اخبار العراق الان

وحدات حماية الشعب الكوردية تزيد من توتر العلاقات بين الرياض وأنقرة

وحدات حماية الشعب الكوردية تزيد من توتر العلاقات بين الرياض وأنقرة
وحدات حماية الشعب الكوردية تزيد من توتر العلاقات بين الرياض وأنقرة

2019-01-16 00:00:00 - المصدر: رووداو


رووداو – أربيل

بعد الانتفاضات المتتالية لما يعرف بالربيع العربي، بدأت العلاقات بين الرياض وأنقرة تضعف، وما زالت تداعيات تلك الانتفاضات مستمرة، وتؤدي إلى توسيع الهوة بين البلدين، ويتوقع الخبراء أن يفاقم البعد الكوردي للمشكلة السورية أزمة العلاقات بين القوتين السنيتين الكبريين.
من صداقة استراتيجية إلى خصومة جيوسياسية

شهدت العلاقات بين السعودية وتركيا الكثير من المد والجزر، بعضه مرتبط بالانقلابات العسكرية المتتالية في تركيا، وبعضها الآخر مرتبط بمشاكل العالم العربي.

في العام 1951 (بعد سنتين من تشكيل المنظمة) انضمت تركيا إلى منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وكونت علاقات وثيقة مع إسرائيل، الأمر الذي كانت السعودية ودول عربية أخرى تعتبره خطاً أحمر، لكن تركيا غيرت وجهتها في العام 1969 وانضمت إلى (منظمة المؤتمر الإسلامي) الذي أصبح اسمه في ما بعد (منظمة التعاون الإسلامي). في العام 1975، بدأت تركيا علاقات مع (منظمة التحرير الفلسطينية)، واستمرت هذه العلاقات المشرقة في جزء من ثمانينيات القرن المنصرم، لكن دعم السعودية لسوريا وانقلابات الثمانينيات والتسعينيات التركية أدت إلى تأزيم العلاقات من جديد.

وكما كان متوقعاً، بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في العام 2002، عادت الحيوية إلى علاقات الرياض – أنقرة من جديد، حيث كان رئيس الحزب، رجب طيب أردوغان، يولي اهتماماً كبيراً منذ البداية بتعزيز العلاقات مع العالم العربي، وفي العامين 2006 و2007، كان الملك عبدالله أول ملك سعودي يزور تركيا منذ أربعين عاماً، وخلال الفترة 2009-2011 زار أردوغان السعودية أربع مرات، وأدت هذه العلاقات السياسية المتينة إلى تعزيز التبادل التجاري بين البلدين.

لكن الربيع العربي، وخاصة أحداث مصر، أنهت مرة أخرى شهر عسل العلاقات بين أنقرة والرياض. فقد ساند أردوغان المتحمس لفكر الإسلام السياسي والإخوان المسلمين تلك الانتفاضات، بينما كانت السعودية ترى أن أحداث الدول العربية تهدد استقرارها الداخلي.

في انتخابات 2012 المصرية، كانت الحكومة التركية تدعم مرشح الأخوان المسلمين، محمد مرسي، ثم سقطت حكومة مرسي في العام 2013 بانقلاب عسكري، فأدانت تركيا الانقلاب وقدمت السعودية مليارات الدولارات لدعم حكومة عبدالفتاح السيسي الجديدة، بهدف تثبيت أقدامها.

بقي الأخوان المسلمون، بعد أحداث الربيع العربي في مركز الصراع الجيوسياسي بين السعودية وتركيا، لهذا ليس من المستغرب أن تجد السعودية وتركيا نفسيهما في جبهتين مختلفتين عند ظهور الأزمات التجارية والدبلوماسية الخليجية في العام 2017، حيث فرضت السعودية وحليفاتها عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على قطر، بينما هبت تركيا لنجدة قطر، وكان دعم الدوحة للأخوان المسلمين واحداً من نقاط الخلاف الرئيسة بين السعودية وقطر.

البعد الكوردي في الأزمة

في السنوات الأولى للحرب الأهلية السورية، وجدت القوتان السنيتان الكبريان نفسيهما في جبهة واحدة هدفها إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وبلغ تعاون الرياض وأنقرة على تشكيل تحالف جيش الفتح ذروته. ضم جيش الفتح الذي تشكل في ربيع العام 2015 الجماعات السنية المسلحة داخل المعارضة السورية، وحقق انتصارات كبيرة في جنوب وشمال سوريا.

يرى الباحث في معهد الشرق الأوسط، برول باشكان، أن انتصارات جيش الفتح أدت إلى التدخل الروسي المباشر في سوريا والميل بكفة التوازن في ميادين القتال وقاعات المفاوضات لصالح النظام السوري، وفي نفس الوقت "تغيرت المعادلات الجيوسياسية، حيث لم تعد السعودية متمسكة بإسقاط نظام الأسد، بعد التدخل الروسي، كما أدى هذا التدخل إلى تركيز انتباه تركيا على وجود وحدات حماية الشعب.

وفي خضم الأزمة التجارية والدبلوماسية الخليجية، أمّنت تركيا متنفساً لقطر، عندما أرسلت أنقرة الغذاء والقوة العسكرية إلى الدوحة، ما ساعد الأخيرة على "الصبر الستراتيجي" خلال تلك الأزمة وعدم الرضوخ لمطالب السعودية وحلفائها.

هذه الخطوات التركية أفشلت مخططات السعودية وحلفائها، وجاء رد السعودية والإمارات في شرقي وشمال شرقي سوريا، بحيث بدأ الإعلام التركي بعد أيام من أزمة قطر يتحدث عن اجتماع وفد سعودي مصري إماراتي مع وحدات حماية الشعب.

في تشرين الأول 2017، زار وزير شؤون الخليج السعودي، ثامر سبهان، صحبة المبعوث السابق للرئيس الأمريكي إلى التحالف الدولي لمحاربة داعش، بريت مكغورك، مدينة الرقة التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية. تزامن هذا الخبر مع إبراز نبأ قتل جمال الخاشقجي في القنصلية السعودية بالرياض.

كان العامان 2017 و2018 من أصعب الفترات بالنسبة لعلاقات أنقرة – الرياض، واليوم ومع انتشار شائعة المساعدة العسكرية والدبلوماسية من جانب السعودية وحلفائها للقوات الكوردية في كوردستان سوريا، ليس مستبعداً أن يكون العام 2019 أصعب من العامين السابقين على علاقات البلدين.