب وساهم في الصعود للمونديال العالمي مرتين متتاليتين.
صرح فرانك لامبارد قائد تشيلسي السابق عن دروجبا عقب اعتزال الأخير قائلاً: هو وحش في غرفة الملابس، صبور وقوي وغير أناني، وأضاف فرانك أن ديديه أحد أعظم اللاعبين الذين لعب بجوارهم خلال مسيرته الاحترافية كلاعب.
كان ديديه أحد أفراد الجيل الذهبي للبلوز تشيلسي الذي أعاد الفريق للفوز بالدوري الانجليزي بعد غياب 50 عام عن منصة التتويج، لعب مع الفريق خلال مسيرته 381 مباراة، سجل خلالهم 164 هدف، وقدم لزملائه 86 تمريرة حاسمة، ولعل أبرز أهدافه ذلك المسجل على بايرن ميونيخ في نهائي دوري الأبطال عام2012 في آخر اللحظات، ليساهم في حصد اللقب.
حظي ديديه بمسيرة حافلة، لعب خلالها 686 مباراة مع مختلف الفرق، وسجل 300 هدف، وصنع 114 هدف، وفاز خلال مسيرته بالعديد من الألقاب الجماعية أيضاً.
يسجل، يركض ثم يجثو على ركبتيه ناظراً إلى السماء يشكر الرب على تلك الفرص التي جاءت له ليثبت لنفسه قبل الآخرين أن كرة القدم والمستطيل الأخضر هما مكانه الأمثل لتلك الشخصية.
قرر ديديه أن يعلق حذائه بشكل نهائي هذا الموسم لينهي قصته مع محبوبته الكرة، وبشكل شخصي يبقى دروجبا هو اللاعب الذي جعلني أشجع واتعلق بكرة القدم، أتعلم الشغف، الحب والمثابرة حتى في أسوء الظروف، شخصيته الفريدة، موهبته العظيمة التي كرسها لفريقه وبلاده وكل ما كان يفعله "الفيل" كما كان يلقب، وإن كانت بلاده مشهورة بتصدير القهوة والكاكاو، سيظل ديديه العلامة الفارقة هو "فيل" بدرجة أسد ملك على القلوب والملاعب.