اخبار العراق الان

جمال عبد الناصر يفجر غضبا شعبيا وجدلا سياسيا في موريتانيا

جمال عبد الناصر يفجر غضبا شعبيا وجدلا سياسيا في موريتانيا
جمال عبد الناصر يفجر غضبا شعبيا وجدلا سياسيا في موريتانيا

2019-01-29 00:00:00 - المصدر: قناة الغد


يشهد الشارع الموريتاني، حالة من الغضب الشعبي، والجدل السياسي، ويخيم على المشهد تساؤل: لماذ تم تغيير اسم الشارع الرئيس في العاصمة نواكشوط ويحمل اسم الزعيم العربي جمال عبد الناصر؟ وهل جاءت تلك الخطوة الرمزية إرضاء لأطراف بعينها وفي المقدمة «إخوان موريتانيا» وتيار الإسلام السياسي، بصفة العموم؟ وقد أصبح الإسلاميون قوة سياسية هامة في موريتانيا، وساهم النشاط الإسلامي في الأسلمة المستمرة للمجتمع الموريتاني.. أم جاء تغيير اسم شارع جمال عبد الناصر في رسالة لأطراف وقوى خارجية؟!

ويتفق سياسيون في نواكشوط مع قوى المعارضة ومنظمات أهلية، على أن قرار تغيير اسم شارع جمال عبد الناصر يرتبط بالتوجه الأيديولوجي الذي يتبناه نظام الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز.. وأدانت الأحزاب القومية واليسارية والناصرية، خطوة تغيير اسم الشارع، وأكد حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني (حاتم) الذي يرأسه صالح ولد حننا، أن القرار مرفوض على المستوى الشعبي والقومي، ولا مبرر لتغييره.. وقال حزب التحالف الشعبي التقدمي، برئاسة مسعود ولد بلخير، إن اسم الزعيم العربي يثير ثيرانا هائجة كثيرة حتى اليوم ، ويبدو أن هذا وراء  تغيير اسم الشارع الذي أثار غضب الشارع الموريتاني.. وانتقل الغضب الشعبي إلى وسائط التواصل الاجتماعي لتعبر عن نبض الشارع في موريتانيا العربية.

وأدى تغيير السلطات الموريتانية لاسم أشهر شارع في العاصمة نواكشوط إلى جدل سياسي تمت فيه مبادلة الاتهامات بين الأحزاب الموريتانية المعارضة والحزب الحاكم. بعد تغيير اسم «شارع جمال عبدالناصر» إلى «شارع الوحدة الوطنية»..ويحمل هذا الشارع اسم الزعيم الراحل منذ ستينيات القرن الماضي، أي منذ بداية تأسيس العاصمة نواكشوط، بعد الاستقلال عن فرنسا..وقال وزير الداخلية واللامركزية أحمدو ولد عبد الله، إن رئيس الجمهورية هو من أعطى أوامر بتغيير اسم الشارع، وأن هذا يأتي ضمن استراتيجية ستشمل العديد من شوارع العاصمة التى سيتم إعطاءها الطابع الوطني..وقالت الحكومة على لسان الناطق باسمها، سيدي محمد ولد محم، إن تغيير اسم الشارع «ليس استهدافاً ولاتقليلا من قيمة أحد، نحن أعطينا الأسبقية لأنفسنا فقط»

ولكن تبرير الحكومة زاد من سخونة الجدل السياسي، ومن الاحتقان الشعبي بسبب رفض التبرير «غير المنطقي..وغير الموضوعي.. وغير المقبول»، بحسب تعبير الدوائر السياسية والإعلامية في موريتانيا، والتى ترى في تغيير الاسم إلى «شارع الوحدة الوطنية»، محاولة للالتفاف على السبب الحقيقي وراء تغيير اسم جمال عبد الناصر، وان الوحدة الوطنية لا يرسخها اسم شارع، فضلا عن ان اسم جمال عبد الناصر كان وسيظل رمزا للشموخ العربي ولسيادة واستقلال الدولة وسياساتها ومواقفها العربية.. واوضح بيان للقوى الوطنية، إذا كان تبريرالحكومة بتغيير اسم شارع جمال عبد الناصر بانه يأتي ضمن استراتيجية  تعطي الطابع الوطني للشوارع، فإن جمال عبد الناصر كان رمزا للوطنية في كل دولة عربية، وسيظل  الرمز العربي للقومية العربية وللوحدة الوطنية.

وكان شارع جمال عبد الناصر الذي يصل طوله إلى 3320 مترا، حاضراً بشكل دائم في تفاصيل الأحداث البارزة التي عاشتها موريتانيا، وبه يوجد مقر الإذاعة الرسمية، ومنها ألقى الرئيس الراحل المختار ولد داداه، أول رئيس للبلاد، خطاباته الأولى، ومن هذه الإذاعة كذلك صدر «البيان رقم 1» في أكثر من مرة، منهيا حقبة رئيس وفاتحا الباب أمام رئيس جديد، في بلد شهد العديد من الانقلابات العسكرية..وظل شارع جمال عبد الناصر سابقا، مسرحا لعشرات المسيرات المناهضة لنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وأخيراً نظمت فيه مسيرة يتقدمها ولد عبد العزيز لمناهضة «خطاب الكراهية والتطرف».

وجرى تغيير الاسم في حفل حضره الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، وأعضاء الحكومة، وعزف للنشيد الوطني قبل أن يزيح رئيس الجمهورية الستار عن اللوحة التذكارية التي تحمل الاسم الجديد للشارع.. وهي مراسم غير مسبوقة في أية دولة  لمجرد تغيير اسم شارع، بحسب تعبير المعارضة الموريتانية، مؤكدة أن المشهد الرئاسي الرسمي نفسه يحمل رسالة لتغيير اسم جمال عبد الناصر!!

الغضب الشعبي لم يهدأ في  العاصمة الموريتانية «نواكشوط».. وقال حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني في بيان له إن «النظام الحالي دأب خلال السنوات الأخيرة، على تغيير الذاكرة الوطنية، وذلك من أجل أن تكون الدولة بدأت مع مجيئه فقط ولا تملك تاريخا ولا ذاكرة».. وتجاهلت إذاعة موريتانيا  قرار إعادة تسمية الشارع الذي يوجد فيه مقرها، وما تزال عبارة «شارع جمال عبد الناصر» محفورة على لوحة مبنى إذاعة موريتانيا (أعرق مؤسسة إعلامية وطنية واكبت قيام الدولة الموريتانية منذ بواكير التحضير للاستقلال الوطني)؛ حيث ينتصب مقرها، منذ زهاء ستة عقود، في قلب نواكشوط، مطلة على أعرق شارع وأشهره في العاصمة «شارع جمال عبد الناصر»..ورغم إشراف رئيس الجمهورية شخصيا، على تدشين التسمية الجديدة للشارع، ونقل وقائع حفل التدشين الذي تم بمحاذاة مقرها، عبر أمواج أثيرها؛ إلا أن التسمية القديمة ما تزال تزين اللوحة الإشهارية للإذاعة الموريتانية.

  • الغضب الشعبي والجدل السياسي، لم يخلُ من طابع سياسي حول الموقف من الزعيم العربي جمال عبد الناصر، والتيار الأيديولوجي الذي ينتمي إليه،  وهو تيار يملك جذورا قوية في موريتانيا ، ولكنها بدأت تواجه تحديا إسلاميا، وفي هذه الأجواء التي تشهد صعود  التيار الإسلامي، و«إخوان موريتانيا» نحو مرحلة غير مسبوقة من تاريخهم، فبحكم قيادتهم للمعارضة السياسية سيكون على إخوان موريتانيا قيادة حوار المعارضة مع النظام نحو تحقيق تداول سلمي للسلطة

قوى حزبية وشعبية في موريتانيا، اتهمت الدولة صراحة بأنها «تضرب الذاكرة الوطنية وتطمس الهوية العربية»..ووصف حزب التحالف الشعبي التقدمي، تغيير اسم الشارع بأنه «طمس لمعالم الماضي، وتنكر لرموز الأمة».. ودعا حزب التحالف الحكومة إلى التراجع عن «القرار المفاجئ»، ودعا كل القوى الوطنية وجماهير الشعب الموريتاني إلى التعبئة للوقوف في وجه هذه المحاولة.. وقال السياسي الموريتاني، محمد جميل ولد منصور، الرئيس السابق لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية : «ليس من المناسب أن نتعامل مع كل ما ورثناه من تاريخ الدولة الوطنية بعقلية التغيير والتغيير فقط، هناك أمور ورموز وأسماء تعوّد الناس عليها وليس من اللائق محو هذه الذاكرة والإساءة للمناسبات التي أفرزتها.. أسماء الشوارع تعبّر عن استحضار لحظات تنتمي إلى وقتها وزخمها وليس وارداً محاكمتها خارج سياقها وزمنها»..وأضاف ولد منصور: «جمال عبد الناصر كان زعيمًا وطنيًا وتحرريًا طبع مرحلة من تاريخ العرب والأفارقة، وليس مناسبًا ولا لائقًا تغيير اسم شارع حمل اسمه»

فيما ندد حزب اللقاء الموريتاني، بالقرار الذي اعتبره عدوانا على  «تاريخ واسم رمز عربي وإفريقي،  وزعيمًا تحرريًا، كرس عدم الانحياز نهجا والتحرر من عبودية الاستعمار عقيدة».. وقال الحزب في بيان له: «كان الراحل  جمال عبد الناصر الرافعة، التي استندت عليها حركات التحرر العربية والإفريقية والعالم ثالثيه، الساعية إلى تخليص بلدانها من عبودية الاستعمار واستعادتها لكرامتها الوطنية».. ومن جهته، وصف تيار الطليعة التقدمية القومي، في بيان رسمي، أن القرار  «خطوة مستغربة» من الحكومة الموريتانية، مضيفا أن «السلطات الموريتانية تعمل حاليا على إجراءات نزع اسم الزعيم الخالد جمال عبد الناصر عن أهم وأشهر شارع في العاصمة نواكشوط، بعد أن عرف به طويلا».. واعتبر التيار، أن القرار محاولة لانتزاع مكانة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في قلوب الموريتانيين كغيرهم من الشعوب العربية والأفريقية، بحسب البيان، داعيا السلطات إلى التراجع الفوري عن القرار.

  • في السياق ذاته، ناشدت اللجنة الوطنية لمقاومة التطبيع في موريتانيا الرئيس محمد ولد عبد العزيز للتدخل من أجل التراجع عن تغيير اسم الشارع، وقالت في بيان « إنها على ثقة بحس الرئيس محمد ولد عبد العزيز القومي الذي سيحول دون ذلك».. ولا يزال الشارع الموريتاني يشهد موجات من الغضب الشعبي والجدل السياسي عقب تغيير اسم أكبر شوارع العاصمة نواكشوط التاريخي، ويحمل اسم الزعيم التاريخي العربي جمال عبد الناصر..