عودة مسيلمة الكذاب!
ثامر الحجامي
من الظواهر الاجتماعية الخطيرة التي تهدد المنظومة الأخلاقية هي ظاهرة التسقيط السياسي والاجتماعي، التي تلقي بتداعياتها على التعايش الاجتماعي بين المكونات المختلفة، وأصبحت تستهدف شرائح اجتماعية مختلفة، وشخصيات سياسية أو دينية لها مكانة اعتبارية أو رمزية، ومحل احترام أو تقدير لدى الآخرين.
مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي أخذت هذه الظاهرة بالانتشار وتكونت "جيوش الكرتونية" مدعومة بالمال السياسي، يقودها أحزاب جندت المدونين وبعض الكتاب، ممن رهنوا أنفسهم وباعوا ضمائرهم بأباخس الأثمان، من أجل نشر الكذب والافتراءات، واختلاق أساليب من البدع والتضليل، للتأثير في العقل الجمعي، وتحقيق غايات سياسية ودينية دنيئة، ثير البغضاء والعداوة، ولها تداعيات خطيرة في صفوف المجتمع.
تبنى البعض التسقيط السياسي، واتخذه منهجا لضرب خصومه، بينما انبرى البعض الآخر لتشويه وتسقيط الرموز الدينية والاجتماعية، وباتوا يمارسون حيلهم التضليلية، عن طريق التشويه الفكري للموروث الديني والاجتماعي، ودس أفكارهم المنحرفة في حقائق ثابتة توارثها هذا المجتمع، مستندا في ذلك على المنبع الحقيقي لتلك الافكار والموروثات، بل أحيانا يرمون غالبية المجتمع العراقي، بتهم وأمور سيئة محاولين سلبه فضائله، رغبة في تسقيط هذا الكيان وأغلب موروثاته التي يعتقد بها.
أما حين يعجز هؤلاء المأجورون عن ضرب هذا المكون، والانتقاص من موروثاته الدينية والاجتماعية، يعمدون لضرب رموزه الدينية، فيحاولون إلصاق أقوال وافتراءات بها لتشويه صورتها، وسلبها مقامها الديني والاجتماعي، وبالتالي إضعاف دورها المؤثر الذي اكتسبته من خلال فكرها الذي تتبناه، ومن خلال صفاته الحميدة التي أثرت في المجتمع، وبذلك يتحقق عزل الفكر وعلمائه عن المجتمع، وتخلوا الساحة للمحرفين والمضللين لتهديم المنظومة الأخلاقية.
على مدى السنين الماضية انبرى الكاتب " علي سنبه " المعروف بسليم الحسني للقيام بهذا الدور معتمدا على منظومته الحزبية التي وفرت له غطاء إعلاميا وسياسيا، مستعينا بأفكار منحرفة وفرتها له "الحوزة اللندنية "، وقلم " باركر 51 " كقلم سيده، شاهرا خنجره المسموم، يدافع به عن "المختار" الذي أكثر له الأوراق الخضراء، جعلته يطبل لانتصاراته الوهمية، رغم إنه كان يتباهى بخلافه مع "عش الدبابير"، لكنه وضع رأسه في الرمال كالنعام عن رؤية الفساد والفشل، الذي وصلت إليه البلاد في عهد ولي نعمته!
لم يسلم من كتاباته لا صدر ولا عبادي ولا حكيم، ولا عبد المهدي الذي أطار عقله من رأسه، حين أصبح رئيسا لمجلس الوزراء.. وكأنه أستشعر زوال ملك مختاره الذي اجتباه، كانت جميع الكيانات السياسية في العراق مرما لسهام كلماته، إذا ابتعدت عن مسار القائد الضرورة! وجميع الأفكار والمشاريع السياسية، متهمة بالعمالة والخيانة ما لم تحظ برضا الزعيم، ولما طرد سيده بورقة من زقاق في النجف تغيرت البوصلة، وظهر خصم آخر لابد من محاربته وتوجيه السهام نحو صدره، لكن الحصن منيع والدفاعات قوية، فلابد من إضعافها وبث السموم والافتراءات، التي تزعزع مكانتها لدى المجتمع.
بدأ مسيلمة الكذاب أولى خطواته بالهجوم على جهاز المرجعية الدينية، بتلفيق الكذب والافتراءات على الوقف الشيعي ورئيسه السيد علاء الموسوي، وكتب مقالات كثيرة حول هدر الأموال في العتبات المقدسة، واتهاماته للسيد الصافي والشيخ الكربلائي، بأباطيل ما أنزل الله بها من سلطان، سوى في مخيلته المريضة التي أرهقها الجهل، هي نفس الأكاذيب التي مارسها سابقا ضد السيد محمد باقر الحكيم في المهجر، وأخيه السيد عبد العزيز الحكيم وصولا لمن بعدهم، واليوم أعادها مع المرجع الكبير السيد محمد سعيد الحكيم عند لقائه مع وزير الخارجية الفرنسي.
استكمالا لما خطط له الحسني، من الوصول الى استهداف المرجعية وتشويه صورتها لدى المكون الشيعي، فقد وصل الآن الى مهاجمة العالم الورع السيد محمد رضا السيستاني، مستعينا كعادته بالكذب والتلفيق، والإتيان بتسميات من بنات افكار الحسني الماسونية كالدولة العميقة وما شابهها، وكأنه يبكي دولتهم العميقة التي بدأت معاول الإصلاح تدكها.
لا غرابة مما يقوله علي سنبه الذي ادعى انتسابه الى النسب العلوي زورا وبهتانا، فمن يتجرأ على ذلك يتجرأ على غيره، ومن يسكن في لندن ويكتب باسم مزيف، أكيدا سيتهم غيره بالكتابة بأسماء مستعارة، لكن تدليسه لن يحجب الحقيقة الواضحة، التي تؤكد أن جيله وسيده ومن يمثله، أصبح منتهي الصلاحية غير مأسوف عليه.
- المقالات تعبّر عن وجهة نظر كتّابها