اخبار العراق الان

صيدُ الحَجل

صيدُ الحَجل
صيدُ الحَجل

2019-01-18 00:00:00 - المصدر: رووداو


الحجل حيوان برّي جميل، يتميز عن بقية الحيوانات بمنظره وصوته، وهو شديد الحذر، ولكن يمكن اصطياده، ولطالما أنه يعيش في الجبال فإنه مرافق للكورد وعبر التاريخ والأساطير حتى، وامتداداً ليومنا الحاضر. الكوردي يحب هذا المخلوق الجميل، ويمكن أن تكون أغلى هدية يتلقاها يوماً، وأسعاره تقدّر حسب اللون وعذوبة الصوت وجماله.

اصطياد الجديد منه المعروف في الكوردوارية حياً يتم بالاستعانة بأسيرٍ سابق، حيث يعتني صاحبه به من غذاء وماء وعند الصيد يضع قفصه بجانب الشباك فيغرد ليجذب أحرار بني قومه لشِباك الصياد، وبالرغم من أنه حذر جداً إلا أن الطريقة ناجحة هكذا، ويكون الصياد قد جنى ثمار خيانة المأسور بأسر أحرارٍ طلقاء.

تشهد المناطق الكوردية في غربي كوردستان ومنذ مدة تهديدات تركية مباشرة، لتكرار العملية السابقة والمنفذة في عفرين قبل حوالي سنة، والحجة الموجودة هي تواجد عناصر من حزب العمال الكوردستاني (PKK).

مع اشتداد الضغوطات على أميركا ودول التحالف الدولي من قِبَل تركيا دقّ ناقوس الخطر ليبلغ ذروته، وكان التحرك واجباً فرضاً ومستعجلاً من قِبل جميع فئات الشعب، من بسطاء وفقراء وصولاً لنشطاء وسياسيين، لتجنب تكرار المأساة والتشرد والإجرام المرتكب في عفرين.

الإدارة المفروضة في غربي كوردستان، والتي باتوا يسمونها (شرق الفرات) أخذت تصعّد اللهجة المتحدية، وبأنهم مستعدون لخوض الحرب ودق الطبول، رافعين صور "عبد الله أوجلان" زعيم التنظيم المُطارد من قِبل تركيا، وأخذوا يعبئون الصفوف ويعلنون التعبئة العامة والاستنفار الكامل بنفس الطريقة في عفرين، ويسرّعون من حفر الخنادق والأنفاق الطويلة.

في الطرف المقابل كان لا بدّ للأمريكيين كحلفاء عسكريين في تلك الجغرافية التحرك وإرسال إشارات طمأنة للشريكة في حلف الناتو "تركيا"، فأخذت تصرّح بنقاط مراقبة ونفي العلاقة بين الحلفاء هناك والـ PKK وصولاً إلى تصنيف أعلى ثلاث قيادات من الحزب المذكور كمطلوبين لدى أجهزتهم الأمنية لقطع الطريق على تركيا وإنهاء حجة الاجتياح، وداعين لعدم استفزاز تركيا (من قبل الشركاء العسكريين في محاربة داعش والتي تديرها حزب الاتحاد الديمقراطي في قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب).

ورداً على الأمريكيين أخرجت الإدارة الذاتية الشعب في مظاهرات احتجاجية رافعين صور استفزازية بعكس مطالب وكلام أمريكا، مؤكدين أن ارتباطهم المباشر هو قنديل، مقدمين بذلك خدمة مجانية لتركيا ودليلاً قاطعا لصحة المزاعم التركية.

وبين ليلة وضحاها خرجت مبادرة من المؤتمر الوطني الكوردي (KNK) جناح غربي كوردستان (القسم الملحق بسوريا)، وكما صرّحوا فإنهم وبناءً على خطورة المرحلة سيعقدون اجتماعات لوحدة الصف الكوردي في هذه المرحلة المصيرية وبتصريح منهم قالوا ستفتتح مكاتب الأحزاب "المحظورة" ويخرج المختطفون السياسيون "إن وجدوا" (تنفيه الإدارة المفروضة منذ سنوات)، وستكون هذه الخطوات الأولى والتي ستلحقها أخرى! .

ولكن لم يتعرجوا على الموضوع الرئيسي وهو سطوة حزب العمال الكوردستاني على جميع مفاصل الأمور العسكرية والسياسية والخدمية حتى! .

- هل ستعقد الاجتماعات والنقاشات تحت صورة أوجلان، أم سيتم إدخال "پیشمرگه روژ"؟ 
- هل سيسحب النداء غير المشروط لدمشق، والجيش العربي السوري؟
- هل سيكشفون مصير المختطفين المختفين منذ سنوات؟

لم تذكر أيّ توضيحات حول الأمر، بل استمر التعنت برفض قوات پیشمرگه روژ، وتحت شعار وحدة الصف قاموا بتشغيل أدواتهم وآلتهم الإعلامية وبدون التعرج على هكذا استفسارات بدائية وأصبح السائل يتم التشكيك به، ليصبح تغريد الحجل في القفص مغرياً لاستقطاب المتبقين.

حقاً الشعار جميل ولكن لِمَ الهرولة لنظامٍ ديكتاتوري محكوم عليه ومتحكم به من قم وموسكو وشعاره واضح "كل مَن يعيش على الأراضي السورية هو عربي" ولم يعترف بأدنى حقوق للكورد في أضعف حالاته ورفض القوات الكوردية المنتظرة خلف فيش خابور؟.

الدعوة وبهذا الشكل يخدم طرفين:
النظام السوري:
حيث سيتم جمع الكورد بأكملهم وإعطائهم بعض الحقوق المحددة، ويكون النظام حينها وبهذه الطريقة جمع سرب الحجل كله وأوقعه في القفص وتحت إشراف تمثال الأسد في قامشلو "المربع الأمني" ويسحب الورقة الكوردية من المعارضة "الائتلاف" المعترف به دولياً كمعارضة للنظام، وأي تسوية سياسية حتمية ستكون المعارضة هي الرئيسية وبنفس الوقت ذلك يخدم الائتلاف "الشوفيني" نفسه، فيستفرد بالأفق الدولي ويمنع تداول القضية الكوردية وينهوها بالشراكة مع النظام للأبد.

تركيا:
إذا حصل أي اتفاق (وحدة الصف الكوردي) وصور أوجلان ما زالت حاضرة ستكون الحجة للإجرام بحق الجميع حاضرة تماماً، وهذا ما تتأمله تركيا للقضاء على الكورد، وهذا الحقد المتأصل والمتوارث سيتم إشباعه، ويكون هنا أيضاً سرب الحجل بكامله متاحاً للذبح.

إذاً ما الحل الأكثر معقولية؟
لا عيب في الاعتراف بالعجز والفشل والتنازل لأجل مصير شعبٍ كامل، وخاصة أن الظرف الدولي مناسب والأضواء مسلّطة على تلك المساحة الكوردية، ومطروحٌ هو مشروع المنطقة الآمنة بعمق يصل إلى 32 كيلو متر، كما نوّه الأمريكيون، وعدم اعتراض تركيا عليها.

في كلا الحالتين إن كانت المنطقة تحت إشرافٍ دولي أو تركي فلن يكون هناك قبول لتواجد رموز وأعلام منظومة الـ PKK، ولا ضير من التنازل للكوردي "المجلس الوطني الكوردي" فتواجده على الساحة الدولية واضح، وإن حصل اتفاق يقتضي إنهاء مظاهر تواجد العمال الكوردستاني فلن يبقى لتركيا حجة الاجتياح، وبالأخص تشكيل قوة مشتركة باسم جديد وتحت إشرافٍ دولي، والجو مهيأ تماماً الآن.

فهل سيتنازل حزب العمال الكوردستاني ويخطو للمرة الأولى بإنقاذ شعب كامل، أم سيكرر مآسي متكررة آخرها عفرين؟، هذا ما سيظهر في الأيام القادمة.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له أي علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الإعلامية‬‬‬.